توقيت القاهرة المحلي 01:40:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"أبو طارق" ميسرة

  مصر اليوم -

أبو طارق ميسرة

مصر اليوم

  شعرت بالإحراج لما عاتبني، أمس صباحاً، "غريب" عامل مقهاي، وسألني أن أكتب عن الشهيد ميسرة "أبو طارق". العتاب حقه، والإحساس بالإحراج حق قرّائي عليّ. قضية الأسرى، والسجناء السياسيين، والمعتقلين الإداريين في سجون العدو، قضية وطنية أولى لا يتقدمها سوى قضية استشراء الاستيطان، بل وتتقدمه آنياً. عن الاستيطان أكتب، فلماذا ليس عن الأسرى؟ لأنني لم أجرب السجن يوماً، لا عربياً ولا إسرائيلياً، ولم أتعرض لـ "ضربة كفّ" ولو ضويقت وأوقفت ساعات ومنعت قطعياً من دخول هذا البلد العربي أو ذاك. ليس "ابو طارق" أول أو آخر من يموت في السجن الإسرائيلي، لكنه يستحق وافر احترامي، وهو الأصغر مني بأربع سنوات، لأمرين. الأول: بين العامين 1969 و1978 تعرض للاعتقال عدة مرات فترات متفاوتة، وأُبعد إلى الأردن، فكان يعود للعبور.. وكان يعتقل ويُبعد مرّة أخرى. العناد جزء من مدرسة النضال. في العام 1998 عاد منتهزاً فرصة سماح إسرائيل بعودة كوادر لحضور مؤتمر وطني في غزة، وما لبث أن اعتقل عام 2002 وحكم بالسجن 25 عاماً عام 2005، ثم مدّد القاضي العسكري الاحتلالي سجنه إلى 99 سنة عام 2007. الأمر الثاني في سيرته العنيدة على العودة رغم خطر الاعتقال والاعتقال الفعلي، هو إنجابه أربعة أبناء، والأمران معاً يختصران المواجهة بين السجن والسجّان، وبين المناضل، قبل أوسلو وبعدها، قبل الانتفاضة الأولى وخلال الانتفاضة الثانية، وفي شرخ شبابه وفي كهولته، أيضاً، كان له حربه الخاصة في حرب شعبه ضد الاحتلال. ربما انتقاماً وضعياً وبربرياً من عناده ونضاله لم يفكّوا قيوده في معصميه حتى بعد أن أصيب بمرض السرطان، وهذه بربرية، فإلى أين يهرب مريض بالسرطان ومحكوم بالسجن 99 عاماً؟ موت "أبو طارق" ميسرة أبو حمدية في السجن زاد الغضب الشعبي ضراماً، فقد أعقب استشهاد الشاب عرفات جرادات في السجن، بينما ضرب بعض المضربين المعتقلين إدارياً، مرة تلو المرة، عن الطعام، رقماً قياسياً دولياً في طول الإضراب الذي يحمل رايته سامر العيساوي. كأن سلطات إسرائيل تتعمّد رفع درجة الاحتجاج الشعبي والاحتقان إلى حدّ الانفجار، فهي ترفض الإفراج عن المعتقلين القدامى الـ 120 ما قبل أوسلو حسب طلب رئيس السلطة ووعود إسرائيل لها، علماً أن "ابو طارق" حوكم وقت الانتفاضة بلائحة اتهام طويلة، بعضها يعود إلى العام 1991، أي قبل اتفاق أوسلو. طلبت السلطة من إسرائيل الإفراج عن الأسير المصاب بالسرطان لتتولى علاجه ما أمكن، وكانت إسرائيل تستطيع بسهولة الاستجابة لمبادرة إنسانية، فقد يكون المريض ميئوس الشفاء، والحكمة أن لا يقضي في السجن.. لكنه الحقد والعناد! العناد هو ما يمنع سلطة الاحتلال الاستجابة إلى طلب المضربين عن الطعام، المتهمين بمخالفات بسيطة لشروط الإفراج عنهم في "صفقة شاليت"، الأمر الذي قد يؤدي إلى وفاة سامر ورفاقه، ومن ثم رفع درجة الاحتقان الشعبي إلى درجة الانفجار، بينما تحاول واشنطن إيجاد أسس تسمح بعودة المفاوضات. من حق الواقع تحت الاحتلال أن يقاومه، وعندما سُئل وزير الدفاع السابق إيهود باراك: لو كنت فلسطينياً ماذا تفعل؟ قال: ربما سأكون عضواً في منظمة تخريبية فلسطينية. إسرائيل تعطي نفسها ترخيصاً مفتوحاً بالاعتقال، وحتى بالاغتيال، ناهيك عن أحكام سجن تنكيدية وتعجيزية مثل إيقاع عقوبة السجن مدى الحياة، أو الحكم بعدة مؤبّدات.. وهذا أمر غير معروف في أي دولة أخرى.. لا بوليسية ولا ديمقراطية. بين ضغط الشارع الفلسطيني، وضغط إسرائيل على السلطة في مسألة المعتقلين والأسرى، ومسألة الاستيطان، تريد إسرائيل للأمور أن تنفجر، ولأية مفاوضات أن تفشل قبل بدايتها أو خلال التفاوض. هذه سياسة متعمّدة، ومنها أن إسرائيل جرّت الانتفاضة الثانية من بداياتها السلمية إلى العنفية، وعندما كانت هدنة تسري، تتعمّد إسرائيل القيام بعملية اغتيال لتفجير الأوضاع، كما فعلت باغتيال رائد الكرمي في طولكرم بعد هدنة استمرت شهراً. نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو طارق ميسرة أبو طارق ميسرة



GMT 21:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي.. آلة الزيف الانتخابي

GMT 21:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

GMT 21:06 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الشكلانية والتثعبن

GMT 19:52 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في حب العمدة صلاح السعدني

GMT 19:50 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

‎فيتو أمريكى ضد الدولة الفلسطينية.. لا جديد

GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon