توقيت القاهرة المحلي 12:48:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة

  مصر اليوم -

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة

بقلم - عريب الرنتاوي

استفزازية للغاية، تلك التصريحات التي صدرت عن مستشار مرشد الثورة الإسلامية على أكبر ولايتي في زيارته الأخيرة للعراق، والتي قال فيها “أن الصحوة الإسلامية لن تسمح لليبراليين والشيوعيين – العلمانيين – بالعودة لحكم العراق”، في نقد مباشر لتحالف “سائرون” الذي يضم التيار الصدري وعددا من القوى المدنية والحزب الشيوعي العراق الذي سيخوض الانتخابات النيابية القادمة في العراق، المقررة في أيار/ مايو المقبل.

استفزازية لروح وعقل وضمير، كل عراقي يستشعر هويته وكرامته الوطنية، فكيف لمسؤول كبير في دولة مجاورة، أن يتدخل على هذا النحو من الفجاجة والفجور، في شأن داخلي – سيادي عراقي ... وكيف سمح لنفسه بأن يكون “ناخباً” من خارج اللوائح والقوائم الانتخابية المسجلة... بل وكيف يقبل بعض العراقيين، لزائر جاء بلادهم في توقيت غير مناسب، أن يكون “مايسترو” التحالفات الانتخابية و”عراب” الترتيبات النهائية للبيت الشيعي الداخلي، وأن يظهر على وسائل إعلامه، شاهراً سيف الإقصاء والإلغاء، حتى لا نقول سيف التكفير، واضعاً “الصحوة الإسلامية”، التي لا هي “صحوة” ولا أدري إن كانت “إسلامية”، في تناقض وتضاد وتقابل مع القوى المدنية والعلمانية والليبرالية والشيوعية واليسارية العراقية؟

وهي استفزازية على نحو خاص، لكل “علماني” و”ليبرالي” و”شيوعي” و”يساري” و”مدني” عراقي أولاً، وعربي على وجوه العموم ... كاتب هذه السطور، ومن موقعه وموقفه المنتمي لهذه التيارات “غير الدينية”، يشعر بالاستفزاز والاستهداف أيضاً ... فهل تنوي إيران حقاً إعادة إنتاج نظامها السياسي في العراق، هل ثمة تفكير جدي في أرفع دوائر صنع القرار في طهران، بأن العراق يمكن أن يحكم على الطريقة الإيرانية؟ ... ألم يستخلص هؤلاء دروس الانقسام والاحتراب الأهليين، ونفاذ داعش إلى عمق الجغرافيا والبنية الاجتماعية العراقية، جراء ذلك؟ ... ألا يدركون أن أحد أسباب المُعمّقة للانقسام العربي – الكردي والطاردة لكرد العراق عن مركزه، إنما تتمثل في تلك السياسات والتحالفات القائمة على الهيمنة والاستتباع، وخلط الدين بالسياسة، التي ميزت “عراق ما بعد صدام”؟ ... والسؤال الأهم من كل ما ورد هو: هل نجح نموذج الحكم الإيران في موطنه الأصلي، حتى يجري التفكير بتصديره لدول الجوار؟ ... من يقبل بذلك، ومن يرتضي هذا المستوى السافر من التدخل الإيراني في صميم شؤون العراق الداخلية؟

نحن العلمانيين العرب، غير “المستتبعين”، من يساريين وقوميين ومدنيين وليبراليين ووطنيين، نعلن رفضنا لمحاولات فرض ما يسمى بـ “الصحوة” بقوة السلاح والمليشيات والمال على مستقبل العراق والعراقيين، وندعم بالقدر ذاته، الميول الوطنية – العروبية – الديمقراطية الآخذة في التجذر في خطاب التيار الصدري وممارسته السياسية وتحالفاته الانتخابية، ونتطلع لتجذير هذه التوجهات وتحويلها إلى منهج ثابت في العمل السياسي الوطني... كما نعلن وبالقوة ذاتها، دعمنا وتضامننا مع رموز التيار العلماني العراقي، بمدارسه المختلفة، التي تتعرض لأبشع عمليات الابتزاز والتهويل عشية استحقاق انتخابي هام، نراهن عليه ويراهن عليه العراقيون وأصدقاؤهم، للخروج من جملة الاستعصاءات التي تعتصرهم.

ولا نجد أكثر مما رد به تحالف “سائرون” على الوزير والمستشار الإيراني الرفيع، بأن العراق للعراقيين جميعاً، بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية وأيديولوجياتهم وميولهم السياسية والفكرية والاجتماعية، وأن العراق “السيّد- المستقل” وحده من يقرر شكل الحكم وتركيبة البرلمان والحكومة وطبيعة التحالفات الانتخابية وبرامجها، وأن على “الزائر الإيراني” أن يتوقف عند حدود بلاده، وألا يتخطاها إلى العمق العراقي، فالعراق بلغ سن الفطام، و”شبّ على الطوق”، وهو ليس بحاجة لوصاية من أحد، أياً كان ومن أية جهة أتى.

وليسمح لنا معالي الوزير – المستشار رفيع المستوى، بتقديم جردة حساب عن سنوات حكم “الصحوة” الخمسة عشر، إذ احتل العراق صدارة قوائم الدول والحكومات المضروبة بآفة الفساد، وتحول إلى ملعب لدول الجوار الإقليمي وجيوشها (العراق وتركيا)ومليشياتها، دع عنك “الناتو” وقواعد البنتاغون المنتشرة على أرض الرافدين، وبات ساحة لكل أشكال التدخل في شؤونه الداخلية، وأمكن لعصابة إجرامية من مثل داعش، أن تسيطر على ثلث مساحته بين عشية وضحاها، في “عزّ” هيمنة “الصحوة” وتفردها بحكم العراق، وهو اليوم أكثر انقساماً مما كان عليه منذ استقلاله الوطني، أما عن انهيار منظومة الخدمات من ماء وكهرباء وخدمات صحية وتعليمية، فحدث ولا حرج، وأمامه مشوار الثلاثين عاماً لبناء ما دمرته حروبه الداخلية وحروب الآخرين عليه، من دون أن يتوفر لأحد من أبنائه وبناته الثقة بكفاءة الطبقة السياسية الحاكمة، الصحوة أساساً، وقدرتها على التصدي باقتدار لتحديات “مرحلة ما بعد داعش” و”ما بعد الاستفتاء”.

من حق العراقيين أن يحاسبوا أحزابهم وطبقتهم السياسية على الفشل المتكرر والمتراكم الذي منيت به هذه الطبقة (وفي قلبها الصحوة)، خلال العشرية الفائتة، والانتخابات هي فرصة العراقيين لتقييم المسار وتقويمه، وليس من حق أحد أن يقف بين الناخب العراق وصندوق الاقتراع ... ليس من حق أحد، أن يحول بين من يضع العراقيون فيه ثقتهم، سواء أكان من العلمانيين أو “الصحوويين” وبين وصوله إلى الندوة البرلمانية وحكومة ما بعد الانتخابات.

ونجدها مناسبة لمخاطبة “المستتبعين” من يساريين وقوميين، أردنيين وفلسطينيين وعرباً، لقراءة مغزى هذه التصريحات ومضامينها، وألا يسمحوا لبعض مواقف طهران وشعاراتها، أن تحجب عنهم رؤية مواضع أقدامهم، وأن ينفضوا عن أنفسهم غبار “التبعية” و”الاستتباع”، فالمقاومة في الأصل، من صنعتهم، فهم أول الرصاص في حركات التحرر من الاستعمار وأول الحجارة في انتفاضات فلسطين والربيع العربي، هم أول من دعم وساند الثورة الإسلامية ضد شاه إيران، وأول من اصطف إلى جانب الشعوب المستضعفة في العالم... أما تراجع أدوارهم الحالية،فلا ينبغي أن يكون سبباً لتسويق وتسويغ “ذوبانهم” وفقدانهم للونهم وهويتهم الفكرية والإيديولوجية، فلا مطرح لهؤلاء في سلم الأولويات الإيرانية و”الصحوية” إلا من موقع القوة والتميز، أما التبعية والاستتباع، فلن تجعل منهم سوى “كومبارس” أو “خرزة زرقاء” في أحسن سيناريو، و”أيتام على مأدبة لئام”، في أسوئها.

نقلا عن جريدة الدستور القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس

GMT 14:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب يطلب زيادة تذاكرة في مواجهة غانا

GMT 20:56 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تودع 2017 من دون خسارة وتحلم بنيل كأس العالم

GMT 10:06 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي يدخل السباق الرمضاني بمسلسل كوميدي

GMT 19:16 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على سلحفاة ضخمة نافقة على أحد شواطئ بلطيم

GMT 23:56 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الأميركية روفينيلي تمتلك أكبر مؤخرة في العالم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon