توقيت القاهرة المحلي 04:51:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غسان الرفاعي:الغربة وطناً!

  مصر اليوم -

غسان الرفاعيالغربة وطناً

طلال سلمان

لم تفاجئنا، يا أبا شريف، برحيلك الذي تأخر بمسافة مليون قذيفة ومليون صاروخ ومليارات الرصاصات التي نخرت جسد سوريا ودمرت بنيانها وأحرقت مستقبل أبنائها الذين صار الأحياء منهم لاجئين، بنسائهم والأطفال، بالدور الخطير والذكريات الندية عن وطن تمزقت خريطته وتهاوت دولته التي كانت تتباهى بمناعتها وصمودها الأسطوري. ليس خبراً اعلان وفاتك. لقد غادرتنا مع أول رصاصة أطلقت تهوراً على روح سوريا ومستقبلها. الغريب انك استطعت، بسبب من روحك المشعة، ان تصمد لسنتين مثقلتين بالأخطاء قبل الضحايا وبالانحرافات قبل الدمار الثقيل. غسان الرفاعي: أيها الكاتب بروحك قبل قلمك، بثقافتك العريضة قبل رأيك، بمرحك الذي تخفي السخرية فيه عمق الوجع الذي عشته دهراً، وحين ابتعدت صحبك إلى باريس التي تعرفها، بلغتها وثقافتها وفجورها وضياء مدنيتها أكثر من أهلها... ولكن حنينك إلى الشام التي حملتها بعراقتها معك، وإلى جانبها حمص الولاَّدة، وإدلب التعليم، وحلب الثقافة والفن، ظل هو الطاغي على تفكيرك وأحاديثك وحبر الكتابة الذي دبجت به مقالاتك التي تفضح بالسخرية عمق الوجع الذي أصاب روحك في «منفاك» الفخم. ليس أقسى من الحياة في الغربة إلا الموت فيها... ولقد عانيت في الموقعين، وعانت معك أسرتك التي رفضت ان تخلع جلدها، والتي ظلت بروحها في موطنها، لا تغادره ولا يغادرها. أيها الإنسان الذي ظل أقوى من وجعه، واستمر يحمل وطنه في قلبه وروحه وفوق سن قلمه، وفي كل كلمة كتبها أو نطق بها: نكاد نحسدك على رحيلك قبل أن تشهد اكتمال الكارثة الوطنية ـ العظمى، التي تستنزفنا فصولها الدموية الرهيبة، وتجعل الموت خياراً مرغوباً، هرباً من نهاياتها المفجعة التي تنذر باضمحلال الأمة وسقوط رايات النضال الطويل من أجل غدها الأفضل. غسان الرفاعي: برغم كل شيء لن نتنكر لوجوهنا وعيون أبنائنا والأطفال، لن نخجل من هوياتنا وسمرة البشرة، وسنظل نشد على راية العروبة حتى آخر نفس. إلى اللقاء، يا أبا شريف... يعز عليّ انني لم أسمع ضحكتك المميزة حين جاءك ملاك الموت. ولعلك سألته مداعباً: لماذا تأخرت؟! خالص العزاء للدكتورة ـ الرائدة أم شريف، ولهالة وشريف ووسيم وسائر أفراد الأسرتين: العائلة وكل من قرأ فانتشى وزاد إيماناً بأرضه. نقلاً عن جريدة " السفير "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غسان الرفاعيالغربة وطناً غسان الرفاعيالغربة وطناً



GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

GMT 02:33 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

«متعلّمة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 02:58 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
  مصر اليوم - فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon