توقيت القاهرة المحلي 07:55:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب يركل العلبة الإيرانية على طول الطريق

  مصر اليوم -

ترامب يركل العلبة الإيرانية على طول الطريق

بقلم : أمير طاهري

على مدى الأشهر الستة الماضية، بطريقة أو بأخرى، ركل الرئيس دونالد ترامب الكثير من العلب الموروثة من إدارة باراك أوباما السابقة على طول الطريق.

بعد الكثير من المحاولات لإلغائه، انطلق برنامج أوباما - كير للرعاية الصحية إلى غياهب اللجان التشريعية. وجرى تعديل ما على سياسة التودد التي انتهجها باراك أوباما مع الأخوين كاسترو غير أنها لم تسقط تماماً. ورفض الرئيس الجديد اتفاق باريس المناخي شفهياً ولكن لم يتم دفنه عملياً لا لشيء سوى أنه لن يدخل حيز التنفيذ الفعلي حتى عام 2020.

وآخر العلب التي يحاول الرئيس الأميركي ركلها على طول الطريق هي ما يعرف إعلامياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي البيان الصحافي الغريب للغاية والذي يعدد الأمور التي يتعين على إيران القيام بها حيال مشروعها النووي المثير للجدل في مقابل الرفع المؤقت للعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها.

يوم الاثنين الماضي، أبلغت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس بأن الرئيس ترمب يعتزم تمديد الإعفاء بشأن تعليق العمل بالعقوبات الاقتصادية المقررة على إيران لمدة ثلاثة أشهر أخرى. وقد بررت وزارة الخارجية قرار الرئيس بناء على الزعم بأن إيران قد احترمت نص خطة العمل الشاملة المشتركة في حين أنها خالفت روح الخطة وفحواها.

ويأتي قرار الرئيس الأميركي بالتمديد لصالح إيران بعد عامين تماماً من إماطة اللثام عن خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا والإشادة الكبيرة التي تلقتها على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني باعتبارها «أكبر انتصار دبلوماسي في تاريخ الإسلام». وحقيقة الأمر بالطبع هي أن إيران قد انتهكت نص وروح الخطة في آن واحد.

على سبيل المثال، خفضت إيران من عدد أجهزة الطرد المركزية لديها والمسؤولة عن تخصيب اليورانيوم، ولكنها لم تخفض القدرة الإنتاجية العامة بسبب أن الأجهزة الجديدة ذات الطاقة العالية لديها إنتاجية أعلى بكثير من الأجهزة القديمة التي تخلصت منها طهران. وعلى أي حال، وحيث إنه لا توجد لدى إيران أي محطات للطاقة النووية قد تحتاج لاستخدام اليورانيوم المخصب كوقود، يمكن للمرء افتراض أن كافة المخزون من اليورانيوم المخصب سوف يتم تخزينه لأغراض أخرى بما في ذلك الرؤوس الحربية النووية عندما تقرر القيادة الإيرانية ذلك.

ولكي تحافظ طهران على استمرار «خدعة» احتياجها الضروري لليورانيوم كوقود، تعلن القيادة الإيرانية بصورة دورية عن خطط لبناء محطات الطاقة النووية بمساعدات من الصين أو روسيا. ومع ذلك، يعلم الجميع أن إيران لا تملك المال الكافي لإنفاقه على مثل هذه المشاريع النووية الضخمة وأنه لا روسيا ولا الصين حريصتان أو عازمتان فعلياً على الاستثمار في مشروع مجنون من الناحية الاقتصادية. ويعكس التقرير الذي أعدته وزارة الطاقة الإيرانية أن محطات الطاقة النووية سوف تكلف أموالاً بنسبة 40 في المائة على الأقل بأكثر من المطلوب لإنتاج الطاقة من الغاز الطبيعي الذي تمتلك إيران كميات هائلة منه.

وهناك مثال آخر يتعلق بمخزون الماء الثقيل الذي تمتلكه إيران وتحتفظ به على مر السنين. تم إخراج منشأة البلوتونيوم في آراك من الخدمة فعلياً، مما أدى إلى عرقلة مؤقتة لواحدة من طريقتين رئيسيتين تؤهلان إيران لامتلاك الرؤوس الحربية النووية. ولكن ما الذي سوف تفعله إيران بالاحتياطي الذي تملكه بالفعل؟ بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة فإنه يجب بيع هذا الاحتياطي في الأسواق العالمية. ولكن ما الذي سوف يحدث إذا تعذر العثور على مشترٍ؟ ونزعاً للحيرة عن هذا التساؤل، تعهد الرئيس أوباما بترتيب شراء المخزون الإيراني عبر شركات أميركية في حالة عدم العثور على مشترين آخرين. وبعد عامين، ليس هناك مشترون، ومن غير المرجح أن ينجح الرئيس ترمب في إقناع الشركات الأميركية بشراء المخزون الإيراني الذي قد يرقى أو لا يرقى إلى المعايير العالمية المطلوبة.
لم يكن الهدف من خطة العمل الشاملة المشتركة أبدا هو إيجاد حلول للطموحات النووية الإيرانية الحقيقية أو المتصورة. كما لم يكن الهدف منها إعادة التأكيد على صلاحيات معاهدة عدم الانتشار النووي والتي اعترفت إيران علنا بانتهاك بنودها على الأقل حتى عام 2003. بل كان المقصود من خطة العمل الشاملة المشتركة أن تكون جزءاً من استراتيجية موسعة من قبل إدارة الرئيس السابق أوباما لتمكين «الفصيل المعتدل» في طهران، ومساعدته على الفوز بنصيب أكبر من السلطة داخل البلاد، ثم في خاتمة المطاف، محاولة تعديل الجوانب الأكثر كراهية في تصرفات طهران وسلوكياتها الإقليمية.

وبعد مرور عامين، يعرف الجميع بعض ما كان بعضنا على دراية به منذ البداية: ليس هناك من «فصيل معتدل» داخل الزمرة الخمينية، وليست هناك من فرصة كبيرة أو صغيرة لتغيير الأسلوب أو السلوك الذي يمليه عليهم الحمض النووي الآيديولوجي الذي يتأصل في أعماق قلوبهم.

ولا يعني ذلك أن النظام الخميني عاجز عن تغيير السلوك، بل إنهم يفعلون ذلك فقط عندما يكونون مضطرين إليه. ففي سوريا، على سبيل المثال، خفضت طهران من وجودها على الأرض ليس بسبب أنها أصبحت على بينة من تكاليف الحماقات التي ارتكبتها وإنما لأن روسيا قد أكدت أنها سيدة الأمر الواقع هناك.
وفي العراق، أيضاً، أدى تحرير مدينة الموصل إلى تراجع الظهور الإيراني لا لشيء إلا لأن قوات الأمن العراقية، التي تؤيدها القيادة الشيعية في مدينة النجف ويدعمها زعماء العشائر العربية السنية، قد أحرزت بنفسها النصر المحقق.

وفي اليمن، كذلك، انخفض الوجود الإيراني على أرض الواقع للدرجة الثانية بسبب أن الجماعات التي تدعمها طهران، ومن أبرزها المتمردون الحوثيون، قد فشلوا فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف الحربية التي أعلنوا عنها من قبل.

واضطر الملالي أيضاً إلى ابتلاع غصة خانقة حول قضية الحج الشائكة؛ إذ بعد أن تقدمت طهران بـ16 طلباً بخصوص استئناف إرسال بعثة الحج الإيرانية، اضطرت طهران إلى سحبها كلها تباعاً. ووافق الملالي أيضاً على ارتداء الحجاج الإيرانيين للأساور الإلكترونية حتى يمكن متابعة كافة تحركاتهم داخل المشاعر المقدسة وعلى مدار الساعة.

والمسيرة الشهيرة التي تمتدح الإمام الخميني والتي تعلن شعار «الله واحد والخميني هو القائد»، سوف تنظم اعتباراً من الآن داخل خيمة واحدة خارج المدينة في الصحراء. وسوف تصور طهران بالطبع الأفلام لتعرضها على التلفزيون الرسمي في البلاد استمراراً للعبة الوهم بأن المسلمين من كافة أنحاء العالم يقدسون ويجلون إمامهم الراحل.
وبسبب هذه الانتكاسات الدبلوماسية في الخلفية، ليس من المستغرب أن الملالي يتمسكون وبشدة بخطة العمل الشاملة المشتركة باعتبارها من أبرز إنجازاتهم على الصعيد الدولي.

فهل الرئيس الأميركي على حق في السماح لهم بهذا التشبث، لمدة ثلاثة أشهر أخرى على الأقل؟

يجب للإجابة أن تكون نعم، ولو لمجرد أن الرئيس ترمب لم يدرس المشكلة الإيرانية بصورة تامة ناهيكم عن وضع سياسة بديلة للتعامل مع طهران. ولقد تحدث الرئيس الأميركي عن تغيير النظام الحاكم بدلاً من تغيير السلوك من دون أي دليل على المنهج الجديد المؤيد بالإجراءات الواقعية الملموسة. وفي مثل هذا الموقف، لن يكون من المنطقي إدانة خطة العمل الشاملة المشتركة وإثارة حالة من النزاع مع الحلفاء الأوروبيين من دون المقدرة على توفير بديل مناسب. وبعبارة أخرى، فإن ركل العلبة على طول الطريق كان الخيار الأقل سوءاً حتى الآن.
ومع ذلك، سوف تعود العلبة الإيرانية إلى الظهور مرة أخرى خلال ثلاثة أشهر من الآن، مما يدفع الرئيس ترمب إلى الاختيار بين وضع نسخة جديدة من استراتيجية أوباما الفاشلة أو طريقة أكثر فعالية للتعامل مع ما وصفه هو والرئيس السابق أوباما بأنه «التحدي الأول للمصالح القومية الأميركية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يركل العلبة الإيرانية على طول الطريق ترامب يركل العلبة الإيرانية على طول الطريق



GMT 03:25 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أصدقاء فلسطين... وأعداؤها!؟

GMT 02:39 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«بوتين» وولاية خامسة

GMT 02:29 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

من يضمن أمن غزة؟

GMT 11:03 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

البابا شنودة... من حكايا المحبة (٢)

GMT 10:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

النجمات يستعرضن أناقتهن في شهر رمضان بالعبايات الراقية

القاهرة- مصر اليوم

GMT 06:38 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك
  مصر اليوم - أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك

GMT 06:49 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

"هواوي" تُطلق نظام "HMS" للسيارات في معرض "LEAP 2024"
  مصر اليوم - هواوي تُطلق نظام HMS للسيارات في معرض LEAP 2024

GMT 02:13 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

طريقة عمل سلطة الجرجير

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

نظام غذائي للوقاية من أمراض القلب

GMT 05:24 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

مجموعة من أجمل تصاميم بدلات كوتور ربيع 2021

GMT 03:35 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

ميدو ينهي الجدل حول أزمة محمد الشناوي والاتحاد المصري

GMT 08:40 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ماغي فرح 2021 أقل سوءًا وهذه الأبراج اكثرحظًا

GMT 19:01 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أرسنال يُقرر قضاء ليلة إضافية في النرويج بسبب الضباب

GMT 02:41 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رد ساخر من علاء مبارك على صورة محمد رمضان والمطرب الإسرائيلي

GMT 11:10 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

خبيرة أسواق تعلن "سحب قاتمة تخيم على سوق النفط من جديد"

GMT 08:28 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 5 -10- 2020 والقنوات الناقلة

GMT 23:45 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

البورصة التونسية تٌغلق على ارتفاع

GMT 00:42 2020 الأربعاء ,13 أيار / مايو

دول عربية تعلن الحظر الشامل خلال عيد الفطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon