توقيت القاهرة المحلي 04:56:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وطـن

  مصر اليوم -

وطـن

عمار علي حسن

فى باكورة الشباب وذات صباح ندىّ عاهدت الوطن أن أحرره من قيد الغاصبين، وأنفخ فى أوصاله من مخزون ولائى فيشتد عوده. تراءت أمامى وقتها صور لفلاحى الغيطان تحت لهيب الهجير، عمال المصانع بين أحضان التروس، عيون المثقفين التى أكلها الورق وأجهدها الانتظار، الشبان المأخوذين من صحون المساجد، وفصول المدارس، إلى غياهب السجون، نساء البيوت الحبيسات داخل جدران غشم الأزواج و... و... راح الشباب يتداعى وجاء خريف المشيب بانكساره وتهالكه، فلاح الموت فى الأفق. ذات صباح كنت أسير فى الميدان الفسيح المطل على المقاهى التى شهدت ساعات غضبنا، نظرت هناك وهنا.. عشرون شرطياً يقذفون أمامهم شاباً نحيلاً، الباعة الجائلون يهربون بعرباتهم الصغيرة وأقفاصهم إلى جوف الأزقة ويتنادون فزعاً من «البلدية»، امرأة متشحة بالسواد والعفاف تسأل الناس على قارعة الطريق، فلاح ملفوف فى جلباب ممزق يسرع الخطى باتجاه محطة القطار، أبراج تعانق الفضاء على أول الميدان وتجثو فى آخره على بنايات متداعية، تتلاقى جدرانها على أجساد أوجعها الكدح ونفوس مزقتها المفارقة. لمحت عينى فتى يافعاً قادماً من الشارع الجانبى يهرول نحو قلب الميدان، فى يده كتاب، وشعره يهفهف فى النسمات التى وهبتها السماء للناس. كنت ذاهباً إلى الشارع الذى هلَّ منه، التقينا عند أول نقطة فى جانب الميدان، رحت أتابعه وهو يغوص فى الزحام مخلفاً وراءه جملته المخنوقة بالدمع: ـــ غداً سنحررك يا وطن. *** هذه أقصوصة كتبتها عام 1994، ونشرت بعد أربع سنوات من هذا التاريخ ضمن مجموعتى التى أخذت عنوان «عرب العطيات» وأصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة فى سلسلة «إبداعات». هنا يوجد شباب وغضب وميدان، تفاعلوا معاً بعد هذا بسبعة عشر عاما، ثم جاء من يسرق جهدهم، ويحاول أن يعيد عجلة الزمن إلى الوراء، لكنهم يخرجون الآن، وسيخرجون من جديد، ليقولوا بملء أفواههم وبكامل سواعدهم الفتية: - غداً سنحررك يا وطن. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطـن وطـن



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 02:58 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
  مصر اليوم - فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon