توقيت القاهرة المحلي 03:13:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا تعنى الثورة؟ (1 - 4)

  مصر اليوم -

ماذا تعنى الثورة 1  4

عمار علي حسن

تفصلنا أيام عن الذكرى الثالثة لثورة يناير، ولا نزال فى حاجة ماسة إلى أن نعرف ماذا تعنى الثورة؟ وكيف تكون عملا حتميا إن تأخر الإصلاح أو غاب؟ وهل تندلع فجأة؟ وكيف تسرق؟ وما هى حيل القوى المضادة لها؟ وقد تزيل الإجابة عن هذه الأسئلة الكثير من اللبس الحادث حاليا فى الساحة السياسية المصرية، أو تقلل من حجم المزايدات والادعاءات والتخرصات التى تكاد أن تصم الآذان وتزكم الأنوف. ابتداء فلا تشبه أى ثورة أختها، فكل منها حالة فريدة فى ذاتها، كبصمة الإصبع، أو أقرب إلى وضع المرضى النفسيين، الذين قد يتشابهون فى بعض الأعراض العامة التى تمكن الأطباء من تشخيص وإحالة كل مريض إلى مرض بعينه فى تصنيف لا مفر منه توطئة لأقرب علاج، لكن سمات كل فرد على حدة، حتى داخل المرض أو الاضطراب الواحد، لا تشبه ما لدى غيره أبدا. ومن هنا فإن من العبث أن يعتقد أحد أن بمُكنته أن يقيس أيا من الثورات العربية الحالية على ثورات أخرى، حتى وإن تشابهت أو تطابقت الأسباب، أو يضع نموذجا لثورة قد وقعت أمام عينيه وهو يقيم ثورة تندلع أو لا تزال وقائعها تجرى، ولم تتم بعد. كما ليس بوسع أحد أن يعتقد أن للثورات طريقا واحدا فى التطور والارتقاء، وأن غاياتها ومقاصدها مأمونة ومضمونة فى كل الأحوال. فبعض الثورات أكلها الزمن. وبعضها توقف فى منتصف الرحلة فسجله المؤرخون مجرد «انتفاضة» أو «هبّة» أو «فورة». وبعضه تم تشويهه وشيطنته ونزع التعاطف الاجتماعى حياله، مثل ما حدث للثورة العرابية العظيمة، التى ساد عنها نعت أعدائها لها بأنها «هوجة» ليصموها بالتهور والانفعال والعدوانية، ووصل الأمر إلى حد تحميلها مسئولية احتلال مصر على يد الإنجليز عام 1982. وهناك ثورات انتهت إلى مجموعة من الإصلاحات البسيطة على النظام القائم. والأفدح من هذا هى الثورات التى فشلت فشلا ذريعا، حين تمكنت «الثورة المضادة» من الانتصار، وأعادت النظام القديم، وكأن شيئا لم يجر. أو حين دخلت قوة شريرة على مسار الثورة وجعلتها تنزلق إلى عنف مفرط وفوضى شاملة أو حرب أهلية. وهناك عدة أمور مرتبطة بالثورات، رسخت، من تكرارها، إلى درجة أنها أصبحت قواعد عامة نلقاها بيسر وسهولة فى أى ثورة، وهى: 1- إن التعريف البسيط والمباشر والدال للثورة هى أنها «عملية تغيير جذرى»، وهذا التغيير يتم حين نهدم النظام القديم هدما مبرما، ونشرع فى بناء نظام جديد على أنقاضه. وهناك فارق جوهرى بالطبع بين هدم النظام الحاكم وبين هدم الدولة. فالثورات يفترض أنها تقوم لبناء الدول، وتسعى إلى أن تنتشلها من التهديد المادى والمعنوى الذى تتعرض له، أما الحركات العنيفة التى ترمى إلى هدم الدولة فيمكن أن ينصرف تصنيفها إلى شكل احتجاجى آخر من قبيل «التمرد» و«الحرب الأهلية» و«العنف الاجتماعى المفرط» و«إشاعة الفوضى»، والعبرة فى الحكم على ما إذا كان الفعل الاحتجاجى عملا إيجابيا لصالح الوطن من عدمه مرتبط أساسا بالأهداف الرئيسية التى حددتها الطليعة الثورية لانطلاق حركتهم، والتى يجسدها «البيان الأول» أو «الشعار الأثير» أو ما يعرف عن هذه المجموعة من أفكار وتوجهات قبل انطلاق الفعل الثورى. وإذا توقفت حركة النضال من أجل التغيير قبل بلوغها حد إحداث تبدل جوهرى فى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة فإنها لا ترقى إلى أن تكون «ثورة» وقد يحكم عليها التاريخ فيما بعد على أنها «انتفاضة» شعبية أسقطت أركان السلطة أو رأسها لكنها لم تمتلك القدرة التى تمكنها من الإجهاز على بنية النظام القديم وركائز قوته تماما. لكن لا يمكن الحكم على حركة تغيير فارقة بأنها ثورة من عدمه إلا بعد أن تعطى فرصة زمنية كافية. فالثورة قد لا تحوز قدرة إسقاط النظام الحاكم بالضربة القاضية، وتدخل ضده فى «معركة استنزاف» يطول أمدها، لتصفيته تباعا، وتتقدم خطوات إلى الأمام حتى ولو كانت وئيدة، نحو بناء نظام سياسى جديد، ما إن تكتمل أركانه وتتعزز ركائزه حتى يتصاغر النظام القديم ويتلاشى. 2- الثورة عمل حتمى، لأنها لا تقوم إلا إذا كان المجتمع مهيأً لها تماما. ومن هنا لا يفلح مع الثورات لفظ «لو» أو تشدق البعض بأنه كان من الممكن تفادى الثورة، لا سيما إن كانت السلطة متمسكة بمواقفها المتصلبة التى تخلق الأسباب والدوافع والبواعث التى تؤدى إلى انطلاق الثورة، وتجعل منطق الثوار، قولا وفعلا، مبررا ومقبولا، لدى قاعدة عريضة من الناس. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا تعنى الثورة 1  4 ماذا تعنى الثورة 1  4



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon