توقيت القاهرة المحلي 19:30:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هكذا يمرض على سالم

  مصر اليوم -

هكذا يمرض على سالم

سليمان جودة

كل قارئ لكتابات الأستاذ على سالم الممتعة يستطيع أن يشم من خلال السطور كيف يكتب هذا الرجل، ولكن لا أحد من القراء قطعاً يعرف كيف يمرض على سالم إذا ما أصابه مرض عابر. فقبل أيام قليلة دخل كاتبنا المستشفى، ثم خرج من غرفة عنايته المركزة، صباح أمس الأول، وأظن أنها كانت فرصة جديدة أتيحت أمامه ليعيد قراءة الأجواء من حوله فى أشخاصها وأشيائها من منظور مختلف. وحين نعرف بعض ما جرى بينه وبين الطبيب المعالج، فسوف نرى كيف أن صاحب دراما «بكالوريوس فى حكم الشعوب» التى أمتعت كثيرين على المسرح زمان، قد خاض التجربة ساخراً كعادته، وأن سخريته التى لا تفارقه فى حياته والتى صنع منها، ثم بها، آيات من الفن قدمها لنا على مدى سنوات طويلة كانت - أقصد سخريته - هى القاسم المشترك الأعظم فى كل مراحل العلاج. طلب الطبيب أن يسمع دقات قلبه، وكان أن رد هو فى تلقائية: ماذا تريد أن تسمع على وجه التحديد؟!.. تشايكوفسكى أم سيد درويش، أم عبدالوهاب؟!.. مَن بالضبط يا دكتور؟! وأغلب الظن أن الطبيب وهو يكشف على القلب المتعب بفتح العين وكسرها معاً، ثم وهو يتحسس نبضاته، كان يتهيأ له أنه يسمع صوتاً من هذه الأصوات التى سأله المريض على سالم، عما إذا كان يريد أن يطرب بواحد منها، فقلب لرجل مثل على سالم لابد أنه ينبض كما لا تنبض قلوب سائر الناس، كما أن الأصوات الصادرة عنه سوف لا تكون كأصوات باقى قلوب خلق الله. وحين تمدد أمام الطبيب، وحين فحص الطبيب أجزاء جسده، ثم أخبره بأن هناك ورماً خفيفاً وحميداً حول إحدى الكليتين، وأنه لابد من إزالة الاثنين معاً: الورم والكلية.. فإن المريض الممتلئ بالسخرية حتى حافته قد فاجأ طبيبه، عندما قال دون تفكير: ولكن.. من فضلك يا دكتور حاسب وأنت تزيلهما على الطحال لأنى أحبه! مريض من هذا النوع يبدو أنه هناك حوار لا ينقطع بينه وبين أعضاء جسده، ومن الواضح من مشاكساته مع الطبيب أنه، أى المريض، يحب هذا العضو، ولا يحب ذاك، ويحزن من أجل واحد من أعضاء جسمه، ولا يكترث لغضب أو تمرد عضو آخر! وعندما دخل عليه صديقه محمود عبدالغفار، حفيد أحمد باشا عبدالغفار، وعرف بحكاية الكلية وما حولها أخبره فيما يشبه الدعابة بأنه هو شخصياً - أى الصديق - يملك ثلاث كليات فى بطنه، وقد كانوا يعتبرونها عيباً خلقياً عند ولادته، ولكنه عاش بالثلاث بصحة جيدة، ولايزال! وهنا استيقظت حاسة السخرية على الفور لدى المريض الممدد فى فراشه وراح يتطلع نحو وجه الصديق، ويقول باسماً: هذا ليس عدلاً ولا هو موضوعية.. ثم تحول عنه إلى السماء، وخاطبها فيما يشبه العتاب، فقال: هل تمنحه يا رب ثلاثاً من الكلى لأنه من عائلة باشوات، ثم تمنحنى كليتين اثنتين لمجرد أنى لست ابن باشا؟! كان يقول هذا وكأنه يردد ما كان برنارد شو، كاتب الإنجليز الساخر، قد صاح به، حين تأمل أحوال العالم، متحسساً صلعته الجرداء، ولحيته الكثيفة، إذ قال: ما يجرى فى العالم تصوره بدقة حالة صلعتى مع حال لحيتى.. غزارة فى الإنتاج، وسوء فى التوزيع! ادعو معى لعلى سالم بالشفاء.. فشفاؤه إنما هو بقاء للنقاء بيننا. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا يمرض على سالم هكذا يمرض على سالم



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

GMT 05:05 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

GMT 05:00 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الأولوية لا تزال لأهل غزة في محنتهم

GMT 04:59 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«دقوا الشماسي م الضحى لحد التماسي»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 19:13 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما
  مصر اليوم - دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 19:04 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

GMT 11:04 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

"فورد" تستدعى 5234 سيارة فى الصين لمخاطر تتعلق بالسلامة

GMT 03:05 2024 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

5 ملايين زائر لمعرض القاهرة الدولي للكتاب

GMT 05:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دول غرب أفريقيا تتخذ إجراءات جديدة لإنقاذ الغابات

GMT 18:11 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

عودة ميسي ووصول لاعبو البارسا لمواجهة رايو فاليكانو الليلة

GMT 04:18 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"بي بي" تؤكد بدء إنتاج 50 مليون قدم من الغاز في مصر

GMT 16:41 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

كشف ملابسات مقتل سيدة بمنزلها ذبحًا في دمياط

GMT 08:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 أطعمة مهمة تساعدك في علاج الأرق المزعج

GMT 09:17 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التناقض عنوان المجموعة الشتوية الجديدة لزياد نكد

GMT 11:42 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر guess seducriv I am yours لإطلالة غامضة ومغرية

GMT 23:10 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

مطار سوهاج يُجري تجربة طواريء لطائرة منكوبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon