توقيت القاهرة المحلي 17:49:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بيان وزاري مكتوب بالدم

  مصر اليوم -

بيان وزاري مكتوب بالدم

طلال سلمان

نرجو أن ينتبه السادة وزراء الحكومة ـ المعجزة التي استولدت قيصرياً، وبعد فترة حمل قياسية، أنهم إنما يكتبون بيانهم الوزاري بدماء الشهداء، عسكريين ومدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، قضوا ظلماً وعدواناً في عمليات إرهابية ارتكبها ويرتكبها سفاحون أعماهم التعصب. لن نطالبهم بإنجازات خارقة، لا يملكون لا القدرة ولا الكفاءة ولا الوقت لإنجازها. ولن نطالبهم بشن حرب ساحقة على الإرهاب والإرهابيين. نطالبهم بالتخفيف من صداماتهم الدونكيشوتية، وبابتلاع تصاريح الشقاق والنفاق والمزايدات ذات المردود الطائفي والمذهبي والعنصري. احترموا أحزان شعبكم ولا تزيدوا أثقالها على الرعية الصابرة التي تنتظر بفزع التفجير التالي. [ [ [ سيولد اليوم، على الأرجح، البيان الوزاري لحكومة الأربعة والعشرين وزيراً التي تطلّبَ تشكيلها ـ مجرد التشكيل ـ سنة إلا أربعين يوماً، ورحلات من بيروت إلى الرياض، ومن الرياض إلى باريس مروراً بروما، ومن روما إلى واشنطن عبر جنيف ـ ميونيخ انتهاءً ببرلين وعبرها طهران... في حين كانت الاتصالات المباشرة متواصلة عبر العواصم ومراكز القرار من المصيطبة إلى عين التينة ومن كليمنصو إلى الرابية، ومن بكركي إلى بنشعي، مروراً بمعراب وانتهاءً بحارة حريك، لتجاوز حق الفيتو وإجازة المرور. أي أن التشكيل الذي تَنَافَسَ الجميعُ، خارجاً وداخلاً، على تسهيل أمره، قد استغرق حوالي السنة، وبالتحديد ثلاثمئة وعشرين يوماً، علماً أن العمر الافتراضي لهذه الحكومة هو مئة يوم إلا إذا... ما حدث وما يحدث غالباً من خارج التوقع ويتخذ شكل المفاجآت أو الصدمات أو التطورات الدراماتيكية التي تلغي الالتزام بالمواعيد الدستورية، وتبرر اللجوء إلى القاعدة الذهبية التي أدمنها اللبنانيون: الظروف الاستثنائية التي تفرض الخروج على الدستور وتبتدع أعرافاً وقواعد سلوك من خارج المألوف. ولسوف يضحك أهل النظام السياسي من رعاياهم أسرى الانقسام السياسي ـ الفكري ـ الطائفي ـ المصلحي، مرة أخرى: لقد ابتدعوا قواعد سلوك جديدة من خارج النص، سواء أكان دستوراً أم قانوناً أم عرفاً... ومتى كانت الدساتير أقوى من ملوك الذهب أو كان القانون أقوى من الرئيس الفرنسي أو العرف أقوى من البنادرة، خصوصاً أن الذريعة هي هي دائماً: "الحرص على الوحدة الوطنية والابتعاد عما من شأنه تعميق الانقسام بين العائلات الروحية(!!) اللبنانية، تجنباً للفتنة وتعزيزاً للحمة وتوكيداً لوحدة المصير..."؟؟! حتى دمشق الغارقة في الدماء شاركت في الاحتفال بالإنجاز اللبناني المذهل، وكذلك القاهرة المشغولة بهموم الإرهاب الإسلامي وإبداعاته الدموية اليومية، وبغداد طيرت برقيات التهنئة؛ أما في الفاتيكان فقد تبادل غبطة البطريرك القبلات مع بعض الذين سهلوا الولادة القيصرية التي كانت تهدد الوالدة والمولود والأهل أجمعين! هي لعبة بسيطة وإن تبدت معقدة: استبدل دمشق بالرياض، وفي حال الخلاف اهرب إلى التعميم: "الدول الشقيقة والصديقة". احذف ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" وضع مكانها "الجماهير والقوات المسلحة وطيور الأبابيل" أو أي تعبير يُجَهِّل صانعَ التحرير من دون ان يسيء إلى إسرائيل التي لم يعد ضرورياً الإشارة إليها بكلمة "عدو"، واشطب أي ذكر للنفط والغاز وَفَخِّمِ الكلماتِ الدالةَ على الرغبة في تحقيق التكافل والتضامن بديلاً من التحديد: العدالة الاجتماعية. هي كأي حكومة أو حكومات سابقة: حكومة الدول... قد يحدث تعديل طفيف في التسمية والتوصيف نتيجة الاختلال في المعادلات السابقة. لقد حَلَّتْ طهران محل دمشق وتقدمت الرياض من باريس بديلاً من واشنطن التي ترفرف راياتها خفاقة في كل مكان، وبات سفيرُها في بيروت سفيرَها في العواصم جميعاً يتنقل بالطائرة بدلاً من السيارة، والإنجاز يستحق مثل هذه التضحية... أَبَعْدَ هذا كله تريدون المضي قدماً في السخرية من هذا "الشعب الساذج" الذي "يقرأ الممحو" و"يفهمها وهي طائرة" فتزعمون انكم قد بلعتم كل الموانع الايديولوجية وأسباب التحريم بل التجريم، ثم توقفتم أمام الثلاثية الخالدة: الشعب والجيش والمقاومة!! كلمات هي، أيها السادة، كلمات... والحقائب تتسع لبضعة قواميس: عربي ـ عربي، عربي ـ فرنسي، عربي ـ انكليزي، انكليزي ـ فرنسي مطعم بالعبري. هي حكومة أسابيع، لا تستطيع ان تتحمل عبء كلمة ثقيلة كالمقاومة... ولكنها تستطيع الإعداد لانتخابات الرئاسة، وهي كونية بطبيعتها. اشطبوا ما شئتم من الكلمات. الكلمات اخطر من الحقائب والمناصب. المهم استيلاد الحكومة بأي ثمن. فلنستعد لدفع الثمن إذن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيان وزاري مكتوب بالدم بيان وزاري مكتوب بالدم



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon