توقيت القاهرة المحلي 03:28:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيدك يا مصر

  مصر اليوم -

عيدك يا مصر

عمار علي حسن

  يوم تعودين سيدة الأمم، ومنارة الإنسانية، يمتد علمك إلى المشارق والمغارب، ويمتد بأسك إلى من يفكر أن يرميك بسوء، ويمتد خيرك إلى كل من ينتظر منك العون، وترتفع قامتك حتى تضرب السحب العفية، فتسقى أرضك الطيبة، فينبت القمح والنخل والورد، وتفيض خفة ظل شعبك على كل المحزونين، فيتعافون على جراحهم ومتاعبهم، وتجتث حكمتك كل الأشواك التى تنبت فى رؤوس الحمقى، الذين لم يعرفوا قدرك، ولم يرفعوا شأنك، وظنوا أنك ملك يمينهم، وأن أهلك عبيد لهم، وثرواتك، التى طالما نهبها الغزاة والطغاة والجباة، هى من تركاتهم. عيد يا مصر.. يوم أن يرحل كل ظالم متكبر متجبر أو إرهابى، نصير الظلام عدو النهار، ويوم أن تضع حرب القلة المحتكرة ضد الشعب أوزارها، وتخمد شهوة المرابين وآكلى السحت ومستبيحى المال العام، الذين يستحلون عرق الفلاحين والعمال والموظفين، ويلهثون وراء اكتناز الثروات الطائلة بأى طريقة، ولا يخفق لهم قلب أو يهتز لهم جفن لمن يبيتون على الطوى، ومن يأكلون من صناديق القمامة، ومن يشترون أرجل الدجاج لتطعمهم، ومن تزهق أرواحهم وتهان كرامتهم أمام أفران الخبز، ومن يموتون على البلاط البارد فى المستشفيات الحكومية، انتظاراً لدورهم، الذى قد لا يأتى أبداً، ومن يسقطون صرعى أمام مكاتب البريد وهم يسعون لصرف معاشاتهم الضئيلة. عيدك يا مصر.. يوم يستيقظ كل طفل، فيجد فى انتظاره بيضة وكوب لبن وقصة ولعبة وابتسامة أم راضية وضحكة ترقص فى عيون أب يراه كل يوم، لأنه يعمل فترة واحدة، ويوم يجد جميع المصريين فى أدنى البلاد وأقصاها كل ما يوفر لهم حد الكفاية من غذاء وكساء وإيواء ودواء وترفيه، ويوم أن تتسع المساحات الخضراء على ضفتى النيل العظيم، ويتناثر على أرضها فلاحو الزمن الجديد، يزرعون ويحصدون، ويدوسون بأقدامهم على أعناق محترفى تسقيع الأراضى، وعشاق غابات الأسمنت، ومهربى الآثار، ويوم أن تزمجر آلات المصانع فى كل مكان، ويخرج من بطونها من يكفينا فى كل شىء، ويفيض فيموت العجز فى ميزان تجارتنا، ويكون لنا فضل على سائر الأمم، كما كان فى عصرنا الزاخر. عيدك يا مصر.. يوم يجف مداد الأقلام المأجورة والمنافقة، ويبصق أصحابها على وجوههم حين يطالعونها فى المرايا، ثم يجلسون على المقاهى يروضون الوقت، ويعضون أصابع الندم على ما فرطوا فى جنب الله والشعب والحق والحقيقة، ويتحسرون على كل لحظة قضوها فى مدح المستبدين، والدفاع عن المفسدين، وتبرير سياسات وسلوكيات، الذين لا يراعون فينا إلًّا ولا ذمة، وكل برهة تغاضوا فيها عن أفعال السلب والنهب والمطاردة والملاحقة والسجن والتعذيب، وكل حرف كتبوه على غير مقتضى الحال، من أجل كراسى ينخر فيها السوس، ومناصب زائلة، ولحظات تذوب، وذنوب تبقى. عيدك يا مصر.. يوم تمتلئ المساجد والكنائس بالمصلين، ويتوارى تجار الدين خجلاً، ويبتعد محترفو السياسة عن دور العبادة، وتقوى الأحزاب، فلا تكون هناك حاجة إلى بابا أو إمام، شيخ أو قس، كى يرتدى ثوب الزعامة، فيخرج على الدور الأصيل للدين فى الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى، ويدخل إلى دور الساسة فى الدفاع عن الحقوق الاجتماعية، ويوم تختفى كل القوانين الاستثنائية والسالبة للحريات العامة، حرية التفكير والتعبير والتدبير، وتتحرر النقابات العمالية والمهنية، والجمعيات الأهلية، من قبضة السلطة، والقوانين الظالمة، وتختفى كل ألوان القهر والجور، وكل أشكال الزيف والتلاعب والتحريف، وكل أنواع التمييز على أساس الطبقة والمهنة والدين ولون البشرة والموقف السياسى، وكل الأسوار التى تحز الغلابة عن المترفين. عيدك يا مصر.. يوم تعود مدارسك لتبنى العقول وتربى النفوس وتصنع الرجال، وتضج مكتباتك العامة بالباحثين وطلاب العلم، وتزخر معاملك بالتجارب الخلاقة، ويوم تمتلئ المسارح بالرواد، وواجهات السينما بأفيشات الأفلام المبدعة الجادة الرائعة، وليس أفلام زمن الانحطاط والاستخفاف والاستعجال والترخص، ويوم تقذف المطابع إلينا بعشرات الآلاف من العناوين المهمة والجادة والمفيدة كل سنة، فى العلوم والآداب والفنون، فى الطبيعيات والإنسانيات، فى المنهج والنظريات والإجراءات والتطبيقات، من دون مراقبة ولا مصادرة. عيدك يا مصر.. يوم يؤمن الناس بأن مصر لا تستحق منا أن نصمت حيال من يدمرها ويخربها، ويمتص رحيقها ويتركها قشة جافة يضربها الريح. يوم يتحقق كل هذا سنقول بملء القلوب والعقول والأفواه: مصر اليوم فى عيد.. . وكل سنة وأنتم طيبون. نقلا عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيدك يا مصر عيدك يا مصر



GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 03:12 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حاجة العالم إلى رجل مثل أنور السادات

GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عيد تحرير سيناء!

GMT 21:25 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

للأحزان مواسم

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon