توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نزول الجيش

  مصر اليوم -

نزول الجيش

مصر اليوم

  انتقلت الدعوة لنزول الجيش في مصر، من طابعها الجماهيري الذي نشأت عليه منذ بضعة أشهر، بين مختلف التجمعات الشعبية الغاضبة، إلى درجة أعلى بين المثقفين وأصحاب الفكر والقلم، بحيث راح كل واحد فيهم يتناولها بالدرس والتحليل، باحثا في أصلها، وفصلها، واحتمالاتها، وتوقيتاتها، ومدى نجاحها أو فشلها! وبما أن دعوة من هذا النوع، بدأت على استحياء، بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا، في يونيو (حزيران) الماضي، بشهرين أو ثلاثة، تعبيرا عن عدم رضا شبه عام، عن مستوى أدائه في الحكم، ثم ما لبثت أن ذاعت، وبما أن هذه هي المرة الأولى التي تنطلق فيها هذه الدعوة، بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، فإن السؤال هو: هل كانت قد انطلقت دعوة مماثلة لها، بعد ثورة يوليو (تموز) 1952؟!.. وهل تحققت حين انطلقت في حينها، ثم وهذا هو الأهم، مَنْ بالضبط الذي كان وقتها، قد تبناها؟! سوف نكتشف، ونحن نحاول الإجابة عن هذا السؤال، أو بمعنى أدق هذه الأسئلة، أن ثورة يوليو، التي قادها جمال عبد الناصر، إذا كانت قد قامت عام 1952، فإن أول دعوة للجيش لينزل، بعدها، كانت في عام 1977، أي بعد اندلاعها، كثورة، بربع قرن كامل، في حين أنها هنا، انطلقت كدعوة أيضا، بعد ثورة 25 يناير بعامين، وربما أقل، بما قد يعطي فكرة، ولو انطباعية، عن قدرة الثورة الأولى على احتواء جماهير المصريين، وسعيها بجد، نحو تحقيق أهدافها، بصرف النظر طبعا عن مدى نجاحها، أو عدم نجاحها، في تجسيد هذه الأهداف على الأرض، ثم بما يعطينا فكرة كذلك عن قدرة الثورة الثانية، على تحقيق الشيء ذاته! طبعا.. كانت الدعوة إلى نزول الجيش، في عام 1977، مختلفة تماما عنها الآن، لأنها في ذلك الوقت، جاءت من رئيس الدولة نفسه، عندما وجد الرئيس السادات، أنه مضطر للجوء إلى الجيش لينزل، من أجل حفظ الأمن، واستعادة هيبة الدولة، في أعقاب أحداث يناير في ذلك العام، التي انتفضت فيها قطاعات من الجماهير، احتجاجا على رفع أسعار عدة سلع في تلك الأيام، وقد اشتهرت الأحداث إياها، بانتفاضة الخبز، لأن الاعتراض الأساسي للجماهير التي خرجت فيها، كان على رفع سعر رغيف العيش، في حين أطلق عليها السادات مسمى «انتفاضة الحرامية» لأسباب ليس هذا هو مجال الخوض فيها. كانت الدعوة، إذن، من الرئيس، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى المشير عبد الغني الجمسي، بوصفه القائد العام لها، وعندما نزلت، فإنها ما كادت تنتهي من مهمتها، التي جرى استدعاؤها من أجلها، حتى عادت إلى ثكناتها التي كانت فيها قبل الدعوة! في المرة الثانية، كانت الدعوة مشابهة إلى حد بعيد، ولا اختلاف فيها عن الأولى، إلا تاريخها تقريبا، لأنها حدثت عام 1986، عندما دعا الرئيس حسني مبارك، الجيش، إلى النزول، لتطويق تمرد قوات الأمن المركزي، وهو تمرد كان قد اتسع نطاقه، حتى بات يهدد الأمن العام، ولم يجد مبارك في تلك اللحظات العصيبة، بديلا عن دعوة قواته المسلحة، إلى القيام بمهمة شبيهة بما كانت القوات نفسها، قد نهضت بها في عام 77، وكانت الدعوة في المرة الثانية، كما نرى، من رئيس الدولة أيضا، إلى المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، فامتثل المشير وأتم مهمته المدعو إليها، ثم عاد سريعا بقواته إلى وحداتها، كما كان قد حدث مع المشير الجمسي بالضبط. في المرة الثالثة والأخيرة، جاءت الدعوة من مبارك إلى المشير حسين طنطاوي، وكان ذلك يوم 28 يناير 2011، عندما أحس الرئيس حينئذ، بأن البوليس عاجز عن حفظ الأمن والاستقرار فلجأ إلى جيشه، واستدعاه، فنزل الجيش، غير أن نزوله هذه المرة، كان مختلفا عنه، في المرتين السابقتين، لأنه عندما استجاب لدعوة رئيس الدولة، باعتباره قائده الأعلى، نزل وفي ذهنه، فيما يبدو، أنه نزول بغير رجوع إلى ما كان عليه من قبل، ولذلك، طال بقاؤه هذه المرة، لما يقرب من العامين، وحين عاد، فإنه فيما يظهر قد عاد على غير رغبة منه، ولعل مشهد إعفاء المشير طنطاوي والفريق عنان مع عدد آخر من كبار القادة، يوحي بهذا المعنى، حتى وإن لم يجاهر به أحد في العلن! في المرات الثلاث، من عام 1952 إلى عام 2011، كان هناك شيئان يمثلان قاسما مشتركا أعظم؛ أما الأول فهو أن الداعي إلى النزول، هو رئيس الدولة شخصيا، وبشكل مباشر، وأما الثاني فهو استجابة الجيش سريعا، ودون إبطاء. ولكن.. في هذه المرة الرابعة، التي بدأت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، ولا تزال مستمرة، فإن هناك اختلافا جوهريا في الموضوع، لأن الدعوة في هذه المرة، لم تأتِ من الرئيس، بل على العكس، فالرئيس ضدها، وإنما جاءت من الشعب نفسه، وإذا شئنا الدقة في التعبير عن واقع الحال، قلنا إنها جاءت من بين قطاعات في هذا الشعب، أيا كان حجم هذه القطاعات، ثم شاعت الدعوة إعلاميا، بشكل لافت للنظر. وإذا كان هناك شيء يستحق أن نتأمل معناه، في القصة كلها، فهو أن الرئيس في ظل ثورة يوليو 52 كان يستعين بالجيش، عند الضرورة، ضد الغاضبين من شعبه، لينقلب الحال، في ظل ثورة يناير 2011، فتستعين قطاعات كبيرة من الشعب، عند الضرورة نفسها، بالجيش، ضد الرئيس، فيا لها من مفارقة تستأهل أن نتوقف عندها!  نقلاً من جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزول الجيش نزول الجيش



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon