توقيت القاهرة المحلي 00:39:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرسم بالدم (3-4)

  مصر اليوم -

الرسم بالدم 34

عمار علي حسن

    2 ... وطيلة أيام حرب الخليج الأخيرة كانت الصورة حاضرة بشدة، ولم يكن من الممكن تجنبها لخدمة أهداف الغزاة والعراقيين على حد سواء. فالبيانات العسكرية الأولية للأمريكيين، التى تم عرضها بمؤتمر صحفى بقاعدة «السيلية» فى قطر، لم تكن مشفوعة بصور، ولذا لم تحظ بمصداقية لدى الإعلاميين، الذين أعطوا ظهورهم للأمريكيين فى هذه اللحظة، وراحوا يتابعون، بمزيد من الصدق، صورا عرضتها «قناة» الجزيرة، نقلا عن «الفضائية» العراقية، لجنود أسرى، وطائرات تجسس أمريكية بدون طيار، محطمة على الأرض، وآليات وعربات مصفحة متفحمة، وفى المقابل صور مدنيين عراقيين غارقين فى دمائهم بجوار أنقاض بيوتهم، أو تغص بهم أسرّة المستشفيات، جراء الغارات الأمريكية البريطانية. ولم تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدى أمام الدعاية العراقية، التى أعطتها الصورة مصداقية، بل راحت تستخدم قناتى «سى إن إن» و«فوكس» ومحطات أخرى فى إضفاء طابع أخلاقى على هذه الحرب غير المشروعة، عبر صور مضادة لمواطنين عراقيين يعانون من عوز شديد إلى الطعام والماء، ويتسلمون فى تلهف مواد الإغاثة، التى نقلتها الشاحنات من الكويت إلى قرى ومدن العراق الجنوبية، بعد أن توغلت القوات الغازية صوب بغداد. ثم استخدمت الولايات المتحدة صورا لأقنعة واقية من الأسلحة الكيماوية، ادعت أنها عثرت عليها فى أحد مخازن الجيش العراقى، للتدليل على أن العراق يمتلك مثل هذه الأسلحة، وهى الذريعة التى ساقتها واشنطن وحلفاؤها لشن الحرب، والتى ثبت كذبها. بل إن المسئولين الأمريكيين، الذين اعتبروا عرض العراق للأسرى عملا غير أخلاقى، لم يلبثوا أن استخدموا صورا متلفزة لعملية تحرير الأسرى، خاصة المجندة جيسكيا، ليحسنوا صورة الجندى الأمريكى، فى وقت كان فيه الصمود العراقى قد نال منها. وبعد سقوط بغداد استخدمت المقاومة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية «حرب الصور» على نطاق واسع، الأولى لتدلل على شراستها وإصرارها على إخراج المحتل من العراق، والثانية لتبرهن على قوتها، من جهة، ومحاولة إثبات أن الشعب العراقى بات سعيدا بسقوط نظام صدام حسين من جهة ثانية. وهنا ظهرت صور الخبراء الأمريكيين وقد علقت المقاومة جثثهم المتفحمة فى أعمدة الكهرباء، وقبلها صورة الحفرة التى كان يختبئ بها صدام، وحالته أثناء القبض عليه، وقد بدا كمتسول فى محطة باصات، حسبما وصفته إحدى الصحف البريطانية، وصورة جورج بوش وهو يمسك بيده «ديك رومى» ليحتفل مع جنوده فى العراق بعيد الشكر، ثم صورة الأسير الأمريكى وقد غُلّت يداه ورجلاه، استعدادا لقتله بالسيف، وفوق الجميع صورة السجناء العراقيين، أثناء تعذيبهم وإجبارهم على ممارسة الجنس الجماعى بسجن أبوغريب، وهى الصورة التى تكررت مع رهائن من دول عدة، اتهمتهم المقاومة العراقية بمساعدة قوات الاحتلال. لعل الحالة العراقية، تقدم صورة قريبة وواضحة لكيفية استخدام الصورة فى الحرب، لكنها ليست المرة الأولى فى تاريخ العرب المعاصر، الذى تلعب فيه الصورة دورا كبيرا فى سير الأحداث. هنا يستحضر الذهن صورتين مهمتين، الأولى كانت للشهيد محمد الدرة، ووالده يحاول، من دون جدوى، أن يحميه بجسده النحيل من رصاصات إسرائيلية غادرة. وقد هزت هذه الصورة ضمير العالم، فالتفت إلى جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين. والثانية لصبية صوماليين يلعبون الكرة برأس جندى أمريكى فى إحدى ساحات مقديشيو. وقد هاج الشعب الأمريكى لتلك الصورة، التى بثتها «سى إن إن» ضد الحكومة الأمريكية فاضطرت إلى سحب قواتها من الصومال. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسم بالدم 34 الرسم بالدم 34



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عيد تحرير سيناء!

GMT 21:25 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

للأحزان مواسم

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon