توقيت القاهرة المحلي 10:21:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين المصالح وهموم المصير

  مصر اليوم -

بين المصالح وهموم المصير

طلال سلمان

في جلسات الحوار الذي أدارته «السفير» على امتداد أسابيع مع الهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة والغرف التجارية، والجاري استكماله مع الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية، لم نسمع كلمة «الطائفية» مرة واحدة. لبى الجميع الدعوة إلى طرح مشكلاتهم وقد وحّدت المصالح والهموم والخوف من المستقبل وعليه لغة المحاورين، لا سيما في كل ما يتصل بتأثير الصراع الدموي في سوريا بين النظام المتمسك بمواقفه، ومعارضاته متعددة الاتجاه والانتماء السياسي بخلفية دينية تداني السلفية وتقارب «القاعدة»، على الاقتصاد اللبناني أضراراً وخسائر فادحة، ومن ثم على الأوضاع الأمنية، فضلاً عن المخاطر المضافة على الوحدة الوطنية بل على الكيان بمقوماته جميعاً. وظل السؤال معلقاً عن شروط حماية لبنان من انعكاسات «الحرب» الفعلية الدائرة رحاها في سوريا، والتي لامست نيرانها الحدود الشمالية في عكار بداية، خصوصاً مع افتضاح عمليات تهريب السلاح و«المجاهدين» إلى أرض المعركة، قبل أن تتساقط قذائفها على الحدود مع البقاع والتي أودت بحياة بعض المواطنين في منطقة الهرمل وجوارها حيث يتداخل السكان مع جيرانهم ـ الأهل من السوريين، عائلياً، كما في العقارات والأراضي الزراعية. عند الحديث عن المصالح تتراجع المواقف السياسية والعواطف إلى المرتبة الثانية، ويتبدى استخدامها أقرب إلى الاستثمار منه إلى التعبير عن الرأي، لكن هموم المصير التي تجمع وتوحّد اللبنانيين في هذه الدولة قيد التأسيس، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية، تظل هي الطاغية، تتهاوى أمامها التباينات السياسية التي تتبدى، بدورها، كاستثمارات لها فوائدها المجزية. وإذا كانت الطبقة السياسية تتقصّد تحويل الخلاف في الرأي إلى صراع بهوية طوائفية، فإن الامتحان الذي تفرضه عليها هذه الحرب المدمرة الدائرة على الأرض السورية والتي تتهدد دولتها التي طالما وُصفت في ماضيها بأنها «قلب العروبة النابض» ينبغي أن يستنفر شعور اللبنانيين بالخطر والنهوض لحماية وحدتهم الوطنية المعرّضة لنار الانقسام والفرقة. لم يكن مصير لبنان، شعباً واحداً بغض النظر عن الانتماءات الطائفية والمذهبية، وكياناً سياسياً طالما صدعه الاستثمار السياسي المتداخل مع النفوذ الأجنبي، في قلب الخطر كما هو اليوم. وعبثية هي المناقشات والمحاورات والمناكفات بالمزايدة والمناقصة التي تدور من حول مسألة تشكيل الحكومة و«طبيعة» القانون العتيد للانتخابات النيابية. إنها تتجاوز الجدل البيزنطي الشهير بالمخاطر الداهمة التي تتهدد هذا الوطن الصغير ليس بكيانه السياسي ونظامه الفريد، فحسب، بل بوحدة شعبه المهدد أصلاً بالتوزع في «كانتونات» متباعدة إلى حد الخصومة، بل ربما وجدت وسوف تجد من يغذيها حتى تصير عداء بين الإخوة. نتوحد أو نخسر مستقبلنا مع حاضرنا! إن النظام في سوريا يخوض معركة وجوده، ومعارضاته متعددة التوجه والانتماء تعجز عن التوحد برغم كل الضغوط الدولية لجمعها في إطار سياسي متماسك يغلب عليه «المنظر العلماني» فيطمس هيمنة «الجهاديين» من الأصوليين الذين توافدوا من أربع رياح الدنيا، والذين لا يتوقفون أمام مخاطر التقسيم والصوملة واندثار الدولة وشعبها الأبي الذي طالما ضحى من أجل القضايا العربية، وأولها وأخطرها فلسطين. إن واجب حماية الوطن ينادي الجميع. وليس بالخلافات المتفاقمة حول تشكيل حكومة لن تعيش أكثر من شهور، وحول قانون انتخابات لن يحسن في صورة التمثيل الشعبي، يمكن حماية الوطن والدولة وشعبها الذي لا يكاد يتغلب على محنة حتى ترميه الطبقة السياسية في محنة أقسى، باسم حماية النظام... كأنما الهدف المقدس هو «النظام» ولو من دون دولة، وحتى من دون شعب، وبالذات: الشعب الموحد. نقلاً عن جريدة " السفير "  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين المصالح وهموم المصير بين المصالح وهموم المصير



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon