توقيت القاهرة المحلي 08:25:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجربة بسيطة مع الاستفتاء

  مصر اليوم -

تجربة بسيطة مع الاستفتاء

عمار علي حسن

قضيت ليلة الرابع عشر من يناير 2014 واثقاً من أن المصريين سيخوضون تحدياً جديداً فى عمر البلد العريق، وسيسجلون موقفاً مشهوداً يعزز إرادتهم التى فرضوها فى ثورة 30 يونيو على حكم جماعة الإخوان، فالاتصالات التى تلقيتها من كثيرين موزعين على خريطة الوطن من أدناها إلى أقصاها، منذ أن حدد الرئيس عدلى منصور موعد الاستفتاء، كان تعطينى مؤشراً قوياً على هذا، وهى مسألة جربتها قبل الثورة، وأفلحت معى كثيراً، فلم يكن يمر يوم، إلا وأتلقى عدة دعوات لحضور مؤتمرات شعبية حاشدة فى المدن والأرياف بغية التوعية السياسية والحديث عن الدستور، من فروع لأحزاب سياسية فى المحافظات، ونشطاء، ومنتمين إلى تيارات وتكتلات نشأت بعد ثورة يناير فى مطلعها التيار الشعبى، علاوة على دعوات من قصور ثقافة، وغرف تجارية، وفروع لهيئة الاستعلامات، ودواوين المحافظات، لكننى اعتذرت للجهات الرسمية، واستجبت لما قدرت عليه من دعوات الجهات الشعبية، مع استبعاد كل من شككت فى أنهم يستغلون الدستور للترويج لأنفسهم بعد أن عقدوا العزم على خوض الانتخابات البرلمانية. استيقظت فى الصباح على خبر مؤلم يبين أن الإرهابيين فجروا محكمة شمال الجيزة، بحى إمبابة، مستخدمين عبوة تزن عشرين كيلوجراماً من المواد المتفجرة. لم يقلقنى هذا الخبر، بل ارتسمت على شفتى سخرية من أولئك الذين يظنون أن بوسعهم أن يخيفوا شعباً شجاعاً، أثبت لهم غير مرة أنه يتحدى الصعب، وتذكرت لحظتها كل استمالات الخوف التى اتبعتها جماعة الإخوان قبل انطلاق الثورة، وقلت فى نفسى: لو كان لدى هؤلاء ذرة من عقل، لفهموا أن أفعالهم تلك تأتى بغير ما يقصدون، وأن سهامهم ترتد إلى نحورهم. واستعادت ذاكرتى منظر هذا المتطرف الذى وقف على منصة «رابعة» بعد أن حط الإخوان وحلفاؤهم رحالهم هناك منذ يوم 21 يونيو ليقول: «أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها» ثم يردف: «هناك مائة ألف مسلح فى الصعيد جاهزون للزحف على القاهرة» أو ذلك الإرهابى الآخر الذى أعلن تقاعدة «تحايلاً» و«تقية»، ثم لم يلبث أن عاد إليه وهو يقول: «سنسحق كل من ينزل الشارع فى الثلاثين من يونيو» أو بعض هؤلاء «الحفظة المتعالمين» الذين راحوا يفسقون ويكفرون الشعب كله أمام محمد مرسى وهو ساكت ومتواطئ بين حشد من أنصاره فى الصالة المغطاة لاستاد القاهرة تحت لافتة حملت زوراً وبهتاناً «نصرة سوريا» وكان مقصدها هو بث الرعب فى قلوب المصريين، أو بعض الإرهابيين الصغار الذى هددوا بزرع قنابل تنفجر بين المتظاهرين إن نزلوا مستجيبين لنداء «تمرد». كل هذا حل فى رأسى، وأيقنت أن حصاد تفجير المحكمة وغيره من مشاهد العنف المتفرقة التى حرصت قناة «الجزيرة»، التى داسها المصريون بأقدامهم، على بثها لتخويف الناس وإجبارهم على المكوث فى بيوتهم وترك لجان الاستفتاء خاوية، ستأتى بنتائج عكسية، وقد كان، وهو ما تأكدت منه بنفسى بعد قليل، فقد سبقتنى زوجتى إلى لجنتها فى «مدرسة المنيل الإعدادية»، ومن هناك هاتفتنى: الطوابير طويلة، وذهبت إلى لجنتى فى «مدرسة عاطف بركات التجريبية»، بعد أن انتهيت من مشوار كان يجب علىّ أن أقوم به، فتعزز لدى الشعور بأن الإقبال كبير، وبعد أن أدليت بصوتى، رحت أمشى بطول «شارع المنيل» تقتحم أذنى أغانٍ وطنية مختلفة، تنبعث من جوف المحلات وشرفات الشقق السكنية، واستوقفنى بعض المارة، وسألونى عن توقعاتى لما سيأتى، مؤكدين جميعاً أن الدستور سيمر، والإرهاب سينهزم شر هزيمة. كانوا يسألون عن المستقبل مستبشرين، رغم الضربات الموجعة التى تلقوها منذ أن نجحت ثورة يناير فى الإطاحة بالمستبد الفاسد، والخيانات المتتابعة التى كانت كفيلة بأن تجعل اليأس يدب فى نفوسهم من جديد، لكنهم راحوا يقهرون اليأس، ويفتحون نوافذ الأمل، من دون انكسار. انعطفت يميناً ودخلت شارع «قصر العينى» وجلست على مقهى قبالة المستشفى الفرنساوى، فجاء إلىّ بعض الجالسين، وسألونى من جديد عن المستقبل، ورحت أطيل النظر إلى أصابعهم بحثاً عن «الحبر الفسفورى»، وسألت من وجدت أياديهم نظيفة عن موقفهم، فقال بعضهم: سنذهب بعد قليل، وقال آخرون: سنذهب غداً، فابتسمت وقلت لهم: يبدو أن الغد هو الذى سيأتى إلينا، بشرط أن نثق فى أنفسنا، ونحسن الاختيار من الآن فصاعداً، ولا نغيب أبداً عن فرض إرادتنا، بالانتخابات، وإن حاول من اخترناهم ظلمنا أو قهرنا، وهما من عند أنفسهم، فبالثورة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة بسيطة مع الاستفتاء تجربة بسيطة مع الاستفتاء



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon