توقيت القاهرة المحلي 07:03:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في مدارات الخليّة

  مصر اليوم -

في مدارات الخليّة

حسن البطل

إذا أردنا اكتناه خليقة كوكب الأرض، نذهب الى تابعها الأرضي: القمر. فإن أردنا اكتناه خليقة الكون، نذهب إلى مذنّب ما، يتمرجح بين مجموعات شمسية مختلفة، أو ينوس بين كواكب مجموعة شمسية معينة.. وتوابعها. ...وإما، إن شئنا اكتناه الذكاء الإنساني، فإننا نمعن في تشريح تلك المادة الرمادية ـ السنجابية التي تغلف دماغاً، تذود عنه جمجمة. .. وما الانسان، بيولوجياً، سوى رأس ـ دماغ وله ذنب طويل هو كامل الجذع الانساني من فوق الرقبة.. إلى ابهام قدمك اليمنى، واليسرى. لكن، إن شئنا اكتناه سر الحياة، أوغلنا في غياهب النطفة، وفي عوالم الخلية.. بل في مورثاتها وجيناتها، سجلّها الهندسي ونظام عملها، الذي يفوق دقّة نظام الكون، باعتبار المادة الحية طفرة كبرى للمادة غير الحيّة. * * * هل هوى الاوطان نتيجة ثقافة سياسية، أم هو تعبير من تعبيرات دفاع الانسان عن حياضه وعمّا بين يديه؟.. كما تدافع الحيوانات عن مجالها الحيوي، وكما تتقاتل ذكور الحيوان حتى الموت أو الطاعة اذا وفد ذكر غريب قطيعاً ليس قطيعه؟ .. أم أن سمكة السولومون تعطينا المفتاح الغريزي ـ البيولوجي الدقيق لسر محبة مسقط الرأس، التي تعتبر هوى الاوطان طبعة موسعة، مزيدة ومنقحة عنها. قد تفقس سمكة السولومون بيوضها في أعالي الأنهار العذبة، فتندفع غريزياً نحو البحر.. لتسافر آلاف الكيلومترات الى مناطق البحار الدافئة. فإن جاءها زمن الاخصاب، ووضع البيوض، عادت القهقرى الى النقطة التي فقست فيها، دون أن تخطئها.. قيد أنملة. وقد لاحظ الانسان استماتة هذه الاسماك للعودة الى مواطنها الاولى، وقتالها حتى الموت لصعود الموانع الطبيعية التي يضعها الانسان على مجاري الانهار. وهكذا، تركوا فتحات جانبية في السدود النهرية، لتعود الاسماك الحبلى الى حيث رأت النور تضع بيضها.. وتودّع الحياة، أو تعطيها دورة جديدة. الطيور المهاجرة سجلت أدمغتها حتى السجل المغناطيسي للكرة الارضية، وعلى هدى هذا السجل المغناطيسي تسافر مهاجرة من مكان الى آخر.. وتعود إلى المكان ذاته، كما تفيد الحلقات المعدنية التي توضع في أقدام بعض أنواع الطيور. * * * عن سرّ محبة الانسان مسقط رأسه قيل الكثير، لكن آخر التفاسير تشير الى العامل البيولوجي أيضاً.. كيف؟ من المعروف أن للأرض حقلاً مغناطيسياً، لكن القطب المغناطيسي متبدل تبديلاً مستمراً، يبدو طفيفاً سنة بعد سنة، لكنه على مرّ ملايين السنوات يتبدل تبدلاً جذرياً. فقد كان القطب الشمالي، في زمن سحيق، موجوداً في الكونغو، والقطب الجنوبي في مكان آخر يقابله من الكرة الارضية. صحيح أن ظاهرة انزياح القارات أو "سفر" الغشاء الصخري السطحي وانزلاقه يفسّر بعض أسباب تبدل الشمال المغناطيسي والجنوب.. أيضاً، لكن، هناك أيضاً أسباباً تتعلق بموقع الارض من المجموعة الشمسية، ودوران المجموعة الشمسية في مجرة "طريق التبانة" أو "الطريق اللبني". * * * ويعرف علماء طبقات الارض "المورفولوجيون" عمر الصخر بناءً على عاملين رئيسيين: 1 ـ نوع الكائنات (من الرخويات ووحيدات الخلية الى الكائنات العظمية) المطبوعة على صفحة الصخر، وتركيبه الكيماوي. 2 ـ الاتجاه الذي يأخذه عنصر الحديد، فيشير الى الاتجاه السائد، آنذاك، للشمال المغناطيسي. وبما أن السجل الكوني خارطة دقيقة فيتم تقدير عمر الصخور بناءً على العاملين السابقين. * * * الانسان نفسه مؤلف من ومليارات الخلايا، التي لا تخلو من معدن. والحال أنه عندما يولد إنسان، تقوم خلاياه بتسجيل احداثيات الخارطة المغناطيسية لمكان ولادته. وقد يورث الانسان الخارطة المغناطيسية لخلايا والده، الذي أكل من نباتات المكان، والتي تسجل، بدورها، خارطة مغناطيسية معينة. هل يفسر ذلك، رغبة الانسان أن يدفن في مسقط رأسه.. حتى لو انتهت دورة حياته في مكان بعيد؟! ربما.. فنحن نجد أعمق الاجوبة، أدقّها، في فلسفة العلوم، لا في الايدولوجيا، ولا في التربية الثقافية ـ السياسية. غير أن الإنسان وخلاياه الحية، ليست أكثر عناداً من الصخر. فهناك صخور رسوبية، وصخور اندفاعية.. وأيضاً، صخور متحوّلة، أي (مطبوخة) بما يجعل الصخور الرسوبية تتبدى صخوراً نارية. تطورات مثل هذه تفسر تبدل ميول الانسان نحو المكان، اضافة الى قدرة المادة الحية على التكيف. ومع ذلك، ما زلنا نجد السر الخطير والكبير في أبسط الاشياء: من سر الكون الى سر الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مدارات الخليّة في مدارات الخليّة



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon