توقيت القاهرة المحلي 10:41:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة موجعة من لندن

  مصر اليوم -

قصة موجعة من لندن

سليمان جودة

تنشر صحيفة «الشرق الأوسط» فى لندن، هذه الأيام، أوراقاً سرية أفرجت عنها الحكومة البريطانية مع مطلع العام الجديد، بعد أن مضت على سريتها 30 عاماً كاملة، وفيها نقرأ ما يمكن جداً أن يكون موجعاً ومفيداً لنا ولحكومتنا التى عليها تحديداً أن ترى كيف تتصرف الحكومات المسؤولة تجاه شعوبها عندما تكون فى موقع المسؤولية. فالأوراق تروى أنه حدث فى 17 إبريل 1984 أن توجهت مجموعة من المعارضين لنظام العقيد القذافى وقتها إلى مبنى السفارة الليبية فى لندن، وأعلنوا احتجاجهم على ما يفعله القذافى فى بلدهم. ويبدو أن حركة المعارضين حول السفارة وقتها قد تجاوزت ما هو مسموح به من الجانب الليبى أو أنها لم تأت على هواه، فأطلق أحد أفراد طاقم السفارة الرصاص الحى عليهم من داخل السفارة، وأصاب عدداً منهم، فسقط مصابون فى عرض الشارع! غير أن الأهم من ذلك أن الرصاص أصاب ضابطة شرطة إنجليزية فقتلها فى الحال، ولم يكن بوسع مارجريت تاتشر، رئيسة الحكومة الإنجليزية، فى أثناء الحادث إلا أن تتصرف بما يحمى حق مواطنة إنجليزية سقطت غارقة فى دمائها وهى تؤدى عملها! وقيل إنه قد صدرت تعليمات فورية فى حينه باقتحام السفارة من البوليس الإنجليزى، وتفتيشها ومصادرة السلاح الموجود فى داخلها، والقبض على القاتل. ولكن عقل «تاتشر» باعتبارها رئيسة الحكومة المسؤولة كان يعمل فى اتجاه آخر تماماً، ويفكر فيما جرى بشكل مغاير بنسبة مائة فى المائة، إذ راحت تلك السيدة تقارن بين مصلحة لا جدال فيها فى أن يعود حق الضابطة القتيل إليها، وبين مصلحة أكبر لبريطانيا كلها متمثلة فى عقود بترول بمئات ملايين الدولارات مع القذافى. ولم تتردد رئيسة الحكومة فى الوصول إلى قرار ولا أخذت وقتاً، وإنما فى لحظة، قررت تغليب مصلحة بريطانيا العظمى على مصلحة فرد فيها وتغاضت سريعاً عن حق الضابطة الغارقة فى دمائها، ورأت بكل ما أوتيت من وعى سياسى مصلحة بلادها مجردة، فقررت أن تعلو بها ولا يعلو عليها شىء! وبسرعة صدر قرار بالسماح للقاتل بالخروج آمناً من دار السفارة، ولم يتعرض له أحد! ولابد أن موقفاً كهذا لا ينفصل أبداً عن موقف مماثل كان البطل فيه هو رئيس الحكومة البريطانية نفسها حالياً ديفيد كاميرون الذى جاء عليه وقت ضج فيه بتجاوزات المتظاهرين فى شوارع عاصمة بلاده، فقال ما لايزال كثيرون يأخذونه عنه، باعتباره عين الحق.. قال: «إذا تعارض حق من حقوق الإنسان مع مصلحة بلدى، ومع أمنها القومى، فلتذهب كل حقوق الإنسان إلى الجحيم». وقد كان بالطبع يقصد أن من حق أى مواطن إنجليزى أن يتظاهر فى حرية كاملة غير أن حقه هذا إذا كان سيؤدى من خلال ممارسته إلى تعريض مصالح البلاد وأمنها لأى خطر، فلتذهب كل حقوق الإنسان أياً كانت إلى الجحيم رأساً! وأغلب الظن أن فى القصتين: قصة تاتشر، وقصة كاميرون ـ درساً لا يمكن لحكومتنا إلا أن تتوقف أمامه، وتتعظ به، وتأخذ عنه ثم تترجمه على أحوالنا. ذلك أنه إذا كنا سنجد أنفسنا أمام مفاضلة بين حق جماعة إخوانية همجية فى التظاهر وفى العربدة باسم التظاهر وبين مصالح عليا للبلاد، فليذهب الإخوان جميعاً إلى الدرك الأسفل من النار، لا إلى الجحيم فقط، لا لشىء إلا لأن مصر يجب فى كل الأوقات أن تعلو، ولا يعلو عليها أحد ـ إخوان، أو غير إخوان! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة موجعة من لندن قصة موجعة من لندن



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon