توقيت القاهرة المحلي 07:18:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين والتدين (1-3)

  مصر اليوم -

الدين والتدين 13

عمار علي حسن

«من المستحيل أن نجد شعباً بلا قصص».. هكذا يقول الناقد الفرنسى رولان بارت، لكنه لم يلحظ أنه أيضاً لا يوجد شعب بلا دين؛ فالدين ضرورة؛ حيث لا استغناء عن الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى وامتلاك إطار واسع وعميق لتفسير الظواهر الإنسانية والكونية. والفلسفات التى تحدثت عن «موت الإله» لم تلبث أن حولت الإنسان نفسه إلى «إله»، كما فعل فريدريك نيتشه فى رحلة بحثه عن الفرد الخارق للعادة أو «السوبرمان». والذين استغرقوا فى العلمانية حوّلوها بقصد أو بغير قصد إلى دين أرضى، ومن لم يهتدوا إلى السماء اتخذوا كائنات خرافية أو أوثاناً وعبدوها من دون الله، حتى إننا نجد فى أفريقيا قبائل تعبد الثعابين والشجر. لكن الدين فى أى زمان ومكان لم يبقَ عند الغالبية على حاله، بل طرأت عليه تغيرات متفاوتة الدرجة، وأصابه من شرور النفس البشرية وأهوائها الكثير؛ فتحول إلى صيغ عدة، نظرية وعملية، لكن هذه التحولات لا يمكن ولا يجب أن تعمينا عن الأصل أو التجلى الأول أو الصراط المستقيم، حسب التعبير القرآنى، أو «النص المؤسِّس»، حسب تعبير أدونيس فى كتابه الشهير «الثابت والمتحول»؛ لأنه يظل دوماً يمثل المرجعية والإطار الحاكم، وحائط الصد الأخير ومكمن إنتاج الحجة والبرهان، والمظلة التى تحتمى بها طائفة ستستمر على الحق لن يضرها من يخالفها إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها. وقبل أن نتتبع هذه التحولات، علينا أن نعى أمراً مهماً، ألا وهو الفروق الواسعة بين الدين والتدين وعلوم الدين من فقه وتفسير وحديث وسيرة؛ فالأول يتجلى فى النص الإلهى لحظة نزوله وإثباته، والثانى ينتج من تفاعل الناس مع النص عبر تأويله والوقوف على معانيه ومراميه، سواء أدى هذا التفاعل إلى الطاعة والاتباع، أم قاد إلى المعصية والابتداع، أو اجتهد فى تحويل الابتداع إلى إبداع وتفاعل خلاق مع النص بإنتاج أطر نظرية وممارسات تواكب حركة الحياة التى لا تتوقف، عبر إيجاد ما يلزم من فقه الواقع. وفيما يكون الدين مقدسا فإن أشكال التدين وألوانه وعلوم الدين وأصنافها هى منتج بشرى لا قداسة له. والآفة التى أصابت المسلمين أن هناك من يسعى دوما إلى إضفاء قداسة على التدين وعلوم الدين. فتحْتَ ظلال التدين، الذى يجد تفسيراً له أو تبريراً فى علوم الدين، تتحول الأديان إلى خمسة أشكال، وهى تحولها إلى أيديولوجيا فى إطار الصراع السياسى أو الرغبة فى الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها والدفاع عنها، وتحولها إلى تجارة، كما نرى الآن عياناً بياناً، وإلى أساطير مثل المبالغة فى الكرامات وسرد القصص والسير التاريخية المبالغ فيها لبعض الشخصيات الدينية القديمة، وإلى ثقافة سائدة حين تتماهى مع عادات الناس وتقاليدهم، وإلى فلكلور حين تمتزج بالموروث الشعبى، وإلى عصاب نفسى حين يسقط البعض أمراضهم النفسية على تدينهم. (وفى المقالين المقبلين سأفصّل هذه النقاط، إن شاء الله تعالى). نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين والتدين 13 الدين والتدين 13



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon