توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاشت تبحث عن نفسها!

  مصر اليوم -

عاشت تبحث عن نفسها

سليمان جودة

إذا لم تكن الدكتورة لوتس عبدالكريم قد فعلت شيئاً فى حياتها سوى أنها عرفت محمد عبدالوهاب، ومصطفى محمود، وأحمد بهاء الدين، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعى، وصلاح طاهر، ويوسف وهبى، وغيرهم ممن هم من الوزن ذاته، فهذا يكفيها جداً لنقول، فى لحظة جد، إنها قد عاشت! غير أنك حين تطالع كتابها الممتع «رحلة البحث عنى» مع مقدمته الدافئة للصديق الشاعر أحمد الشهاوى، سوف تكتشف أنها لم تعرف هؤلاء الكبار فقط، وإنما اقتربت منهم طويلاً وكثيراً، ثم كتبت عن أغلبهم، كتابة الذى ذاق وعرف! ورغم أنى أعرفها من سنوات طويلة، إلا أنى لم أكن أتخيل أن تكون حياتها على هذا القدر المدهش من الدراما الحية، ابتداء من نشأتها فى الإسكندرية، ودراستها فى كلية الآداب هناك، ثم لندن فيما بعد، ومروراً بزواجها من سفير عاشت معه أعواماً، فى لندن، وطوكيو، وروما، ثم انتهاء بتجربة زواج أخرى، من عبدالرحمن العتيقى، الذى كان وزيراً للصحة، والداخلية، والخارجية، والمالية، والبترول فى الكويت! ولكن هذا كله لا يساوى شيئاً إلى جوار وحيدها «سالم» الذى كانت رحلتها فى الحياة بحثاً عنه فى الأساس، ومن أجله هو فى الأصل، فإذا بها، فى مرحلة من مراحل الرحلة، تلتفت فلا تجده بين يديها، فلا تملك والحال هكذا إلا أن تظل تفلسف الأمور حولها من بعده، على طريقة مصطفى محمود وتعيش على ذكراه! وفى اللحظة التى قرأت أنا ما كتبته هى فى كتابها عن يوسف وهبى تحديداً، أحسست أن بينهما خيطاً ممتداً ربط بينهما، وأن هذا الخيط يتمثل فى أن كليهما قد عاش ألف عام! تحكى فى الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، فى 700 صفحة، كيف كانت مجلة «الشموع» التى أصدرتها ذات يوم، من بين بنات أفكار عبدالوهاب، وأنه كان يريد أن يسميها «الصالون» لولا أن أحمد بهاء الدين، أول رئيس تحرير لها، قد رآه اسماً إفرنجياً، واقترح اسم «الشموع» فكان له ما أراد! وعندما تجد نفسك أمام سيدة قررت أن تنشئ مجلة بهذا الاسم، وأن يكون شعارها «من أجل قيمة الجمال فى الأدب، والفن، والحياة» فلابد أنك إزاء امرأة ذات إحساس راق، وذات عقل معاً، ولابد أنها، حين افتقدت الإحساس والعقل، كقيمة، فى مجتمعنا، قررت أن تنشئ لهما مجلة، وأن تنفق عليها من جيبها، لعل يوماً يأتى علينا يتجسد فيه شعار المجلة فى حياتنا، ولا نكون فى حاجة إلى أن نسعى لإقامة جمعية للرفق بالوجدان على نحو ما تمنى عبدالوهاب مدى حياته! لقد حازت لوتس عبدالكريم المجد من كل أطرافه، وأتاح الله لها، على كل مستوى، ما لم يكن متاحاً لغيرها ممن هن فى مثل ظروفها، بأى مقدار، ولكنها، رغم ذلك كله، لاتزال تطارد شيئاً ينقصها وتتحراه فى كل اتجاه فلا تقع له على أثر! وقد كان إحسان أصدق الناس، فى رؤية أعماقها، حين وصفها ذات يوم بأنها سيدة ينقصها، رغم كل ما عاشته، شىء ما! أتخيلها، وهى تجالس نفسها فى ساعة صدق، ثم تتطلع إلى ما فات فى أسى، وتذرف دمعة على مشوار مضى وانطوى، وتتساءل عن نوع الحصيلة التى تجدها فى لحظتها، بين يديها، فلا تتعلق فى النهاية إلا بالفلسفة، تفلسف بها ما حولها، لعلها تستوعب بعض ما كان وما جرى! وإذا كانت فى الكتاب عبارة قد أوجعتنى، فهى تلك التى قالها زوجها العتيقى، فى لحظة مصارحة مع نفسه ومعنا، فقطع فيها بأن الثروة الباقية فى أى دولة ليست ثروة النفط، كما قد نتصور، أو كما هو الحال فى بلاده مثلاً، وإنما هى ثروة البشر، ولكن أى بشر؟! "نقلًا عن المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشت تبحث عن نفسها عاشت تبحث عن نفسها



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon