توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل ..

  مصر اليوم -

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل

طلال سلمان

يستحق اللواء وسام الحسن ما ناله من تكريم وطني شامل في وداعه، ولو أننا كنا نتمنى لو أنه حظي به في حياته التي حفلت ـ على قصرها ـ بإنجازات مهمة حققها وهو يمشي على حد السيف. ولعل أبرز الدروس التي أفادها الشهيد الراحل في حياته، والتي تأكدت عبر تغييبه المفجع، أن لبنان الذي يشكو أهله ضعف «دولتهم» هو «دولة الدول» جميعاً، وأن القرار فيه ليس صناعة محلية. إن «دولة لبنان» التي تعاني من القصور الذاتي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هي موضع عناية فائقة ومركزة من دول الغرب كما من دول الشرق (بما في ذلك العدو الإسرائيلي..)، فضلاً عن العرب بممالكهم والسلطنات والجمهوريات والإمارات وصولاً إلى المشيخات. هي كذلك قبل أسطورة «الربيع العربي»، وهي أعز مكانة وأفضل تحصيناً مع هبوب رياح التغيير، التي سرعان ما تم «ضبطها» و«تدجينها» حتى لا تبلغ مدى الثورة، وقد استخدم الشعار الإسلامي لتمويه الهوية منعاً للشعوب من تحقيق إرادتها في التخلص من إسار ماضي الطغيان لكي تنجز ما تستحق في غدها. وما حصل بالأمس، في بيروت، تأكيد للمؤكد: ممنوع التغيير في لبنان، الآن... بل إن المطلوب تفادي أي تغيير والانصراف إلى تثبيت الوضع الهش القائم وتدعيمه وتحصينه، ولأسباب تتجاوز رغبات بعض الطبقة السياسية المستجدة في ممارسة هذه اللعبة المعقدة... فكيف والأكثرية الساحقة من اللبنانيين تعيش أياماً من الخوف وتمضي لياليها في قلق على المصير وهي ترى دول المنطقة، بأنظمتها التي كانت تتبدى عصية على التغيير، تتصدع، وبعضها يغرق في دماء أهلها، والحكام الجدد يتهددهم استعجالهم السيطرة على السلطة والتفرد بها مستخدمين الشعار الديني للهيمنة على الدنيا. ممنوع التغيير.. ليس بدافع الحرص على أسطورة ضمان الاستقرار في لبنان حفظاً للوطن الصغير والجميل من التصدع، بل لأن هذا «اللبنان» بالتحديد ضرورة «لمحيطه» كما للخارج البعيد.. ومن هنا تدفق الاستثمارات إلى مصارفه وتقاطر أصحاب الثروات، مذهبة وسوداء وبيضاء، لتوظيف أموالهم فيه وشراء المباني والشقق الفخمة التي كان يعرف من بناها وفي منطقة استولدت قيصرياً في قلب بيروت أن «زبائنها» سوف يأتون بالرغبة أو بالأمر أو بكليهما... لأن بيروت هي «النموذج» المطلوب للدور. إن لبنان هذا، ببريقه الجاذب وعيوبه التكوينية التي يشكو من تأثيراتها الخطرة التي تتهدد وحدة أبنائه بنمط حياة مخالف لطبيعتهم الأولى، هو «النموذج» الجاذب، وهو «المرصد» الممتاز، وهو الملجأ الآمن لمن تلفظهم أوطانهم من «أغنياء الحروب الأهلية»، وهو ميدان المبارزة بين مخابرات الدنيا، بدولها كافة، تتصارع حيناً وتتحالف حيناً آخر، ولكنها تتلاقى في الحرص عليه كحقل تجارب وميدان عمليات ومحطات لتبادل الخبرات... على هذا فآخر ما يهم «الدول» هو الأحوال الداخلية لهذه الجمهورية الكونية. بل إن من مصلحة «الدول» أن يعم الفساد ويستشري وتنغمس فيه الطبقة السياسية، بحيث تفقد احترام شعبها الذي لا تنظر إليه كوحدة بل بوصفه مكونات طائفية ومذهبية ممنوعة من التوحد في إطار وطني وخلف المطامح المشروعة لأي شعب... فاللبنانيون، في نظر «الدول» ليسوا شعباً ولا ينبغي أن يتجاوزوا انقساماتهم التي هي بعض «مصالح» الطبقة السياسية التي تعيش في أفياء الرضى الدولي ولا تخرج عليه. وهذه «الطبقة» هي من ضمن مصالح «الدول». من هنا فإن هذه الحكومة «مدولة» كسابقاتها، بل ربما أكثر بسبب بعض الاختلاف في الظروف المحيطة... ولقد وفرت المعارضات التي يعميها الغرض مع الذهب فرصة مثالية لتثبيت هذه الحكومة وترسيخ مشاركة «حزب الله» فيها، بمعزل عن مواصلة العزف على اتهامه بالإرهاب، صباح مساء، «الدول» تعرف أكثر من أهل البلد.. ومن أسف أننا لا نملك الخروج على إرادة «الدول» التي لها قوة الإجبار، بقانونها الخاص، في بلد احترف أهله، بقياداتهم أساساً ثم بجماهيرهم، التباهي بالقدرة السحرية على تسخير القانون لمصالحهم، يستوي أن تكون طائفية أو مذهبية، وشخصية في غالب الأحوال. ومن حق الحكومة، التي كانت تبدو مهزوزة البنيان، أن تتوجه بالشكر موصولاً إلى معارضاتها «المدولة» التي لم تعرف بعد ما يكفي عن مكر «الدول» التي لا تهتم إلا إلى مصالحها... وبين هذه المصالح أن يبقى الحال على حاله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً! نقلاً عن جريدة "السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل ممنوع التغيير في الوطن المدوّل



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon