توقيت القاهرة المحلي 23:55:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لطمة على وجه كل مواطن

  مصر اليوم -

لطمة على وجه كل مواطن

سليمان جودة

حين قررت محكمة النقض، أمس الأول، إعادة محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، فى قضية قتل المتظاهرين، كانت نيابة الأموال العامة قد استبقت قرار النقض، وقررت حبسه قبلها بـ24 ساعة، لمدة 15 يوماً، وليس لهذا معنى إلا أنها كانت تعلم قرار النقض مسبقاً، وأظن أن هذا لا يجوز، ولا يليق، لأن المفترض أن قراراً من هذا النوع لا يعلمه غير أصحابه قضاة المحكمة فقط، وهى أعلى المحاكم فى البلاد دون استثناء.. فكيف إذن تسرب قرارها على هذا النحو؟!.. سؤال يرسم علامة استفهام بعرض الأفق كله! هذه واحدة.. أما الثانية فهى أن حبسه 15 يوماً جاء على ذمة التحقيق فى هدايا كان قد حصل عليها من الأهرام، وحين تتأمل أنت قائمة هذه الهدايا التى نشرتها الصحف يتبين لك أنها عبارة عن حزام جلد مرة، وحافظة نقود مرة أخرى، وزجاجة عطر مرات.. إلى آخره.. صحيح أن القائمة كانت تضم هدايا ثمينة أخرى، لكنها فى أغلبها كانت من هذا النوع الذى ذكرته حالاً! فما معنى هذا؟!.. معناه أننا حين نحبسه بغرض محاكمته على أشياء كهذه، فإننا كدولة نعبث بأقصى ما يكون العبث، ونضحك على أنفسنا، قبل أن نضحك على الناس، ونمارس خداع النفس إلى حد محزن، ومهلك، ومؤسف! أفهم أن نحاكم الرجل على أنه طوال 30 عاماً قد ترك «الأهرام»، مع باقى المؤسسات الصحفية، على وضعها الحالى، وهو وضع مأساوى لمن يعرف تفاصيله ودقائقه، ويؤدى فى كل صباح إلى إهدار مال عام، كما لم يتم إهدار لمال عام من قبل! أفهم أن نحاكم الرئيس السابق على أنه ترك الخدمات الصحية للمواطنين بحالتها الراهنة، وهى حالة تؤدى إلى هلاك المرضى على أرصفة المستشفيات، وفى الشوارع، لأننا طوال الوقت نتكلم فى دستورنا، وفى قوانيننا، عن الرعاية الصحية المجانية المتوافرة للمصريين غير القادرين، فإذا بهذا الشعار المرفوع دائماً، يسقط فى اليوم الواحد ألف مرة، عندما يواجه أى اختبار فى أى مستشفى عام، وعندما يكتشف المواطن المسكين المريض أن الرعاية الصحية ليست هى المجانية، فى حقيقة الأمر، ولكن الموت هو المجانى، لمثل هذا المواطن، ولجميع الذين هم فى مثل حالته! أفهم أن نحاكم الرجل، إذا شئنا أن نحاكمه، على أنه طوال 30 عاماً فى الحكم قد باع للمصريين تعليماً فى المدارس والجامعات على أنه تعليم مجانى، فى الوقت الذى كانت فيه المدارس نفسها والجامعات توزع الجهل بالمجان، على روادها من الطلاب، فتخرجوا جميعاً ليجلسوا على المقاهى والنواصى، لأن التعليم الذى كانوا قد تلقوه لا يؤهل أياً منهم لأى عمل حقيقى! أفهم أن نحاكمه، إذا أردنا محاكمته، على أنه لم يلتفت بالجدية المطلوبة إلى نزيف فى جسد الاقتصاد الوطنى لايزال يتواصل، منذ قامت مظاهرات الخبز فى يناير 1977، إلى اليوم، وكان السبب أنك كحكومة تدعم الأغنياء، ثم لا يمنعك الحياء من أن تظل تردد، دون انقطاع، أنك تدعم الفقراء.. إذن السؤال البديهى هنا إنما يظل على النحو التالى: إذا كنا ندعم الفقراء حقاً، على مدى كل هذه السنين، وإذا كنا نرعاهم صحياً، بجد، كما نقول، وإذا كنا نمنحهم تعليماً مجانياً حقيقياً، كما نزعم، فهل بالله عليكم، كان هذا سيصبح هو حالهم شديد التعاسة، الذى ترونه بأعينكم؟! حبس الرئيس السابق بسبب أحزمة جلد، أو حافظات نقود، أو زجاجات عطر، وليس بسبب ما ذكرته سابقاً، وهو مجرد بعض من كل، يمثل استخفافاً شنيعاً بذكاء المصريين، ويأتى فى الوقت ذاته، والحال كذلك، وكأنه لطمة على وجه كل مواطن! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لطمة على وجه كل مواطن لطمة على وجه كل مواطن



GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 22:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

روشتة لمواجهة الحر!

GMT 22:45 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

فقال لا أعرف

GMT 22:42 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حيرة لجنة التحكيم في (مالمو)

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon