توقيت القاهرة المحلي 08:25:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قارن أنت.. واحكم

  مصر اليوم -

قارن أنت واحكم

سليمان جودة

مشهد أول: حين تحولت أجساد 50 طفلاً فى منفلوط، إلى أشلاء، تحت عجلات القطار، فإن د. مرسى ألقى كلمة من داخل مكتبه، وأقال مسؤولين، وانتهى الأمر عند هذا الحد، ليموت أهالى هؤلاء الأطفال كمداً، وحسرة، وألماً! مشهد آخر: سقط عشرون طفلاً أمريكياً قتلى على يد شاب أطلق عليهم النار، فى مدرسة فى مدينة «نيوتاون» فما كان من الرئيس «أوباما» إلا أن خرج بعدها بعشر دقائق باكياً على شاشة التليفزيون، وأمر بتنكيس العلم الأمريكى فوق كل مبنى، وذهب يشيع جنازاتهم بنفسه، وراح يتلو أسماءهم فى القداس، اسماً اسماً، ودموعه تسابق كلامه على خديه! ليس هذا فقط، وإنما أعلن الرئيس الأمريكى أنه سيؤيد مشروع قانون تقدم به عضو ديمقراطى فى مجلس الشيوخ، بهدف حظر بيع، ونقل، وتصنيع، واستيراد مائة نوع من الأسلحة فى الولايات المتحدة! هذا هو الرئيس.. ما إن فرغ من تشييع العشرين زهرة إلى مثواهم الأخير حتى كان قد فكر فى زملاء لهم، يمكن لنفس الطلقات، فى المستقبل أن تحصدهم، فقرر منذ الآن، وعلى الفور أن يحميهم من خلال مشروع قانون فى البرلمان! نعود إلى مصر، لنكتشف أن الدكتور مرسى قد ورث عن «مبارك» مكتبه، وقصره وسياراته، وطائراته، إلى حد أنه زحف أمس الأول إلى قصر القبة، للمرة الأولى، بعد أن أجبرته الاعتصامات حول قصر الاتحادية على البحث عن قصر آخر. هذا كله جائز، وممكن، ومقبول، ولا شىء فيه، ليتبين لنا، فى اللحظة نفسها أن «مرسى» يرث يوماً بعد يوم، شيئاً آخر عن «مبارك» لا هو مقبول، ولا هو ممكن، ولا هو حتى محتمل! إننا لا نزال نذكر، أن ثورة يناير 2011، حين قامت، فإن الرئيس السابق قد تباطأ كثيراً فى الاستجابة لمطالب المصريين، وكان يظل يفكر، ويفكر، بينما الشارع يغلى، والمطالب تتصاعد حتى صارت بلا سقف.. وإلا.. فإن لنا أن نتصور أن «مبارك» قد خرج يوم 25 يناير، أو حتى فى اليوم التالى، فقرر حل البرلمان المزور، وأقال وزير الداخلية.. لو حدث هذا، لكان مبارك فى الحكم اليوم! لا نقول هذا لأننا نزداد حنيناً إلى أيام مبارك، كما قد يردد البعض هذه الأيام.. لا... لا نقوله لهذا السبب أبداً، وإنما نقوله لأننا نزداد حزناً على أحوالنا التى تتردى لحظة بعد لحظة، وتبدو وكأنها كرة تتدحرج من قمة جبل نحو الهاوية.. وإذا كان هناك سبب لذلك.. فهو أن «مرسى» لم يرث عن «مبارك» مكتبه، وقصره، وسيارته، وطائرته، وفقط، وإنما ورث، وهذا هو الأخطر، بطأه القاتل فى تجاوبه مع المصريين ومع مطالبهم. وإذا كنت أنت ترى أنى أبالغ فيما أقول، فأرجوك أن تعود لتقارن بين رد فعل «مرسى» على دهس 50 طفلاً، وبين رد فعل «أوباما» على قتل 20 طفلاً، وسوف ترى أن الأطفال هم الأطفال، والقتل هو القتل، والدم هناك، هو الدم هنا، ومع ذلك فإن رئيساً هناك، بدا من رد فعله، وكأن كل طفل منهم، هو ابن حقيقى له، فى وقت كان رد فعل رئيسنا، روتينياً، بارداً، بطيئاً، ويكاد يكون لا مبالياً! يبدو الدكتور مرسى فى حاجة إلى أن يدرك، وبسرعة، أن المصريين لن يتقبلوا منه، أن يرث البطء، مع سائر ما ورث، ويبدو فى حاجة شديدة إلى أن يضع أذنيه على نبض الشارع الذى قامت فيه ثورة - إذا كان الرئيس قد نسى - ولم يعد هو نفسه الشارع الذى كان موجوداً قبل الثورة! يبدو الرئيس فى حاجة إلى أن يفهم، أن أهالى الأطفال الخمسين لم يحزنوا وحدهم على أطفالهم، وإنما حزن المواطنون جميعاً، لأنهم أحسوا بأن شعور رئيس الدولة، تجاه الكارثة، ليس على المستوى المتوقع، بل إن قيادات من حول «مرسى» قد ذهبت تعزى يومها، فى شاب لقى مصرعه، فى البحيرة، لأنه من الإخوان، وتجاهلت القيادات نفسها، العزاء، فى الأطفال المساكين لأن آباءهم لم يكونوا من الإخوان! يرى «مرسى» بعينيه، عواقب البطء على الذين سبقوه، ومع ذلك، فإن الدنيا كلها تصرخ من حوله، بأعلى صوتها، بأن الدستور الذى نستفتى عليه 17 محافظة، اليوم لا يليق بنا، ولا نليق به.. يحدث هذا، ثم يبدو «مرسى» وكأنه حاكم لدولة أخرى، ليس فيها ما نراه! نقلاً عن  جريدة " المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قارن أنت واحكم قارن أنت واحكم



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon