توقيت القاهرة المحلي 10:21:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاسم: فيصل قرقطي

  مصر اليوم -

الاسم فيصل قرقطي

حسن البطل

"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم..." وأنت - وأنا من العباد؛ للعباد أن يصعدوا سلّم معرفة الواحد - للواحد، وكانت لي مع فيصل درجات المعرفة الخمس: زميل. صديق. صاحب. رفيق .. ويؤطرها كلها "المواطن"، فقد قادتنا الدرجات إلى أعلاها: عدنا سوية إلى البلاد. مات زميلي، صديقي، صاحبي، رفيقي.. ومواطني قبلي، وقد عرفته قبل أن يحب ويتزوج وفاء ابنة مخيم نهر البارد في حصار طرابلس 1983، وشهدت معه طفولة أولاده الثلاثة: حسام، سلام .. وسماء. هو يؤمن قليلاً بالأبراج وأنا لا، برجه برجي: سرطان أبيض. ربما لأن له ما للسرطان من صفات: يرتدي درعاً يغلف هشاشة ورهافة جوفه. هو هكذا: رقيق مرهف كشاعر حقيقي، وله درعه الصلب الذي يجعله يتحمل "نائبات الدهر حين تنوب". العمر سنوات؛ والسنوات أيام؛ والأيام نهارات وليال، وقد عركنا العمر والسنوات والأيام بنهاراتها ولياليها وعركتنا. نهاراً نحسو سوية أحياناً قهوة الصباح، وليلاً نحسو فيه أحياناً الكأس بعد الكأس، وبين القهوة والكأس لنا، سوية، ظهيرة من مداد الحبر والدخان. هو للأدب والنقد، وقليلاً للنثر السياسي، وأنا للسياسة وقليلاً للنثر السياسي. أيام وسنوات "فلسطين الثورة" لا تنسى. كنا أربعة في ليالي نيقوسيا، وكانت لنا ليلة في مطعم "غريك ثيغيرن" نيقوسيا. فجأة أنطقني شيطان الشعر: "نشرب الدنيا ولا يسعنا مكان". استدركت لاحقاً شغف الإسراف في وصل الليل بالنهار، والصحو بالنشوة، وبقيت وإياه: أنا مسرف في العمل اليومي المرهق، وهو مسرف في الشعر والنقد. ليس كل من كتب شعراً صار شاعراً، وأنت فيصل شاعر أصيل! علمتني السياسة الاعتدال، وعلمه الشعر الإسراف في شغف الحياة. قلبه على راحته: حميم في صداقته ووده وضيافته، لكن عتابه عتاب، وزعله زعل، وغضبه غضب .. وأسراره أسرار عميقة. له حياضه كجندي سابق في جيش التحرير. بعد عشر سنوات زمالة وصداقة وصحبة، فجأة أخذه النشيج وقال: هل تعرف كيف كانت أمي وكيف صارت؟ كانت راحيل، فتاة عربية - يهودية لأب عراقي وأم سورية. عشقت راحيل أبي الموسيقي في القدس زمن النكبة، هربت من عريسها يوم عرسها وتزوجت أبي .. جاءت النكبة، وصارت أمي هي اللاجئة فدوى. كل أولادها الشباب محاربون. جاريته ليلتها في النشيج، ثم جاراني في النشيج يوم قطعنا الطريق من أريحا إلى غزة: فلسطين، أو إسرائيل، أرض كنعان، أو الأرض المقدسة.. لكنها يا فيصل هي أرض أمي مريم.. هذه بلاد مريم! أولاده ينادونني "عمي" وأولادي ينادونه "عمي" وضياء ونادر لا ينفكان يسألاني عن العم فيصل والخالة وفاء، وخصوصاً: سلامات إلى حسام وسلام وسماء. كلا، ليست مصادفة أو انتقاء أن يختار أسماء أولاده الثلاثة. تحت سماء هذه الأرض حسام وسلام، حرب وسلام! أعرف ولا أعرف. أعرف لماذا قال عميد الدفاع في الحزب السوري القومي كمال خير بك في رثاء وديع حداد ببيروت: "أبكي غيابك أو غيابي / وحصانك الفضي يصهل أمام بابي". هل الموت كبوة حصان المقاتل - القائد؟ هل للعائد من المنفى، ومن "تعب الحياة" أن يختار موتاً غير موت مثل موسيقى الناي: "زاره ملاك الموت"، أو لا يختار موتاً مثل موت موسيقى الطبول "صمّ الفضاء". كيف لا يخترم الموت حياة العائد من المنافي إلا موتاً بالقلب وتوابعه، أو موتاً بالسرطان وكلابه. موت "تعب الحياة" أو وطأة "نائبات الدهر حين تنوب". "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم" والجسم آلة إلهية، والزمان مخرطة الحياة، ونحن نسرف على أنفسنا: حزناً، فرحاً، عشقاً، سهراً. سيرفعون منافض السكائر الملأى عن طاولات بيتك. كم كنت مسرفاً في كل شيء. فاحش الصدق. وداعاً فيصل محمد غازي قرقطي، أبو حسام. وداعاً لك زميلاً، صديقاً، صاحباً.. ورفيقاً. نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاسم فيصل قرقطي الاسم فيصل قرقطي



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon