توقيت القاهرة المحلي 19:39:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثلاثية سعد القرش (2-2)

  مصر اليوم -

ثلاثية سعد القرش 22

مصر اليوم

تحفل الثلاثية الروائية لسعد القرش «أول النهار» و«ليل أوزير» و«وشم وحيد» بعدة سمات يمكن ذكرها على النحو التالى: 1- المتصل المنفصل: حيث اتبع القرش تقنية جديدة فى ثلاثيته تلك، إذ يمكن قراءة كل جزء منها على أنه وحدة عضوية متماسكة ومتكاملة أو رواية فى حد ذاتها، لا سيما أن كلاً منها تأخذ عنواناً خاصاً، وإن كانت الأولى والثانية بينهما اتصال فى العنوان معطوفاً على تعاقب «النهار» و«ليل» ورمزيتهما هنا، فإن الثالثة بعيدة عن هذا تماماً، إذ لا علاقة بين «الوشم» و«وحيد» بعنوانى الجزئين الأول والثانى. وحتى يُحكم هذا الانفصال اتبع القرش طريقة «الفلاش باك» ليعطى كل جزء عمقاً تاريخياً يستدعيه الأبطال فى التذكر أو الحوار أو يطلقه الراوى العليم فى فضاء النص، مختزلاً تفاصيل غزيرة فى عبارات مكثفة مشحونة بالدلالات والحمولات الآتية من رحم ما مضى. وعلى النقيض إن اتخذنا أسرة عمران الممتدة مدخلاً للتعامل مع هذه الثلاثية سنجد بينها اتصالاً ظاهراً. وتنعكس هذه التقنية على الوحدات الأصغر التى تشكل كل جزء على حدة، والتى تسلسلت فى أرقام متتابعة، ففى بعض المواضع يبدأ الجزء وكأنه وحدة قائمة بذاتها، لكن بمضىّ السرد إلى الأمام يتصل تدريجياً هذا الجزء بما سبقه ويفتح باباً لما يأتى بعده. 2- العالم الموازى: فالقرش يختلق من الصفر عالماً موازياً ويبنيه فى رويّة، من حيث الأشخاص والبيئة والعلاقات الإنسانية، وهى طريقة رأيناها مع «ملحمة الحرافيش» لنجيب محفوظ و«أرض النفاق» ليوسف السباعى و«الخالدية» لمحمد البساطى و«مخلفات الزوابع الأخيرة» لجمال ناجى وغيرها. لكن هذا الاختلاق لا ينبنى على خيال محض، فنجد أنفسنا أمام عالم يحلق فى الفراغ، بل يقوم على استعادة واقع لم يعايشه المؤلف بالطبع، لكنه قرأ عنه فى أضابير كتب التاريخ، الأمر الذى دفعه إلى أن يقر بالعرفان فى نهاية الرواية للمؤرخ الشهير الجبرتى وكذلك ساويرس بن المقفع، ومعهما بعض المؤرخين المعاصرين، فهؤلاء أمدوه بالخيط التاريخى الذى تسرى فيه أحداث الرواية، وكذلك بالسياق الاجتماعى الذى جعل المؤلف ملماً بظروف حياة الناس فى عصر المماليك وما تلاه، لهجاتهم وطرائق عيشهم وحدود عالمهم، وفعل هذا باقتدار سواء حين بدأ بعالم الريف الغض على ضفاف النيل، أو فى الصحراء وقت حفر قناة السويس، أو فى قلب القاهرة حين جاء البطل هارباً من ملاحقة جنود الخديوى وعسسه. 3- الماضى للحاضر: فالقرش فى جانب من سرده، لا يقصد التاريخ لذاته، فيجعلنا نعيش فى حكاية قديمة لا نرى لها صدى أو تجليات أو تمثلات فى حياتنا الآنية، بل يوظف التاريخ فى خدمة الحاضر، أو هكذا يستلهم القارئ أو الناقد، الذى بوسعه أن يتعامل مع التاريخى على أنه قناع للحديث عن الحاضر، من باب الرمز أو التحايل أو عدم تجنب الوقوع فى التوظيف السياسى المباشر والفج. وهذا الاتصال التاريخى يرتبط بوعى الكاتب الحالى من جهة وما حصّله عن الماضى من جهة ثانية، ورغم أن الكاتب يتحدث عن بقعة جغرافية ووحدة اجتماعية متخيلة، تحضر مصر السياسية والاجتماعية كاملة فى الرواية، فنجدها فى أساليب أجهزة الأمن، وطرق الزراعة، ونظم التملك، وسلوك الفلاحين، والتقويم القبطى، وألوان الحكم، وأسماء بعض الحكام، والكفاح ضد الاحتلال الفرنسى، وعلاقة المسلمين والمسيحيين. 4- المزاوجة بين الشفاهى والكتابى، فلغة الحكى فى هذه الثلاثية حاضرة بقوة، لا سيما فى الحوار «الديالوج»، حيث نجد الأساليب واللهجات المتداولة فى الحياة اليومية، والتى تؤدى وظائف مختلفة كالعظة، عبر الحكم والأمثال، والسباب، والتعبير عن الأفراح والأتراح، والتفاؤل والتشاؤم. بل إن المؤلف نجح فى مواضع عدة بالرواية أن ينحت كلمات خاصة به، أو يستعيد أخرى مهملة فى بطون القواميس ويعيد توظيفها بانسياب، فلا تشكل نتوءات داخل النص، ولا تبدو غريبة لمن يطالعها ضمن سياقها. 5- استعمال التوالد الحكائى: فالراوى يأخذنا أحياناً فى دهاليز جانبية تنبت من الحكاية المركزية، كى يعزز مسار السرد أو يشبعه أو يرممه، ثم يعود إلى المجرى الرئيسى متقدماً فى خط مستقيم، منحازاً إلى حبكة روائية معتادة، لا سيما أنه يتتبع تاريخاً لا يعود إلى الخلف، إنما يسير إلى الأمام. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثية سعد القرش 22 ثلاثية سعد القرش 22



GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

GMT 19:33 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أزمة الضمير الرياضي

GMT 03:53 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأهرامات مقبرة «الرابرز»!!

GMT 03:51 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الشعوب «المختارة»

GMT 03:49 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

GMT 03:48 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

المقاومة الشعبية والمسلحة

GMT 03:38 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:07 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 11:02 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

دور الاستثمار العقاري الخارجي في التنمية الاقتصادية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

دار "اسكادا" تعلن عن عطرها الجديد "سيلبريت ناو"

GMT 23:36 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

هدى حسين تسعى للخروج عن الموضوعات المكرّرة

GMT 18:23 2022 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ممارسة الرياضة صباحًا هي الأفضل لصحة القلب والأوعية الدموية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon