توقيت القاهرة المحلي 05:22:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفتحاوي ـ اللافتحاوي

  مصر اليوم -

الفتحاوي ـ اللافتحاوي

حسن البطل

"زلزل يا عوفر.. كبّر يا عسقلان.. ثُر يا رمل الرملة.. فالحرية قاب قوسين أو أدنى". هذا مطلع بيان مطبوع جماهيري نعفته في الشوارع حركة "فتح" ـ إقليم رام الله والبيرة يوم الجمعة. التقطت بياناً عن الرصيف، طويته، وضعته في جيب قميصي. سأقارن بين البيان ومظاهرة الألف مواطن أمام سجن عوفر، كما نشرته صحف السبت. ليس قليلاً مشاركة ألف مواطن من مختلف الفصائل، ولا إصابة أربعة بالرصاص الحي، والعشرات برصاص مغلف بالمطاط، أو بالاختناق بدخان قنابل الغاز.. مع ذلك، كان الاحتجاج أمام عوفر تقليدياً: صلاة الجمعة انتهت اشتباكاً بالحجارة والرصاص وقنابل الغاز. واكبت الاحتجاج أمام عوفر احتجاجات في مناطق مختلفة، ربما أوسع مما يجري في أيام الجمع منذ سنوات ضد الجدار الفاصل، ومصادرات الأراضي، والتضامن مع الأسرى.. والشكل الجديد: إقامة "قرى" في المناطق المصادرة والمهددة بالمصادرة. لحسن الحظ، لم يسقط ضحايا في هذه "الهبّة الجماهيرية الواسعة"، وكعادة معظم أيام الجمع، كرّست "عدسة الأيام" صفحتها لصور تذكّر بصور الانتفاضة الأولى، ومطالع الانتفاضة الثانية. هذه انتفاضة شعبية، تجري كموج البحر منذ ست سنوات، ولها اسمها "المقاومة الشعبية السلمية" والمستجد فيها عن صور الانتفاضة الأولى فتح ثغرات بالمطارق في بعض مناطق الجدار الفاصل الخطاب السياسي الفلسطيني، منذ مطلع نيسان يبدو أكثر سخونة من سخونة الشارع، والمفاوضات وصلت حافة الأزمة والاستعصاء، أو أن المتسابقين الثلاثة في ماراثون مفاوضات الشهور الثمانية يركضون في "اللفة الأخيرة" قبل خط النهاية في 29 نيسان. أميركا "تلوّح" بنفض يدها من مساعيها. السلطة "تلوّح" بمتابعة إجراءات عضوية الاتفاقات الدولية، إلى عضوية منظمات الأمم المتحدة. إسرائيل "تلوّح" بإجراءات عقابية.. وكل هذه التلويحات بمثابة عضّ أصابع. عملية السلام صارت "عملية سياسية" وهذه مفاوضات؛ وهذه مساعٍ محمومة طيلة نيسان لإحياء المفاوضات. كأن السلطة وإسرائيل لا تصدقان تحذير نفض اليد الأميركية، أو كأن أميركا لا تصدق تلويح السلطة بالتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، أو كأن إسرائيل لا تصدق بأن إجراءاتها العقابية، بما فيها حجز أموال المقاصة، سوف تردع الجانب الفلسطيني، فهي تستعد للجوء بالمثل الى محكمة الجنايات بدعاوى جرائم حرب فلسطينية، مثل إطلاق صواريخ وعمليات انتحارية في الانتفاضة الثانية. المرافعات المحتملة أمام محكمة الجنايات الدولية ستأخذ وقتاً أطول من مفاوضات الشهور التسعة، وتبدو إسرائيل مستعدة للعمل على غير غرار مقاطعة لجنة القاضي غولدستون. المعطيات تغيّرت على الأرض وفي الخطاب السياسي الفلسطيني منذ أوسلو، لكن ما لم يتغير هو لغة الخطاب الفتحاوي الجماهيري؛ ساخنة كالعادة منذ صحيفة "فتح" في الأردن، إلى "الإعلام الجماهيري" الفتحاوي في لبنان، فالانتفاضتين الأولى والثانية. إنه خطاب تعبوي ـ شعبوي، بينما تغير الخطاب الفتحاوي الرسمي أولاً في مؤسسات منظمة التحرير، رغم أن عمادها كان كوادر "فتح" لكن هذه الكوادر إما حنكتها التجربة القتالية، وإما جاؤوا إلى حركة "فتح" متخمين باتجاه فكري تقدمي ويساري وعروبي. أذكر مرّة أن أبو جهاد، رحمه الله، كان يصرّ على تنقيح لغة بيانات "القيادة الموحدة" للانتفاضة الأولى من شطط تهجمات سياسية على بعض الدول العربية. فكرت، فعلاً، بجمع بيانات حركة فتح الصادرة عن "كتائب شهداء الأقصى" في الانتفاضة الثانية، وكتابة دراسة مقارنة لها ببيانات اللجنة التنفيذية، أو اللجنة المركزية للحركة، ومقارنة البيانات هذه بالحركة السياسية الفلسطينية منذ خروج عمان، إلى خروج بيروت إلى دخول غزة ورام الله. درع حركة "فتح" كما هو، أي درع قوات العاصفة منذ أيام الأردن إلى سنوات السلطة الفلسطينية، إلى شعار يتصدر بيانات "فتح". لغة "فتح" لم تتغير، رغم تغير المعطيات والأجيال الناطقة جماهيرياً باسمها في البيانات. الشيء الذي تغيّر، في "فتح" وباقي الفصائل، هو أن العلم الفلسطيني كان وحده مرفوعاً فصائلياً في مرحلة الأردن ومرحلة لبنان، لكن الوضع تغيّر إبّان حقبة السلطة، حيث يرفع كل فصيل علمه، بحر أصفر، أخضر، أحمر، أسود.. لكنه وحده يرتفع في مخيمات المنافي وفي أيدي مظاهرات الشعب الفلسطيني في إسرائيل. أهم مرحلة في تطور فكرة "فتح" السياسي كان في لبنان، حيث كانت قيادة فتح هي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وكان الإعلام الموحد للمنظمة أقرب إلى الخط السياسي لفتح لكن ليس الخط الجماهيري التعبوي. كانت فروع الإعلام الموحد ـ م. ت. ف خمسة: الصحيفة المركزية. الإذاعة. الوكالة. قسم التصوير والسينما. الإعلام الخارجي.. لكن الفتحاوي سعد بسيسو أضاف فرعاً سادساً هو "الإعلام الجماهيري" أو إعلام الميكروفون في المسيرات والاجتماعات الشعبية. لم تعد هناك صحيفة أو مجلة مركزية للمنظمة، وفقدت صحف الفصائل دورها، وتغيّرت مؤسسات المنظمة ونضجت نحو الانتظام والمأسسة في حقبة السلطة.. لكن، ما لم يتغير هو لغة وبيانات حركة "فتح" الجماهيرية والشعبية. لم يكن إعلان فتح الرسمية فتحاوياً صرفاً، كان عربياً وكان يسارياً، وكان فكرياً تقدمياً. ربما أفكر كما فكر اسحق دويتشر في كتابه المعنون "اليهودي ـ اللايهودي".. ربما أتكلم بلكنة "فتح" لكن ليس بلغتها الجماهيرية. ربما كنت الفتحاوي ـ اللافتحاوي.. أي الفلسطيني أولاً وثانياً وثالثاً. "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفتحاوي ـ اللافتحاوي الفتحاوي ـ اللافتحاوي



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon