توقيت القاهرة المحلي 04:52:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دورة حياة

  مصر اليوم -

دورة حياة

حسن البطل

١ - خنفسة الحقول أسود كامد ثوبها الدهري. لا يغبر مثل نعالنا، التي تلتف بنا إلى دروب التراب. لا يلمع ثوبها، حتى لو أمطرت السماء مطراً كيماوياً من "اللانولين"، الذي بضع قطرات منه تجعل نعالنا السود المغبرة، سوداء لماعة. اسود كامد ثوبها الكهنوتي، كأنها خلقت لرتبة شماس في أفقر كنائس الرب .. ومن المهد إلى اللحد، يظل ثوبها الدهري أسود كامدا. لا الغبار يغبره .. ولا المطر يغسل لونه الكامد. بعض الصراصير تطير. بعض الديدان تصير فراشات زاهية الألوان، راقصة .. وتبقى هذه الخنفسة أرضية تماماً، نباتية تماماً .. جافة الثوب تماماً. ٢ - دودة الحقول غطست "داكار" الإسرائيلية حتى تحطمت أضلاعها الفولاذية. غطست "تريشير" الأميركية متراً واحداً فوق قدرة هيكلها. ناورت "كورسك" الروسية، بإطلاق صاروخ عابر للقارات، من عمق معين وزاوية معينة .. ففعصها ضغط ماء المحيط. كما تفعص علبة سكائرك الفارغة. لكن. هذه الدودة، حمراء - بنية، تنخر سراديبها في التراب الرطب .. وتظل لامعة، ويظل أديم جلدها الرقيق جداً لامعاً جداً .. كأنها تستخدم قلم "روج" لامعا من "اللانولين" او "الغليسرين". ينقبون عن الماء العميق جداً، عن النفط الثمين برؤوس يكسوها هذا "الماس" الاكثر صلابة من كل شيء.. عدا الماء الذي يقطع الماس. تثقب دودة الحقول، ذات الفتر طولاً، التراب، برأس رخو جداً، مثل رخاوة جسمها، فاذا صادفت حجراً كبيرا، عادت القهقرى، أو التفت على العثرة، مستخدمة رأسها الرخو الثاني. الرخوة ذات الرأسين الرخوين؛ ذات الذيلين الرخوين .. تتلوى بشكل وحشي، اذا قطعها - سهواً - فأس الفلاح نصفين. سينفد صبرك من صدرك .. اذا انتظرت ان تهمد حركتها الغاضبة، كما تهمد حركة ذنب أفعوان "أغونادا" الأسطوري في غابات الأمازون، بعدما تطوح برأسها بسيف الغابات: العريض والسميك. يسبّك بني آدم: "حشرة"؛ "دودة" او يسبّك "أفعى رقطاء" .. ولكنك لا تسبّ ذات الثوب الأسود الكامد الدهري. لا تسبّ دودة الحقول البنية اللامعة، فهي تستوطن الأرض التي ذللتها للزراعة .. وتساعدك في تذليلها لتبقى خصبة تتنفس هواء بفضل أوكار الخنفسة ودودة الحقول .. وتعبُّ ماء الشتاء بفضل أوكارها. ما الذي يبقى على الأرض من صور الحياة اذا انهار "الجينوم"؟ اذا انتصرت "الجمرة الخبيثة"؟ اذا نطح الأرض كويكب شارد قطره خمسة كيلومترات؟ تبقى خنفسة الحقول، دودة الحقول .. وهذا العقرب أيضاً. ما الذي "ينزلق" على قعر أعمق نقطة بحرية في المحيط الهادي؟ علقة طولها متر: رخوة جداً .. تحمل ضغط (١١) كيلومترا من ماء البحر، وفوق ماء البحر ضغط الغلاف الجوي. لا يسألون: لماذا تحطمت أضلاع الغواصات "داكار" الإسرائيلية، "تريشير" الأميركية، "كورسك" الروسية. يسألون: كيف لا تتحطم "أضلاع" هذه الدودة التي تحفر ٢٠سم تحت تربة الحقول .. او تحفر قعر المحيط العميق؟!. ٣ - بصّل، بذّر .. وشتّل مدير (C) في السلطة الوطنية الفلسطينية، رفّع رتبته الى مدير عام حديقة بيته، فصار مديراً لأكاديمية صف البستان. قانون البستنة هو: بذّر. شتّل. بصّل. وقانون الرياضة (البدنية لا العقلية) هو: أسرع. أطول. أعلى .. وأقوى. وقانون المعرفة هو: الشك والفضول. عشرون مسكبة صغيرة في فناء الدار، كأنها صفوف مدرسة: شتلات بنت اسبوعها الأول. بصيلات بنت عامها الأول .. وبذور نامت كامنة عامين او ثلاثة. كل ما عليك ان تفعله، هو أن تطلق عنان دودة حياة جديدة: للأبصال، للأشتال .. وللبذور، بعد أن تهيئ التربة .. مسكبة مسكبة للبذور، حفرة حفرة للأشتال، او ثقباً ثقباً للأبصال.. وأما هذه البذور الدقيقة، فعليك أن تخلطها بالتراب .. ثم تنعفها ببراعة متساوية، ثم تنعف فوقها قليلاً من التراب. عشرون نوعاً من الأبصال، الأشتال، البذور، ستجعل فناء بيتك جنة في اول الربيع. لن تقلق: بلدي او كيماوي؟ لن تتعب بخضراوات تذبل سريعا في براد مطبخك. .. لكن، خلال تهيئة فناء البيت لقانون البستنة ومملكة النبات، ستكتشف اشياء حية كنت قد اكتشفتها طفلاً دون ان تفهمها: الخنفسة، علق الأرض ..الخ. ما هو البيت المقدس: زوج وزوجة. طفل. نبات. حيوان ما (قطة او عصفور أو..) .. وبعض الحشرات والديدان في فناء البيت؟!! نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دورة حياة دورة حياة



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon