توقيت القاهرة المحلي 11:30:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ممسك بجمر عروبته

  مصر اليوم -

ممسك بجمر عروبته

طلال سلمان

من مجلة أهل النفط بقيادة الرائد عبد الله الطريقي التي أدخلت إلى وعينا قضية ثروتنا التي تستخدم ضد إنساننا وبلادنا، امتدت الصداقة فكريا وشخصياً مع عبد الرحمن منيف، الى مدن الملح. ...وها هو الملح الذي صار ذهباً اسود يحرق عيوننا يا عبد الرحمن ويكاد يحرق بلادنا جميعاً يشوه قيمنا وثقافتناً او ما تبقى منها، يحطم منعتنا الوطنية ويهشم الرابطة القومية وينصر علينا اعداءنا فيهزموننا به. ها هو الملح ـ الذهب الاسود يزيف الدين ويتخذ من البدع سلاحاً ضد اهله، يحصن باعة الاوطان ويزين الخيانة، يقهر الفقراء، يسخرهم في بناء القصور ثم يطردهم من نعيمه. نستذكرك كل يوم ايها المبدع، فها هي مجتمعاتنا تنتقض بارادة الثورة، يملأ شبابها الميادين احتجاجاً، يصدعون عروش الطغاة، فإذا ما قاربوا الانتصار رموهم بالملح الاسود معززاً بالشعار الديني فتنفتح ابواب جهنم الحرب الاهلية لتلتهم البلاد والعباد. لقد اسعدني حظي بأن التقيتك بعد انقطاع قسري وأنت لما تكمل الجزء الاول من روايتك ـ السفر «مدن الملح»، وأطلعتني على بعض فصولها، واتفقنا على ان نباشر نشر هذه الملحمة التي ستكون فتحاً في عالم الادب في «السفير» قبل ان تكتشف عبر الكتابة ان النهرسيمتد طويلاً طويلاً بحيث تصعب متابعة مساره - متقطعا ـ في جريدة يومية. وامتدت الصداقة حوالي نصف قرن، وتوزعت مواعيد اللقاء بين باريس وبيروت ودمشق، وفي كل موعد أعود من لدنك بإبداع روائي جديد، فضلاً عن المحاورات الممتعة التي كانت تتجاوز الكتابة الى بحر الهموم العربية البلا ضفاف. سألتني يوم حاولوا رشوتك بإعادة «الاعتراف» بك واحداً من الرعية وكنت اقدر انك تريد ان تعزز رفضك هذه الغواية المتأخرة حوالي نصف قرن من التشريد والتشهير والقهر وانت ترى طوابير المنافقين والكتبة والسماسرة وباعة جلود العقائد والمبادئ ورايات النضال بثلاثين برميلا من الفضة. وعشنا الى جانبك مع اصدقاء آخرين كثر اذكر منهم من يعيش في قلب المحنة السورية الآن حسين العودات وياسين الشكر، وانت تذوب في قلب المرض كالشمعة ويخفت نورك من دون ان تفقد ايمانك بما عشت عمرك تدافع عنه، تماما كصديقنا المشترك ورفيقك في الإبداع سعد الله ونوس والثالث الذي غادرنا وبقي معنا المبدع ناجي العلي الذي ترجم بعض ما كتبناه وأضاف إليه. اليوم في يوم «السفير» في معرض الكتاب العربي في بيروت التي احببتها حتى العشق، باعتبارها مدينة المدن جميعاً، وهو المعرض الذي ينظمه النادي الثقافي العربي احياء وتذكيراً بالزمن الجميل، رأينا ان ابسط الواجب ان نوجه اليك هذه التحيـة. ايها العربي بالمعنى المطلق للكلمة: من ولد لأب سعودي وام عراقية، وعاش طفولته في عمان، وشبابه في سوريا التي منها اختار شريكة حياته، سعاد، وبعض كهولته، في بغداد، مع اقامة متقطعة في القاهرة وزيارات طويلة لبيروت وجولات في اقطار المغرب بغير ان ننسى اقامته لسنوات في باريس العربية. أما سيرته الأدبية التي تأثرت بالتأكيد بهذا التجوال المتحرر من القيود السياسية للمكان، فأتركها لغيري من البحاثة والنقاد. لقد عرفت عبد الرحمن منيف الانسان الذي عاش مرحلة التحول في النفس العربية بين البدواة والتمدن، وشهد على صدمة المفاجأة باكتشاف الهوة الفاصلة بين بيئاتنا المتخلفة والعالم المتقدم، كما عانى العسف وقسوة السلطة في تعاملها مع الافكار او الآراء التي تحاول مناقشتها. كذلك، فلقد تعلمت كثيراً من «ثمار» التجربة الحزبية العريضة التي عاشها عبد الرحمن منيف والتي أثقلت كتفيه بالمزيد من المرارات، وكان رد فعله ان كرس قلمه للتبشير بغد افضل، ممسكاً بجمر عروبته وان كان قد اعاد صياغتها بعقله مبتعداً بها عن العاطفة التي صورتها في لحظة طوباوية والتي اخذتها مع تجربة السلطة الى الدكتاتورية المصفحة بالشوفينية كي تمنع التفكير والافكار والمفكرين وضوء الشمس. أيها الغائب الذي لا يغيب، ما زلنا نقرأ ما أبدعه قلمك لأنك مثل عدد من المبشرين بالغد، بينهم رفيقاك في سنوات التألق وشريكاك فيها، سعد الله ونوس وناجي العالي، لا تغادرون حياتنا لان مقركم في الوجدان وعلى سن القلم بما سطرتم وبما سوف يبدع الآتون ممن تتلمذوا عليكم ويسطرون. نقلاً عن جريدة "السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممسك بجمر عروبته ممسك بجمر عروبته



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon