توقيت القاهرة المحلي 22:48:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

  مصر اليوم -

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه

بقلم طلال سلمان

بدعوة من «السفير» توقع الزميلة سعدى علوه كتابها «اغتيال نهر الليطاني وناسه»، ويضم سلسلة التحقيقات المتميزة التي كانت أجرتها في وقت سابق من هذا العام، وصدرت على حلقات على صفحات «السفير»، وللمناسبة تقام في السابعة من مساء غد الأحد ندوة حول الكتاب في قاعة المحاضرات التابعة لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب (البيال)، يشارك فيها النواب علي فياض، واسماعيل سكرية (نائب سابق)، وجمال الجراح بالاضافة إلى الخبير كمال سليم. يقدم للندوة رئيس التحرير الزميل طلال سلمان، الذي كتب المقدمة التالية للكتاب

للّيطاني مع «السفير» حكاية حياة.. لا لأنه أهم نهر في لبنان، أو الأطول مسيرة في ما بين قلب البقاع، مخترقاً بلاد بعلبك فقضاء زحلة ثم البقاع الغربي قبل أن ينعطف جنوباً ليصبّ في القاسمية، بل لأن الإهمال الشعبي والتخلي الرسمي، فضلاً عن صفقات الفساد والإفساد التي استخدمها أهل النفوذ، قد دمرت هذا الشريان الحيوي الذي يعيش به وعلى ضفافه أكثر من مليون وربع المليون مواطن، فيهم الرجال والنساء والأطفال، الذين تحاصرهم الآن الأمراض القاتلة.

لقد تم إعدام هذا الشريان الحيوي أمام أعين المسؤولين، رؤساء وحكومات ووزراء ونواباً، الذين تظاهروا أنهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يقرأوا ولم يسمعوا، وكأنهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون.. مع أنهم يرون النملة حين يتصل الأمر بمصالحهم «الحيوية»..

سنة بعد سنة، وعهداً بعد عهد، حكومة بعد حكومة، كان النهر يتحول إلى مجرور، وكان مجراه يتحول إلى مكب للنفايات، وكانت الآبار التي تحفر على ضفافه مباشرة تشفط مياه الينابيع التي كانت تصب فيه... وهكذا تحول إلى مزبلة وإلى مصدر للجراثيم حاملة الأمراض القاتلة وإلى بيئة حاضنة للسرطان الذي انتشر بشكل مفزع بين أهالي المنطقة التي تحتضنه.

.. وعادت «السفير» مع الزميلة سعدى علوه إلى النهر الذي كان عند صدورها، قبل ثلاث وأربعين سنة، مصدراً للخير، يروي الناس ويخصب أراضيهم فتعطي أطيب المواسم وأشهى الثمار، قمحاً وعدساً، تفاحاً وعنباً، كثيراً من العنب للأكل والتصدير، للضيافة ولتصنيع الخمر والدبس، وكل ما لذ وطاب من الفواكه.

رافقته أول مرة مع الأهل الذين كانوا يعيشون من خيره، على ضفافه... وعادت إليه، مرة ثانية، فإذا هو مكب نفايات ومجرور يحمل جراثيم المرض القاتل، السرطان، وأنواعاً شتى من الأمراض، ولا من يعالج..

كان المحقق الأول الذي رافقه من منبعه في العليق، وعلى طول مجراه حتى القاسمية، الزميل الراحل الياس عبود، ابن القرعون التي كانت تعيش به وعليه، فأقفلت عليه الآن، وابتعدت عنه هاربة من مياهه الآسنة والأمراض التي ينشرها.

أما المحقق الثاني فهو الزميلة «أم الهمم» سعدى علوه.. وهي صاحبة باع طويل في التحقيقات الاجتماعية والأنشطة التي تستهدف نشر الوعي الصحي والوعي بحقوق المرأة كافة، في الزواج والطلاق والاحتفاظ بأبنائها بعده وسائر الحقوق المدنية.

ولقد تكبدت سعدى علوه عناءً عظيماً وهي «تبحث» عن نهر الخير الذي اختفى منبعه فسدّت عليه الطرق، بينما انتظمت الآبار الارتوازية على ضفتيه كأعمدة الهاتف أو الكهرباء.. ولا ماء، فيما سدّت مجراه بعد حوش الرافقة وصولاً إلى زحلة حيث اختفى «البردوني» بدوره متحولاً إلى مكب للنفايات وقد أضيفت إليها الآن ما هو أخطر: المتبقي من الكيماويات والأدوية التي تستخدمها المستشفيات مضافاً إليها ما ترميه مصانع الأدوية ومزارع تربية الدجاج والأبقار والأغنام والماعز، ومحالّ البقالة والملاحم والمطاعم إلخ..

استغرقت الرحلة نحو أربعين يوماً، عبر محطات على طول الطريق، استطلعت فيها آراء الأهالي الذين تباروا في رثاء النهر الذي كان يرويهم وأرضهم مشكلاً العمود الفقري لزراعاتهم، بل لحياتهم جميعاً... متجاهلين أنهم يتحملون مسؤولية الصمت عما أصاب شريان الحياة في ديارهم، وكذلك مساهمتهم في «طمره».

هذا الكتاب حصيلة هذه الرحلة لتفقد أحوال نهر الخير الذي يكاد الإهمال (المقصود) يحوله إلى نهر للأوبئة الآخذة إلى الموت.

والأمل أن يهبّ الناس، أهل الليطاني، أولاً وأساساً، إلى الدفاع عن حياتهم بإجبار من يعنيهم الأمر، الدولة، الناس ثم الأهالي الذين عاشوا مع النهر وبه، إلى حماية مصدر الخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه سعدى علوه اغتيال النهر وناسه



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon