توقيت القاهرة المحلي 00:58:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كارثة في "بلاد بعل" !

  مصر اليوم -

كارثة في بلاد بعل

حسن البطل

بطيخ وعنب "الدفيئات" نزل حسبات الخضار ودكاكينها وبسطاتها من شهر وأكثر؛ وأما "العكّوب" الطبيعي فقد لا ينزل، وإن نزل فإن سعر الكيلو ربما يصير كسعر "الكمأة" الشهية، وهذه لن تنزل بعد شتاء ماحل، بلا برق وبلا رعد. هذا شتاء ضرب أرقاماً قياسية، متضاربة وغريبة، في المنطقة وفي العالم. أثلجت في كانون الأول (ديسمبر) ببلادنا وشرقي المتوسط، وهي لا تثلج، عادةً، في كانون منذ عشرات السنين، بل في شباط وآذار (حصل قبل خمس سنوات أن أثلجت أول نيسان)! من غرائب ثلجة كانون أن أغصان الأشجار ناءت وتكسّرت، لكن أغرب ما رأيته منها أن شجرة تين معمّرة في "شارع الأيام" ـ رام الله شقت الثلوج بوطأتها جذع الشجرة نصفين، كما لو ضربتها صاعقة، أو يد خرافية القوة تحمل بلطة! في منطقة طوكيو وبعض اليابان، قيل إن الثلوج كانت قياسية منذ عشرات السنين، وكذلك في منطقة نيويورك، وأما في شمال إيران فقد بلغت سماكة الثلج مترين لأول مرة منذ خمسين سنة! الثلج القياسي أهدانا إلى شتاء ماحل قياسي بدوره، وبخاصة في النطاق المعتدل من مناخات الكرة الأرضية، الذي تنتمي إليه بلادنا وبلاد المناخ المتوسطي، الذي يسود المناطق الغربية من القارات بين خطي عرض 30-40 شمالاً؛ وجنوباً تعيقه أسباب جغرافية أو رياح موسمية، أو تيارات بحرية (صحراء تشيلي متوسطة لكنها الأكثر جفافاً في العالم). سخر شتاء هذا العام من موروثات الجدود عن "المربعنية" مدرارة المطر، ثم عن شهر شباط (فبراير) الذي كان ربيعياً بلا زخّة مطر. شتاء ماحل كهذا لم يمر على "بلاد بعل" والمنطقة، بما فيها هضبة الأناضول ذات الثلوج والأمطار والأنهار، منذ ستين عاماً. لكن، في نطاق مناخ متوسطي في غربي الولايات المتحدة، وولاية كاليفورنيا بالذات، يتحدثون عن شتاء ماحل قد يكون أقسى ما مرّ منذ قرن كامل، علماً أن كاليفورنيا هي تقريباً المخزون الغذائي الأميركي. أميركا الغنية قادرة على تعويض مزارعيها. كانت الأسطورة تقول: سبع سنوات سمان تليها سبع سنوات عجاف، لكن شتاء هذا العام كان أعجف ما تعيه ذاكرة الأحياء والمعمّرين، حيث انحسرت في فلسطين أيام التهطال الغزيرة الشتوية من 45ـ50 يوماً إلى 10-15 يوماً! يبدو أن المناخ المعتدل المتوسطي يتغير وينحرف إلى مناخ قاري (المناخات أربعة: معتدل، محيطي، قاري.. وبارد) ومن صفات المناخ القاري أن تكون نهاراته الشتوية دافئة عموماً بشكل غير عادي، ولياليه باردة عموماً بشكل غير عادي. إذا حظينا بشتاء ماحل، فسنحظى بربيع كالح، ثم بصيف تنضب مياه أنهاره، وتجف ينابيعه. في دلالة منذرة على قسوة هذا الشتاء الماحل أن بحيرة طبريا، ارتفع منسوب سطحها، من أول الشتاء حتى الآن، بمعدل 3 سنتميترات فقط لا غير، مقابل معدّل سنوي عادي يقارب المترين. كان هناك، منذ سنوات، من حذّر بأن "حروب المستقبل" ستكون "حروباً مائية" في هذه المنطقة، التي تضربها منذ سنوات حروب أهلية، وبخاصة في سورية والعراق ولبنان، أيضاً. كانت هناك دراسات للهيدروليكيين الفلسطينيين تقول إن الضفة الغربية تستطيع تحمّل خمس سنوات ماحلة ومتوالية، لو لم تلجأ إسرائيل إلى "شفط" ما يعادل 80% من خزاناتها المائية الجوفية، أو كانت اتفاقية أوسلو اللعينة تسمح للفلسطينيين ببناء سدود ركامية في تلة الجبال والوديان هذه، المسماة الضفة الغربية. تبدو كارثة الانحباس المطري والمحل شديدة الوطأة على بعض دول المنطقة أكثر مما هي على فلسطين، وبخاصة في سورية، وهي البلد الزراعي العربي الأول، الذي يعاني، أيضاً، كارثة الحرب الأهلية وسرقة ونهب اهراءات القمح وتصديرها إلى تركيا! مناخ الأرض "يشخور" ويتطرف بفعل الإنسان أولاً، منذ حذّر علماء الطبيعة من احترار جو الأرض وتغيّر حرارة سطح محيطاتها، علماً أن الماء العذب لا يشكل سوى 1% من جملة مياه الأرض، والباقي مياه البحار والمحيطات المالحة، فإن بعض الحل في محطات لتحلية مياه البحر، وبعض الحل في تقليل إطلاق غاز الميثان، أحد أسباب احترار جو الأرض، وهو غالباً يأتي من روث قطعان الأبقار. إلى جانب تقليد إسلامي برفع "صلوات الاستسقاء" يتضرعون في كاليفورنيا إلى الله، أيضاً، ويتوقع علماء الأنواء والأرصاد الجوية أن تعوض أمطار آخر شباط وآذار ونيسان شتاء ماحلاً.. هذا إن صدقت التنبؤات الجوية، ومصداقيتها نسبية في نطاق المناخ المتوسطي، وعالية المصداقية في نطاق المناخ المحيطي. *** بالمناسبة، مرّت ثلاث سنوات من قحط متواصل على المنطقة أواخر خمسينيات القرن المنصرم، وتصادف ذلك مع سنوات الوحدة السورية ـ المصرية. بعد انفراط عقد الوحدة، جاء شتاء ماطر، فصاروا يقولون في المساجد إن الله عاقب اشتراكية جمال عبد الناصر!.. إلخ من خرافات! وفي تلك السنوات اخترع الإسرائيليون خزّان مرحاض البيوت بكبستين لمياه الشطف قوية ولطيفة. نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارثة في بلاد بعل كارثة في بلاد بعل



GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

«بخ» !!

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الطريق إلى الجحيم!

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

مأساة السودان

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

7 ساعات إلى إسرائيل!

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

«اللامعقول» يكسب

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حزب الكراهية

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ماذا لو لم ترد إيران؟

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 22:27 2019 الخميس ,04 تموز / يوليو

وزيرة الصحة المصرية تعلن فحص 89 ألفا و287 امرأة

GMT 02:59 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الفساتين الحمراء موضة صيف 2019 لإطلالة لا تُنسى

GMT 19:54 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

كوت ديفوار يزاحم المغرب في صدارة مجموعته

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 10:50 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل حادث محطة مصر

GMT 10:17 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

4 أعراض تحذيرية للإصابة بأزمة ارتفاع ضغط الدم

GMT 19:40 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

فوز صعب يقود دورتموند للابتعاد بصدارة الدوري الألماني

GMT 02:42 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة سهلة لتحضير مرق الدجاج والبازيلا بالكاري

GMT 19:57 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

جون انطوي يقود هجوم "المقاصة" أمام "بيراميدز"

GMT 15:16 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"السيسي" يرتدي ملابس عسكرية أثناء تفقد القواعد الجوية

GMT 21:20 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مراهق بريطانى يقطع رأس زوجة أبيه بالسيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon