توقيت القاهرة المحلي 23:38:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان وثقافة المحنة

  مصر اليوم -

الإخوان وثقافة المحنة

عمار علي حسن

يعيش الإخوان الآن محنة جديدة، تختلف هذه المرة عن سابقاتها؛ لأن الجماعة فى محنها التى ذهبت كانت تواجه سلطات حاكمة متعاقبة وتسوق مظلومية للمجتمع فيتعاطف معها ويحتضنها حتى لو سراً ويعطيها المدد المادى والمعنوى، أما حاليا فهى فى خصومة مع المجتمع نفسه، الذى كشف أكاذيبها التاريخية المقنعة، وخرافة الوعود التى أطلقتها أمام آذان الناس وأعينهم وثبت أنهم مجرد رغاء من الصابون، سرعان ما تبخر وذاب فى الهواء. وتبرهن المحنة الجديدة على أن جماعة الإخوان لا تزال أسيرة تجاربها المريرة التى عاشتها وكابدتها فى كفاحها ضد الأنظمة الحاكمة تارة وتعاونها وتواطئها معها تارة أخرى، خاصة حلها عام 1947 بعد اتهامها بقتل رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى، ثم اغتيال مؤسسها فى فبراير من عام 1949، فالتوسع فى اعتقال الإخوان عام 1954 بعد اتهام الجماعة بالتدبير لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، ثم عام 1965 حين اتُّهمت بالتخطيط لقلب نظام الحكم، ما أدى إلى إعدام عدد من رموزها مثل سيد قطب وعبدالقادر عودة وعبدالفتاح إسماعيل. وقد تغلغلت ثقافة المحنة فى أذهان الإخوان ونفوسهم إلى درجة أفقدتهم المغامرة تماما على مدار العقود التى سبقت ثورة يناير 2011، فكان كلما ظن الناس أن الفرصة تلوح للإخوان كى يقفزوا إلى سدة السلطة، جاء ردهم على أصحاب هذه الظنون بمزيد من التريث والصبر والأناة الصارمة، خوفا من أن تقودهم أى مقامرة إلى محنة أخرى، تذيقهم صنوف العذاب، وتعيق تقدمهم السياسى والاجتماعى إلى حين، وكأن الجماعة هنا تخشى مصير «سيزيف» الذى كان كلما جاهد وكافح حتى يصل بالصخرة الجاثمة على كتفيه إلى قمة الجبل سقطت من علٍ إلى أسفل سافلين، فيعود ليحملها ويصعد من جديد، فى رحلة لا تنتهى. وفى أيام حكم «مبارك» ظل الإخوان يراهنون على الزمن مهما طال، ويخشون منازلة النظام، رغم تآكل شعبيته ووجود صراع مستتر بين أجنحته، بينما تقدمت شعبية الإخوان وتماسكت لحمتهم يوما بيوم، متغلبة على كل وسائل التفكيك والتهميش التى اتبعتها السلطة ضد الجماعة، فلما قامت الثورة وأسقطت نظاما، أبرموا معه اتفاقيات وصفقات، سطوا عليها وحوّلوها لصالح تمكينهم من رقبة السلطة والمجتمع. وفى ظنى، فإن ثقافة المحنة ستعيش مع الإخوان فترة طويلة، لا سيما فى ظل وجود أيديولوجية تسند هذا التوجه وتباركه، مستمدة من وصايا مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا وتعاليمه، التى تقوم على بناء الفرد المسلم، ومن ثم الأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم. وقد يخرج بعض قيادات الجماعة ليقولوا إننا سقطنا سريعا من السلطة لأننا خالفنا هذه الوصايا، واستعجلنا قطف الثمرة قبل أن تنضج. فى الماضى كان ينظر إلى ثقافة المحنة لدى الإخوان بأنها ليست شرا خالصا؛ فمخاوف الإخوان من الصدام مع السلطة عمّقت لديهم الإيمان بالعمل السلمى، وزادت من حاجتهم إلى التحاور مع الآخرين، بل ومشاركتهم أو التحالف معهم أحيانا فى الممارسة السياسية. وكانت هناك توقعات بأن يتكاثف هذا الاتجاه فى المستقبل المنظور، بعد أن ألفه الإخوان، وجنوا بعض ثماره، وتيقنوا من أن هناك من يقف معهم فى بعض خنادقهم، لكن جاءت الريح بما لا تشتهى السفن؛ إذ عاد الإخوان بعد وصولهم إلى السلطة إلى الدم وتحالفوا مع تنظيمات إرهابية وجماعات تكفيرية، وبالتالى فإن محنتهم هذه المرة ستكون باهظة الثمن. نقلاً غن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان وثقافة المحنة الإخوان وثقافة المحنة



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon