توقيت القاهرة المحلي 09:26:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجيش اليتيم في عيده المحزن

  مصر اليوم -

الجيش اليتيم في عيده المحزن

طلال سلمان

وعينا الحياة والأول من آب عيد وطني: إنه يوم الجيش. تدريجياً، وتحت ضغط التطورات السياسية والصراع الطائفي على مواقع السلطة في لبنان، تقابلها النتائج الدراماتيكية للانقلابات العسكرية في سوريا ظل «العيد» واحداً في موعده، ولكن الاحتفال به اختلف باختلاف دور الجيش في كل من البلدين المتكاملين، نظرياً، المتباعدين سياسياً بحسب طبيعة النظام في كل منهما: إذ احتل الجيش أو بعض ضباطه من أهل الطموح مركز القيادة الكلية في دمشق، في حين ظلت القوات المسلحة النظامية في لبنان «رمزية»، عديدها محدود، وإمكاناتها فقيرة، وقرارها في يد السلطة السياسية ذات التراتبية الطائفية والمذهبية الصارمة: هي من يحدد العديد، والتوازنات في ما بينها، وهي التي تحدد شخص «القائد» ومعه «هيئة الأركان العامة» وسائر المواقع الحاكمة. غداً سيتنادى «الأهل» للمشاركة في احتفال الجيش بعيده السابع والستين، خصوصاً من له تلميذ ضابط سيتخرّج فيتسلّم من رئيس الدولة، وإلى جانبه قائد الجيش، سيفه وهو يقسم يمين الولاء للوطن. ولسوف ترف على الاحتفال لحظة فرح، قبل أن يسود الوجوم إشفاقاً على هذا الجيش مما يتهدده، وكله محرج ومسيء إلى موقعه كحارس للوطن وسلمه الأهلي. سيتساءل «الأهل»، الحاضرون منهم كما الذين يتابعون العرض العسكري على الشاشات: .. ولكن أين الوطن؟! وأين دولته التي ترعى هذا الجيش كمؤسسة وطنية جامعة؟! وكيف في غياب الوطن يمكن أن تحضر «الدولة»؟! ثم أية دولة هذه التي سيشارك رموزها القيادية في الاحتفال، ورئيسها يشكو النقص في «صلاحياته» ويراه سبباً لتعطيل دوره، وحكومتها مستقيلة لكن لا بديل منها لأن «المكلّف» لما يستطع إنجاز مهمته المستحيلة، والمجلس النيابي مقفل بالمزايدات والمناقصات والمناورات الابتزازية؟! ولكن أين الوطن؟! وفي غياب الوطن كيف تحضر الدولة؟ وفي غياب الدولة كيف يحضر الجيش كمؤسسة وطنية جامعة؟! وفي ظل هذا الاهتراء الذي يكاد يذهب بالدولة فيدمر مؤسساتها ومرافقها الحيوية ويبعثر مواردها بين النهب المنظم وانعدام المسؤولية وانتظار «الهبات» و«الشرْهات» والقروض والمساعدات التي لا تجيء، كيف يكون ثمة قرار بالخروج من دوامة العجز والفساد وكيف يحفظ ما تبقى من الدولة، وبالتحديد هذا الجيش الذي يكاد يكون آخر مؤسسة فاعلة؟! لن نتحدث عن الميزانية المحدودة، حتى لا نقول «التافهة»، ولن نتحدث عن المهمات المتتابعة والمرهقة التي يلقيها أركان السلطة على الجيش مع إدراكهم حراجة أوضاعه وصعوبة أن يعالج ما هو من مسؤولية أهل الحكم وفي صلب مهامهم القيادية.. ولن نتحدث عن إرسال الجيش إلى مواجهات قد تكلفه دماء عزيزة من دون تأمين الغطاء السياسي له في الجنوب والبقاع والشمال والجبل، فضلاً عن نشره ـ عارياً ـ في شوارع العاصمة كقوات فصل بين ميليشيات الزعامات والوجاهات والقبائل والعشائر الطوائفية.. سنتحدث فقط عن الإهانات الجارحة التي وُجهت إلى الجيش خلال الشهور القليلة الماضية عبر اللغط حول التمديد لقائده، ومعه رئيس الأركان، بعدما ذهب الإهمال المتعمّد وانعدام الشعور بالمسؤولية بالمجلس العسكري.. تمّ إسقاط هالة الهيبة، وتمّ التجرؤ على الكرامة الشخصية لقائد الجيش والأركان، وأخضعت عملية التمديد (بعد تعذر «التوافق» على البديل) للابتزاز السياسي والمزايدة الطائفية، وكل ذلك ينال من كرامة الجيش كمؤسسة وقيادته كمرجعية وطنية.. وقد يكون مفهوماً وإن لم يكن مقبولاً أن تطاول الاتهامات بالفساد وخراب الذمة والإهمال المقصود الطبقة السياسية التي سبق لها «الفضل» فدمرت الإدارة العامة وخربت التعليم الوطني وعمّمت داء الرشوة والمحسوبية والمحاصصة الطائفية والمذهبية في الإدارات والمؤسسات العامة.. ولكن غير المفهوم، فضلاً عن كونه غير مقبول، أن توجه كل هذه الإساءات العلنية إلى الجيش وأن تدرج قيادته في بورصة المزايدات والمناقصات الطائفية والمذهبية، بما يضرب معنويات هذه المؤسسة الوطنية. وبعد ذلك يحدثونك عن عيد الجيش ويذهبون إليه بـ«اللباس الرسمي» وألقابهم الطنانة ومخاوفهم من الانفلات الأمني والهياج الطوائفي وانعدام القرار السياسي وخواء الخزينة وتفاقم الدين ومنع المصطافين والسياح بتعليمات ملكية من القدوم إلى وطنهم الثاني، لبنان، حيث يملكون ما يوازي ملكيات مواطنيه وأكثر.. هل من الابتذال أن نردد بيت الشعر المجسّد لأحوالنا، في لبنان ومن حوله: عيد بأية حال عدت يا عيد؟! نقلاً عن جريدة " السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش اليتيم في عيده المحزن الجيش اليتيم في عيده المحزن



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

GMT 05:05 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

GMT 05:00 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الأولوية لا تزال لأهل غزة في محنتهم

GMT 04:59 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«دقوا الشماسي م الضحى لحد التماسي»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon