توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طرق أخرى ضد الإرهاب (1 - 5)

  مصر اليوم -

طرق أخرى ضد الإرهاب 1  5

عمار علي حسن

لم تفلح الجهود والاحتياطات الأمنية الهائلة فى كشف الغموض الذى يلف ظاهرة التطرّف الدينى والإرهاب، ولم تقدم حتى الآن ما يكفى لتبيان جذوره، وإجلاء دوافعه، وكيفية مواجهته، سواء على الصعيد القطرى أم الدولى. وبات من المتعارف عليه فى ضوء التجربة الدولية فى مكافحة الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، وحتى قبل هذا التاريخ أيضاً أن اعتماد الوسائل الأمنية والعسكرية والاستخباراتية وحدها لم يسهم فى الحد من هذه الظاهرة، وأن التحالف الدولى لمحاربة الإرهاب، الذى تقوده الولايات المتحدة، لم يستطع مجابهة تنامى هذه الظاهرة بالنظر إلى التعاقب السريع للعمليات الإرهابية التى نُفذت على مدار السنوات الماضية مثل تفجيرات الرياض وبالى وكازبلانكا وإسطنبول ومدريد ولندن وشرم الشيخ وعمان.. إلخ. ورغم أن التطرف الدينى على المستوى الفكرى، واستخدام العنف تحت غطاء الدين، علامتان وصمتا جميع المجتمعات وكل الأديان، إلا أن هناك إجماعاً غربياً على أن التهديد الإرهابى الحالى يأتى من قِبل جماعات إسلامية ذات طابع إحيائى تستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافها إلى القدر الذى باتت فيه بعض الكتابات، إن لم يكن معظمها، يربط بين الإسلام كدين وبين الإرهاب بشكل مباشر فى تصور ضيق وغير منهجى لا يؤدى إلا إلى مزيد من التطرف والتطرف المضاد. ومع التحفّظ على الكثير من هذه الآراء الغربية، لكن الحقيقة الواضحة هى أن دول الشرق الأوسط قد شهدت فى العقدين السابقين موجات من التطرف الدينى واللجوء إلى استخدام العنف، بدأت داخل بعض هذه الدول ثم امتدت لتتخذ لنفسها طابعاً عالمياً. وهو الأمر الذى يستوجب معه ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية لمواجهة التطرف الدينى ومكافحة الظواهر الإرهابية ومنع بروز أجيال جديدة تعتنق الفكر المتطرف أياً كانت طبيعته ومصدره. وتأتى ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية لمواجهة ظاهرة التطرّف الدينى، ومن ثم الإرهاب فى ضوء عدد من الافتراضات أبرزها: أولاً: تثبت الخبرة الدولية أن اعتماد الحلول الأمنية والعسكرية لمواجهة الإرهاب لا تكفى وحدها لمنع حدوث عمليات إرهابية، كما أنها لا تسهم فى علاج الخلل الفكرى والتطرّف الدينى للإرهابيين، ولا تمنع من ظهور أجيال جديدة تحمل نفس الأفكار المتطرفة. ثانياً: مكنت الثورة التكنولوجية الهائلة، خصوصاً فى مجال الإنترنت المجموعات الإرهابية من أن تنشر أفكارها بحرية، بل وتنفذ عمليات إرهابية دون أوامر رأسية مباشرة من قيادة بعينها، كما حدث فى تفجيرات مدريد ولندن. ومن ثم لا مجابهة للعنف السلفى الجهادى والتفسير المتطرف للدين إلا عبر خلق ونشر أفكار مقابلة تحث على الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف. ثالثاً: لا تكمن مشكلة الإرهاب اليوم فى أن منبعه دول الشرق الأوسط أو أن الدول العربية هى مفرخ الإرهابيين، ذلك أن تنظيم القاعدة على سبيل المثال، قد استطاع إيجاد موطئ قدم له داخل القارة الأوروبية، ومن مواطنين أوروبيين مسلمين وُلدوا وكبروا داخل دول أوروبية. رابعاً: يكاد يجمع دارسو الإرهاب فى أمريكا وأوروبا الآن على أن التفسيرات التقليدية التى سادت حول ظاهرة انتشار الإرهاب غير كافية. تلك التفسيرات التى اعتمدت على مقولات مثل إن الإرهابيين هم نتاج الفقر والضعف الفكرى والتعليمى أو نتاج البيئة الاجتماعية والنفسية التى تغذى الطابع الدينى المتعصب. خامساً: تؤكد معظم الدراسات والأبحاث العربية والغربية أيضاً أن ثمة علاقة مباشرة بين انتشار الإرهاب وبين اتباع سياسات عالمية جائرة، خصوصاً فى منطقة الشرق الأوسط. ولم يقد الاحتلال الأمريكى للعراق وعدم حل المشكلة الفلسطينية إلا إلى زيادة هذه الموجة من الاستمساك بالعنف المضاد ونشر الفكر المتطرّف. سادساً: تؤكد الخبرة التاريخية أن الدول التى تتمتع بدرجة كبيرة من الديمقراطية والانفتاح السياسى الداخلى على كل فئات المجتمع وقنوات المعارضة، وتحترم حكم القانون، وتشارك المجتمع المدنى فى مراجعة السلطة السياسية، إلى جانب وجود قدر من التقدم الاقتصادى هى الأقل إفرازاً للأفكار المتطرفة ولاستخدام العنف المجتمعى. ولما كانت منطقة الشرق الأوسط هى أقل مناطق العالم استجابة لعمليات التحول الديمقراطى التى سادت العالم خلال الثلاثين عاماً الماضية، فإنها كانت الأكثر إفرازاً لموجات من التطرف الدينى والمذهبى بسبب هيمنة أنظمة سياسية سلطوية لم تنفتح على مجتمعاتها بالقدر المطلوب. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلا عن الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرق أخرى ضد الإرهاب 1  5 طرق أخرى ضد الإرهاب 1  5



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon