توقيت القاهرة المحلي 23:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هاتوه من قفاه!

  مصر اليوم -

هاتوه من قفاه

سليمان جودة

الحملة التى تقودها الدولة، هذه الأيام، من أجل إزالة الأبراج المخالفة، فى المنطقة الواقعة خلف المحكمة الدستورية على شاطئ النيل، تثير من الشفقة على مسؤولينا أكثر مما تثير من الإعجاب بالمبدأ الذى ترفعه الحملة، وهو: تطبيق القانون! لاحظ من فضلك، أولاً، أنهم يتكلمون عن 22 برجاً فى منطقة واحدة، وبالتالى، فإن لك أن تتصور عدد الأبراج المخالفة، وحجمها فى سائر المناطق بامتداد الجمهورية على مدى ألف كيلومتر من الإسكندرية إلى أسوان! ثم لاحظ، ثانياً، أننا نتكلم هنا عن برج، وليس عن عمارة عادية ولا عن فيلا، أو بيت، أو حتى عشة.. وإنما هو برج يتطاول فى الهواء حتى يكاد يلامس السماء، ومن المؤكد أنه قام فى عام، أو عامين، أو ثلاثة، ولا يمكن عقلاً أن ينشأ برج فى أثناء الليل، أو أن يقوم فى شهر أو شهرين.. ولذلك، فالسؤال هو: أين كان هؤلاء الذين انتفضوا الآن وقت أن كان البرج يعلو طابقاً وراء طابق؟! ومع ذلك.. فليست هذه هى المشكلة، لأنك حتى عندما قررت أن تطبق القانون، طبقته، بكل أسف، على غير المخطئ، أو بمعنى أدق تركت المتسبب، وتعاملت مع ما عداه! إن الأجدى بأن تتم إزالته من الدنيا هو الشخص الذى منح رخصة لإقامة البرج، ولا ذنب لصاحب البرج، لأنه عندما ذهب يطلب ترخيصاً، حصل عليه، أياً كانت الطريقة التى حصل عليه بها! وسوف نفترض أنها أبراج مخالفة، أى أنها بلا ترخيص، لنصل عندئذ إلى نقطة البدء، وهى: أين كان مسؤول الحى، الذى تتبعه هذه المنطقة، طوال الفترة التى قامت فيها هذه الأبراج، بهذا العدد وبهذا الارتفاع؟! نحن إذن نهرج فى موضع الجد، ونعالج الظاهرة، ولا نعالج أسبابها، تماماً كما يحدث عندما يتم ضبط شخص يقود سيارة رغم أنه غير مؤهل للقيادة، ونكتشف أن معه رخصة، فنعاقبه فى حين أنه، والحال هكذا، ليس هو المسؤول الحقيقى عن أى جريمة يرتكبها بسيارته، وإنما المسؤول الأول والأخير هو الشخص منعدم الضمير الذى قرر أن يمنحه رخصة رغم أنه لا يعرف مبادئ القيادة! ويجوز جداً أن يكون بيننا كثيرون بلا ضمير، ولكن من غير الجائز أن يكون القانون غير قادر على التمييز بين جسم الجريمة ذاتها، أو أدائها، وبين الذى كان سبباً فيها، منذ لحظة البداية! ولذلك، فإن إزالة الأبراج، بالطريقة التى تتم حالياً، لن تقضى على الظاهرة، ولن توقفها، لأنك تعاملت معها كظاهرة ولم تتعامل مع سببها! هاتوا رئيس حى واحد، وعاقبوه بما يجب أن نعاقبه به على الملأ، وأمام الناس، وبشكل رادع، وعندها لن تجد مخالفة واحدة، لأن غيره سوف يرتدع، وسوف يخشى أن يلقى مصيره.. هاتوا المتسبب فى المخالفات، سواء كانت أبراجاً أو سيارات مخالفة على الطرق، وعاقبوه بصورة عادلة، ورادعة، ووقتها سوف لا يجرؤ أحد سواه على أن يخالف. طبقوا القانون كما يجب وعلى مخالفيه حقاً وهاتوهم من رقابهم وأقفيتهم، ولا تطبقوه، كما يحدث فى أبراج النيل، بالمقلوب! نقلا عن المصرى اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاتوه من قفاه هاتوه من قفاه



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 16:39 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أفضل انواع "الأرضيات الصلبة" في الديكور المنزلي

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

نادين نجيم تتألق في حفلة Bulgari Festa في دبي

GMT 14:32 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الآثار تصدر الجزء الأول من سلسلة الكتب عن مقابر وادي الملكات

GMT 10:34 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

نيرمين الفقي تنشر صورة جريئة تكشف عن مفاتنها

GMT 15:16 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يرتدي الزي الجديد في تصفيات أمم أفريقيا

GMT 08:14 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تغزو عالم التزلج على الجليد بمجموعة فريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon