توقيت القاهرة المحلي 04:09:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما وراء أزمة النائب العام

  مصر اليوم -

ما وراء أزمة النائب العام

عمار علي حسن

درسنا أن الدولة حين ترشح شخصاً سفيراً فى دولة أخرى فإنها تستطلع رأى هذه الدولة، وللأخيرة حق القبول أو الاعتراض. وها هى الأخبار تأتى لتبين أن الرئيس مرسى أرسل منذ أسبوعين اسم المستشار عبدالمجيد محمود إلى الفاتيكان سفيراً لمصر لديها. وكل ما يقال عن أن الإعلام اختلق الموضوع، أو تعليق الأمر على شماعة «مستشارى الرئيس» الذين أعرف أن أحداً لا يستشيرهم فى أى شىء، أو أن النائب العام هو الذى طلب الرحيل، كلام فارغ، يتورط فيه رجال كنا نعتقد بصدقهم وكفاءتهم واحترامهم للقانون والإنصات إلى صوت ضمائرهم. إن التسرع والرعونة والأنانية المفرطة وانتهاز الفرص بلا تروٍ ولا تقدير وتدبير، جعلت النائب العام، الذى طالب الثوار بتغييره منذ اليوم الذى تلى رحيل مبارك، يخرج من هذه الأزمة بطلاً، وجعل مناصريه يصرخون «الله أكبر» وجعلت كثيرين يصفون المسألة برمتها بأنها «حق أريد به باطل»، لاسيما أن هذه القضية رافقتها الاشتباكات فى ميدان التحرير، التى بان منها أن الإخوان يضيقون ذرعاً بمعارضى الرئيس، الذين لم يفعلوا شيئاً سوى ممارسة حقهم فى التظاهر السلمى. سيقول قائل: إن الرئيس نفذ ما يطالب به الثوار. وهذه حقيقة، فالنائب العام لم يبذل الجهد الكافى فى ترتيب أوراق القضايا المتعلقة بنظام الرئيس المخلوع. لكن الأسلوب الذى تحققت به هذه الغاية كان خائباً، وجعله فى موضع من يريد أن يزيح ضرراً بضرر أكبر منه، كأن يقدم مزارع على مقاومة الآفات التى ترعى فى حقله بحرق المحصول. وقديماً قال الفقهاء «دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة». كما أن الرئيس ليس بوسعه أن يقنع أحداً بأنه يحترم القانون وهو لا يزال عضواً فى جماعة لا يستند استمرارها على أى سند من دستور أو قانون. ولم يطلب منه أحد أن ينسحب منها، لكن المطلب العادل هو أن يفرض عليها أن تقنن وضعها. ولم يعد خافياً على أحد أن الإخوان يستخدمون القانون أو يهملونه وفق ما يحقق مصالحهم. فإن سئل الرئيس: لماذا يقسم رئيس جهاز المخابرات العامة على الولاء لك؟ تكون الإجابة: إن قانون الجهاز يعطى الرئيس حق تحديد صيغة القسم، وهذا صحيح. لكن فى مواضع أخرى يتخذ الرئيس قرارات لا يراعى فيها القانون ثم يقول: إنها الثورة. ولا يكف عن الحديث فى كل خطاباته على أنه يحترم الدستور والقانون. وتطهير القضاء، وهو مطلب لا تنازل عنه ولا فكاك منه، يعنى بوضوح الفصل التام بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية لا سيطرة الأولى على الثانية، كما يسعى الرئيس وخلفه جماعته أو أمامه. سيقول قائل: الرئيس يتخذ قرارات ثورية تأخر صدورها. وليت الأمر كان كذلك، فالإخوان كانوا أول من رفضوا التصرف الثورى، وقالوا: علينا أن نمضى فى المحاكمات وفق «القضاء الاعتيادى لا الاستثنائى». وحين طالب الثوار بمحاكمة وزير الداخلية فى اشتباكات مجلس الوزراء قال عصام العريان بملء فمه فى البرلمان إن قانون محاكمة الوزراء الصادر عام 1958 لا يتيح لنا ذلك. وبينما كان الشباب فى الميادين يتحدثون عن «الشرعية الثورية» كانوا هم يقولون «الشرعية الدستورية» وأن «البرلمان» حل محل «الميدان»، وحين عادوا للميدان أيام انتخابات الرئاسة قالوا إن للميدان شرعية أيضاً. المشكلة أن الإخوان يعتقدون أن المصريين أمة من الأسماك، لا يستقر شىء فى ذاكرتهم سوى عشرين ثانية، والمشكلة أيضاً أن كثيرين منهم يتكلمون على التوالى والتوازى فيناقض بعضهم بعضاً، وهى مسألة تضر بالرئيس نفسه، ولعل أزمة النائب العام تبين هذا بما لا مجال لشك فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء أزمة النائب العام ما وراء أزمة النائب العام



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon