توقيت القاهرة المحلي 23:30:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العبارة التى هزت «أبوالغيط»

  مصر اليوم -

العبارة التى هزت «أبوالغيط»

سليمان جودة

فى صفحة 157 من مذكراته، يقول أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق، ما يلى بالحرف: على أى الأحوال، سار معى الرئيس، وأنا أقترب من باب الصالون المتسع الذى استقبلنى به، فى الدور الأرضى بقصر الاتحادية فى هليوبوليس، وقال جملة موجزة، صدمتنى بقوة، ولم أتحدث بها مع شخص قط.. إذ أذكر أنه، وكأنه يفكر بصوت عال، أنه قال إنه لا يستبعد أن تكون لدى الأمريكيين رغبة فى إقصائه عن الحكم!! يقول الوزير «أبوالغيط»: «دُهشتُ لهذا القول، الذى بدا كأنه خواطر صدرت دون تفكير، أو ترتيب مُسبق!». أما مذكرات الرجل، فقد صدرت قبل أسابيع عن دار نهضة مصر، فى نحو 600 صفحة تحت عنوان «شهادتى»، وأما الفترة التى تتناولها فهى فترة وجوده وزيراً للخارجية، من يوليو 2004 إلى مارس 2011، وهو يتعرض بطبيعة الحال لبدايات عمله فى الوزارة، منذ كان دبلوماسياً صغيراً فى مكتب حافظ إسماعيل، مستشار الأمن القومى العتيد، إلى جوار السادات، مروراً بعمله مع جميع وزراء خارجية مبارك، من أول كمال حسن على، إلى عصمت عبدالمجيد، إلى عمرو موسى، ثم أحمد ماهر. وحين انتهيت من قراءة هذه المذكرات الشيقة، تذكرت نزار قبانى عندما قرر، يوماً، أن يكتب سيرته الذاتية، فى كتابه الممتع «قصتى مع النثر»، فقال - ما معناه - إنه يريد أن يبادر ويكتب قصة حياته، وبيده، قبل أن يأتى آخرون فيكتبونها نيابة عنه، من بعده، فيضيف إليها هذا من عنده، ويحذف منها ذاك بهواه، دون وجه حق! شىء من هذا أتصور أنه وقع مع الوزير «أبوالغيط»، لأنه من الواضح أن الأمر الأساسى الذى ملأ عليه عقله، منذ غادر كرسى الوزير، هو أن يجلس ليكتب بيده وقائع ما جرى باليوم والساعة، على مدى سبع سنوات، كما رأى بعينيه، وسمع بأذنيه. وبقدر ما إن مسائل كثيرة استوقفتنى فى المذكرات، خصوصاً حديثه المستفيض عن ملف السودان، ثم ملف الماء مع دول حوض النيل، وكذلك ملف العلاقة مع أفريقيا، بقدر ما إن العبارة التى بدأتُ بها هذه السطور، التى جاءت على لسان الرئيس السابق، لفتت انتباهى بقوة، وتوقفت أمامها طويلاً، ورحت من جانبى أتأمل معناها، وأحلل ما بين كلماتها وسطورها، وأتخيل كيف قالها مبارك، فى لحظتها، وكيف كانت وطأتها على سامعها الوزير «أبوالغيط». ويكفى هنا أن نعرف أنها قيلت فى فبراير 2005، وأنها جاءت بعد الزيارة الشهيرة التى قام بها «أبوالغيط»، إلى واشنطن فى تلك الأيام، وكاد وقتها يشتبك بحدة، مع كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، فى حينه، عندما كانت إدارة بلادها، فى ذلك الوقت، تشن هجوماً حاداً، ومخيفاً، على نظام الرئيس السابق. جاءت إذن، كعبارة موجعة، لقائلها وسامعها معاً، قبل أن يتخلى «مبارك» عن الحكم بست سنوات كاملة، ولذلك، فلابد للمرء، حين يطالعها فى المذكرات، أن يتسمر أمامها، وألا تمر عليه بسهولة، لأنها ليست عابرة، ولا يجوز أن تكون، خصوصاً إذا قررت أنت أن تقارن بين مضمونها وموقف الإدارة الأمريكية من «مبارك» بعد اندلاع ثورة 25 يناير، ثم إذا قررت أنت أيضاً أن تقارن بين مضمونها هذا ذاته ومكالمة كانت قد جاءت للوزير «أبوالغيط»، من هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، التى تلت «رايس» فى موقعها.. ففى الفترة من 26 يناير، أى بعد اشتعال الثورة بيوم، إلى 30 يناير، أى بعد جمعة الغضب بيومين، وبعد حرق 99 قسم شرطة فى توقيت واحد، وبطريقة واحدة، كان «أبوالغيط» موجوداً فى إثيوبيا، وجاءته مكالمة وكانت تشدد على ضرورة أن تتاح الفرصة كاملة للمظاهرات لتمضى فى طريقها! أى طريق بالضبط كانت تقصده وتريده هيلارى كلينتون؟.. وما علاقة هذا «الطريق» بما كان «مبارك» قد أحس به، قبلها، بست سنوات، ونطق به، على مسمع من وزير خارجيته، كأنه، أى الرئيس وقتها، كان يشبه النائم الذى يحلم، ثم يتكلم فى نومته، بما يطارده فى يقظته؟! يا لها من عبارة كاشفة، سمعها وزيرنا، ثم ظلت تؤرقه بمفرده إلى أن أفرغها فى الكتاب، فاستراح! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العبارة التى هزت «أبوالغيط» العبارة التى هزت «أبوالغيط»



GMT 22:38 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حماية المستهلك!

GMT 22:38 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الاختبار الفلسطينى

GMT 22:37 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

سيناء فى قلب مصر

GMT 20:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 20:07 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الحكماء الثلاثة

GMT 20:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

لا مؤاخذة: الفستان

GMT 19:50 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فرصة ذهبية لاستعادة شعبية الحكومة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon