توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العقل بين حضور وغياب

  مصر اليوم -

العقل بين حضور وغياب

فهمي هويدي

فى التعامل مع الفتنة الأسوانية كان العقل حاضرا. فقد ذهب رئيس الوزراء بنفسه إلى المدينة واستمع إلى أطراف الصراع الدامى الذى أدى إلى مقتل نحو 25 مصريا وإصابة خمسين آخرين. فى الاجتماع تم الاتفاق على «هدنة» لمدة ثلاثة أيام لامتصاص الانفعال والغضب ومحاولة إطفاء الحريق المشتعل. فى السياق طرحت فكرة تشكيل لجنة لتقصى حقائق ما جرى تمهيدا لمحاسبة المسئولين عن الفاجعة. فى الوقت ذاته تم تداول مقترحات الوساطة الأهلية بين الطرفين. فمن حديث عن وساطة شيخ الأزهر ودور لعلمائه، إلى حديث آخر عن دور للسلفيين، وأبرز الأهرام على صفحته الأولى أمس ان نجوم كرة القدم أبدوا استعدادهم للقيام بذلك الدور. بالتوازى مع ذلك طرح رئيس الوزراء مدخلا تنمويا للأزمة، ووعد بالاهتمام به ليس فى أسوان وحدها ولكن فى محافظات الصعيد التى أهملتها خطط التنمية. هذه ملاحظة أولى على المشهد لخصتها فيما اعتبرته تعاملا عقلانيا وموضوعيا، لم يعول على الحل الأمنى وحده الذى نراه فى سيناء، ويتمثل فى تمشيط القرى واعتقال أكبر عدد من الأهالى، وتعريضهم للتعذيب والاستنطاق وانتزاع الاعترافات منهم. والباقى بعد ذلك معروف، باعتبار ان تلك خلفية تمهد لتلفيق قضية أو عدة قضايا من ذلك القبيل الذى يعمم على النشطاء هذه الأيام، فيرتهنهم فى الحبس الاحتياطى أويوزع عليهم الأحكام الجاهزة التى تتراوح بين الحبس لسنتين أو ثلاث وبين الإعدام والإحالة إلى المفتى. الملاحظة الثانية ان ذلك النهج فى التعامل مع الأزمة صرف الانتباه عن الهرج الذى تمارسه وسائل الإعلام، التى ما برحت توزع الاتهامات وتجرى المحاكمات من جانبها، قبل إجراء أى تحقيق أو تحر. وللأسف فإن المتحدث العسكرى أصبح يشارك فى ذلك الهرج، ذلك انه ركب بدوره الموجة وسارع إلى اتهام الإخوان بالضلوع فى الفتنة وإطلاق شرارتها. الأمر الذى لم تؤيده أية أدلة أو حتى شهادات من الأهالى. وبالمناسبة فإنه ليس لدى اعتراض على مبدأ توجيه الاتهام للإخوان أو غيرهم، ولكن اعتراضى ينصب على التسرع فى ذلك قبل إجراء أى تحقيق نزيه. علما بأن ذلك التسرع تسبب فى تراجع صدقية المتحدث العسكرى مثلا، لأنه فعلها فى الآونة الأخيرة، ثم تبين أن الحوادث التى أشار إليها قامت بها جماعة أنصار بيت المقدس فى مرة، وما سمى بأجناد مصر فى مرة ثانية. الملاحظة الثالثة ان رئيس الوزراء حين ذهب إلى أسوان لكى يعاين المشهد على الطبيعة اصطحب معه وزيرا الداخلية والدفاع. وقد كان مفهوما ان يذهب وزير الداخلية، إلا أن انتقال وزير الدفاع الجديد بدا امرا مستغربا، لأنه أعطى انطباعا بأن ثمة حربا فى الجنوب استدعت وجوده على «الجبهة». فضلا عن ذلك فإن ثمة قيادة للمنطقة الجنوبية مقرها أسيوط إضافة إلى القاعدة العسكرية الموجودة فى أسوان، بالقرب من الحدود الجنوبية. ووجود من يمثل القيادتين على مسرح الحدث ــ إذا كان ضروريا ــ يؤدى الغرض. الملاحظة الرابعة ان التحركات الأهلية التى سعت إلى احتواء الموقف وردت فى ثناياها أسماء الرياضيين والأزهريين والسلفيين، لكننا لم نلمح إشارة إلى دور للأحزاب السياسية والمدنية التى نرى منتسبيها فى استديوهات التليفزيون كل مساء. حتى المجلس القومى لحقوق الإنسان لم نسمع له صوتا فى المعمعة. الملاحظة الخامسة اقتبسها من التقرير الذى نشره الأهرام أمس من مسرح الحدث، وسلط الضوء على جانب مهم من الخلفية الاقتصادية للأزمة. فقد نقل عن صاحب مقهى فى أسوان ــ اسمه سعيد محمود ــ قوله ان حالة الفوضى والفراغ والبطالة أصابت معظم أهالى أسوان بعد ثورة 25 يناير. ذلك ان غياب السياحة فى المدينة أدى إلى تسريح عدد كبير من العمالة فى الفنادق، مما أثر على الجميع، الهلالية والدابودية الذين يملكون عددا من المتاجر السياحية والمقاهى كان يرتادها السائحون من مختلف أقطار العالم، وتدر لهم دخلا جيدا. وهى الضائقة الاقتصادية التى تشكل تربة مواتية لإشاعة التوتر وانفجار العنف. لا تقلل تلك الملاحظة من شأن الجهد المبذول لاحتواء الأزمة، حيث أكرر الزعم بأن مجرد حضور العقل فى التعامل معها يعد أمرا مطمئنا، خصوصا ان لدينا خبرة كافية تسمح لنا بأن نحذر من مغبة تغييب العقل والتعويل على العضلات والقمع وغير ذلك من مفردات الحل الأمنى. وهو ما يسوغ لى ان أطرح عدة أسئلة منها ما يلى: ما دام العقل موجودا، فلماذا نرى له حضورا فى الصراع الاجتماعى فى حين نستبعده وننحيه جانبا حين يتعلق الأمر بالصراع السياسى؟ ولماذا تهدر جهود تقصى الحقائق، وتوصد الأبواب فى وجوه الوساطات؟ ولماذا يبقى ذلك الملف المهم فى عهدة المؤسسة الأمنية، رغم فشلها فى تحقيق الأمن المنشود طوال الأشهر الثمانية الماضية؟ نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل بين حضور وغياب العقل بين حضور وغياب



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon