توقيت القاهرة المحلي 09:07:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رئيس لكل المصريين

  مصر اليوم -

رئيس لكل المصريين

سليمان جودة

لا يكاد يمر يوم في مصر هذه الأيام، إلا وتنطلق فيه دعوة جديدة للجيش، بأن ينزل، ويتولى إدارة أمور البلاد، بدلا من الدكتور محمد مرسي وجماعته! قد تأتي الدعوة مرة، من كاتب في صحيفة، وقد تأتي في مرة ثانية، من خلال وقفة احتجاجية في القاهرة، أو خارجها، وقد تأتي في مرة ثالثة، من بين مجموعة التقت في ندوة أو مؤتمر يكون قد انعقد للتداول حول سوء الأوضاع العامة في البلد.. وقد.. وقد.. إلى آخره.. غير أن القاسم المشترك الأعظم في الدعوة أنها متكررة، في كل الأحوال، وبإلحاح عجيب، كما أن الدافع إليها، في كل أحوالها، واحد، وهو المعاناة من جانب الغالبية في الحياة المصرية عموما، واليأس من قدرة مرسي وإخوانه، على أن يجعلوها أقل معاناة، وأفضل قليلا، ولو بأي درجة! ولم تنتبه جماعة الإخوان، في كل مرة انطلقت فيها هذه الدعوة، إلى أنها في جوهرها، ليست رفضا للدكتور مرسي، كرئيس منتخب، بقدر ما هي رفض لاستمرار تدهور الأوضاع العامة، على النحو الذي تتدهور به، يوما بعد يوم، وليس أدل على أن الدعوة ليست رفضا للرئيس من أجل الرفض في حد ذاته، إلا أنها إلى شهور قليلة مضت، لم تكن موجودة، ولا كانت مطروحة، وإنما كان هناك، منذ أن فاز مرسي بالمنصب الرئاسي، ولعدة أسابيع، إقرار كبير بفوزه، ثم، وهذا هو الأهم، بمسؤوليته عن إدخال تغيير من نوع ما، على حياة الأكثرية من المصريين، الذين فرحوا بالثورة في حينها، ليس لأنها أطاحت بالرئيس السابق مبارك، ونظامه، وإنما لأنها مستقبلا سوف تنهي معاناتهم اليومية، أو تخفف منها على الأقل. حدث هذا، وكان كثيرون في البلد مستعدين، وأعتقد أنهم لا يزالون مستعدين، لأن يمنحوا مرسي وليس جماعته، فرصة أخيرة، ليثبت قدرته على أن يكون في صف الناس الغلابة، وأن يكون لاصطفافه هذا، أثر حقيقي على الأرض. وعندما أقول إن الفرصة التي جرى منحها للرئيس، والتي لا يزال فيها بقية، ليس واردا منحها لجماعة الإخوان، فالسبب أن هذه الجماعة كان يجب أن تختفي من الوجود، يوم الإعلان عن فوز مرشحها في انتخابات الرئاسة، آخر يونيو (حزيران) الماضي، وأن تتحول إذا أرادت، إلى وضع مطابق لوضع جمعية «الإصلاح والتوحيد» في المغرب، بكل ما نعرفه عن هذه الجمعية، التي لا علاقة لها بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الرباط، ولا علاقة له بها، بشكل حقيقي، وليس بشكل نظري، كما هو الحال في العلاقة بين «الجماعة» والرئيس في مصر! وإذا كانت الدعوة إلى نزول الجيش، قد انطلقت عشرات المرات، فقد انطلقت من قبلها، ثم بالتوازي معها، مئات، بل آلاف الدعوات، إلى الرئيس مرسي، بأن يتوقف عن أن يكون رئيسا للإخوان وحدهم، وأن يجرب، ولو لمرة واحدة، أن يكون رئيسا للمصريين كلهم، بصورة فعلية. وبالمناسبة، فإن الرئيس لو كان قد وعى معنى الدعوات الموجهة إليه، ولو كان قد استجاب لها على نحو ما يجب، ما كان لدعوات الجيش، عندئذ، محل من الإعراب ولم يكن المصريون سيجدون أنفسهم في حاجة، إلى الاستغاثة بالجيش، في شأن ليس من شأنه، وإنما هو شأن الرئيس الموجود على الكرسي بالمقام الأول. وقد كان الشيء المدهش، ولا يزال، أن مرسي لا يكاد يترك مناسبة يخرج فيها على الشعب، بخطاب عام، إلا ويؤكد فيه من جديد، أنه رئيس لكل المصريين، ولم يلتفت الرجل إلى شيء مهم للغاية، وهو أن مسألة رئاسته لكل المصريين، إنما هي فعل بالأساس من ناحيته في كل الأوقات، وليست كلاما يقوله هو في خطاباته، حتى ولو أقسم عليه بكل مقدس، في كل طلة له على مواطنيه، إذ الطبيعي أنه لو كان حقا رئيسا للمصريين كلهم، في سياساته وتصرفاته، وخطواته، لكان مواطنوه قد أحسوا بذلك، على الفور، وما كانوا وقتها، في حاجة إلى أن يدعوه، لأن يكون رئيسا لهم، كلهم، دون استثناء، وما كان هو، في المقابل، سوف يكون في حاجة إلى أن يؤكدها مرارا في خطاباته، وكأنه يتحسس «بطحة» على رأسه! دعوات نزول الجيش، تظل «رسالة» غير مسبوقة، أكثر منها أي شيء آخر، لأن أصحابها هم ربما أول من يعرف، أن الجيش إذا نزل، فلن ينزل استجابة لدعوات كهذه، ليس استهانة بها، ولا بأصحابها طبعا، وإنما لأن حالات نزوله، ليست هذه الحالة من بينها، ومع ذلك، فإن «الرسالة» على قوتها، ومغزاها، لم تصل في كل المرات، ولا وعاها مرسي وجماعته، وضاعت في غمرة استسلامه لـ«الجماعة» وتكالب «الجماعة» عليه! نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس لكل المصريين رئيس لكل المصريين



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon