توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشارة

  مصر اليوم -

إشارة

عمار علي حسن

احمرت إشارة المرور فتوازى أتوبيس صدئ يتلاصق فيه الناس كأنهم يوم الحشر مع سيارة فارهة يلمع جسدها النظيف فى وقدة الظهيرة، سائقها والسيدة الرشيقة التى تجلس خلفه وإلى جوارها ابنتها الصغيرة رائعة الحسن لا يشعرون أبداً بالصهد الحارق الذى يلفح وجوه العابرين، ولا يتصببون عرقاً كركاب الأتوبيس، الذين يتخالط شهيقهم بزفيرهم حتى كادوا أن ينخنقوا. الأكثر شعوراً بالاختناق كان هذا الطفل الوديع الملقى على فخذى أمه البدينة الجالسة على مقعد متهالك يوشك أن يسقط على حجر الرجل الطويل الجالس وراءها. أخذت البنت تشكو من الصقيع المنهمر بلا هوادة من أفواه التكييف الصغيرة، بينما أخذ الولد يتبرم من السخونة ورائحة العرق. مد الولد يده ليفتح النافذة التى كانت تحوى ملصقاً مكتوباً عليه «الصبر مفتاح الفرج». ضغطت البنت زراً بجانبها فانزاح الزجاج المعتم إلى أسفل، وتدفق شعاع الشمس إلى رأسها واصطدم بالموسيقى اللينة المنبعثة من سماعات حساسة جداً والهاربة إلى أذن الولد. التفت الولد إلى النافذة المغردة فملأ عينيه من وجه البنت. ابتسم لها فبادلته الابتسامة. رفع يده على استحياء وراح يلوح لها فمدت يدها ولوحت فى فرح. ثم تعانق وجهاهما فى صمت وبلا انقطاع. كانت الأم البدينة منشغلة بتجنب ملاصقة فخذ الرجل الغريب الذى يجلس بجوارها. كانت الأم الرشيقة تغمض عينيها مستسلمة للنغمات العذبة. دفع الولد رأسه من النافذة فشعر بلسعة وانسكب نور مبهر فى عينيه فأغلقها. فعلت البنت مثله فارتاحت للدفء وغرفت بكفيها بعض الضياء النائم على الزجاج الرمادى القاتم. سائق الأتوبيس لا يرى أحداً ولا شيئاً إلا الإشارة الحمراء التى ينتظر اخضرارها، فيواصل رحلة الزحف التى لا تنتهى. سائق السيارة يتابع كل ما يجرى فى المرآة الجانبية ويبتسم، مطمئناً إلى إغفاءة السيدة الغارقة فى قيعان الموسيقى الساحرة. اخضرت الإشارة فجأة. ضغط سائق السيارة على زر فارتفع الزجاج، وانحبست الموسيقى، واندفعت العجلات تمرق إلى حيث لا يدرى الولد. تململ الأتوبيس وشحر واهتز بخطوات وئيدة، تأرجح لها الركاب، ولم يلق لهم السائق بالاً، كما لم ير رأس الولد المعلق فى وسط الشارع يبحث عن صاحبته التى غابت فى الزحام. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشارة إشارة



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon