توقيت القاهرة المحلي 03:07:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسئولية التصدى للإرهاب

  مصر اليوم -

مسئولية التصدى للإرهاب

فهمي هويدي

يوم الجمعة 24/1 نشرت إحدى الصحف المصرية على صدر صفحتها الأولى صورة لأربعة شبان يرتدون أقنعة وملابس سوداء، ذيلت بتعليق يقول: «نينجا» حركة إخوانية جديدة تهدد بحرق مصر ظهرت على مشارف التحرير أمس الأول. أثار دهشتى نشر الصورة والتعليق المصاحب لها، حتى قلت إن المسألة لابد أن تكون أبعد ما تكون عن الجد. حيث لا يعقل أن يخرج أربعة أشخاص فى وضح النهار بثيابهم التنكرية السوداء ويتجهون صوب ميدان التحرير، ويشرعون فى معاينة المكان ضمن مخططهم الذى يستهدف حرق مصر، ولانه كان واضحا من الصورة أن الأربعة اتخذوا وضعا يناسب اللقطة، فقد بدا أن الأمر كل من قبيل الافتعال والعبث خصوصا ان مشارف الميدان تحيط بها الأسلاك الشائكة والدبابات والمدرعات، إضافة إلى الحضور الأمنى الكثيف الذى من شأنه أن يقتاد الأربعة ومعهم المصور إلى أقرب قسم شرطة حتى يظهر لهم صاحب، لكن يبدو أن محرر الجريدة اعتبرها ضربة صحفية «وانفرادا» وأدرك أن الصخب الراهن يحتمل تمرير القصة الساذجة دون أن تستوقف تفاصيلها ولا ملابساتها أحدا. هذه القصة ليست سوى نموذج لسذاجات كثيرة تروج فى وسائل الإعلام المصرية هذه الأيام، الأمر الذى حول إعلامنا إلى أضحوكة فى أوساط الصحفيين الأجانب، خصوصا الموجودين فى القاهرة الذين يتابعون حقائق الواقع ويلمسون مدى اتساع الفجوة بين ما تنشره الصحف المصرية وبين ما يحدث على أرض الواقع. ومن المفارقات أننا لم نكف طوال الأشهر السبعة التى خلت عن إرسال الوفود إلى عواصم الدول الكبرى لتحسين صورة مصر فى الخارج، فى حين أن مراسلى الصحف التى تصدر فى تلك العواصم ينقلون إليها أولا بأول الحقائق التى تحاول تلك الوفود تكذيبها أو تخفيف وقعها. يكفى فى هذا الصدد أن تسمع قصة الملتقى الأمريكى الذى ذكر فيه أن شخصية يفترض أنها ذات وزن فى مصر ادعت أن الرئيس أوباما له علاقة أسرية بتنظيم القاعدة، فما كان من الجالسين إلا أن انفجروا ضاحكين حتى أن بعضهم سقطوا من فوق كراسيهم من شدة الضحك. ما أريد أن أقوله أن تصدِّينا لملف الإرهاب ينبغى أن يؤخذ على محمل الجد، وان يتم التعامل معه بما يستحقه من مسئولية وحذر. وللأسف فإن بعضنا مشغول بشيطنة الإخوان وتصفية الحساب معهم بأكثر من انشغالهم بإطفاء الحريق وإخراج البلد من أزمته. لاحظت ذلك فى أصداء البيانين اللذين أصدرهما تحالف الدفاع عن الشرعية من ناحية وجماعة الإخوان من ناحية ثانية، فالبيانان استنكرا العمليات الإرهابية التى شهدتها مصر يوم الجمعة، ودعيا إلى وقف العنف، إلى جانب انتقادهما للسلطة القائمة ودعوتهما إلى استمرار التظاهر السلمى. وفى الوقت ذاته فإن جماعة أنصار بيت المقدس أعلنت مسئوليتها عن التفجيرات التى حدثت فى ذلك اليوم. ومع ذلك فإن وسائل الإعلام المصرية أصرت على مواصلة اتهام التحالف والإخوان والتنديد بدورهما فى الإرهاب الذى وقع. اننى لا استطيع تبرئة الاثنين تماما، ولا أنكر على الآخرين حقهم فى نقدهم وإدانة سياساتهم، كما اننى عبرت أخيرا عن تحفظى على استمرار التظاهرات التى توفر ذريعة الإخلال بالأمن وتؤدى إلى سقوط الضحايا من المتظاهرين والشرطة، إلا أننى لم أفهم الإصرار على اتهام التحالف والإخوان بالمسئولية عن إرهاب يوم الجمعة، الذى استنكروه وأدانوه علنا، فى حين أعلن غيرهم أنه يقف وراء الحوادث التى وقعت. لست أدعو إلى التسليم بما جاء فى البيانين، لكننى استغرب تجاهلهما تماما. فضلا عن أننى أحسب أن ما جاء فيهما يمكن أن يكون حجة على التحالف وعلى الإخوان، إذا أثبتت التحقيقات مجافاتهما للحقيقة. وإذ لا استغرب تحول بعض وسائل الإعلام إلى سلطة اتهام وتحول بعض الصحفيين إلى مرشدين يعملون لحساب الأجهزة الأمنية وليس لحساب القارئ، فاننى أتوقع ــ وأتمنى ــ موقفا أكثر مسئولية من جانب جهات التحقيق والتحرى. ذلك أن تلك الجهات مطالبة بأمرين أولهما التحقق من صحة الادعاء الذى أعلنته جماعة أنصار بيت المقدس وملاحقة قياداتها وعناصرها حيثما كانوا. الأمر الثانى هو التحقق مما إذا كانت تلك الجماعة لها علاقة بالتحالف أو الإخوان أم لا. وإذا لم تستطع تلك الأجهزة أن تضع أيديها على الحقيقة فيما جرى فإن ذلك يصبح بمثابة فشل من جانبها فى النهوض بمسئوليتها. ناهيك عن ان تغييب الحقيقة سوف يفتح الباب واسعا لإطلاق الشائعات التى سمعت بعضها، خصوصا تلك التى ادعت ان التفجيرات من عمل الأجهزة الأمنية فى استعادة للقصة الغامضة التى مازالت تكتنف الاعتداء على كنيسة القديسين فى عام 2010. سوف يشقينا لا ريب أن يتحول الجميع إلى الإرهاب بعدما تغلق فى وجوههم آفاق التظاهر السلمى، ومن الحكمة والمسئولية الوطنية ان يشجع هؤلاء على نبذ الإرهاب وإدانته وان تستمر مراقبة ادائهم للتأكد من صدق التزامهم بالمعارضة السلمية. وأرجو ألا يقتنع الشباب فى النهاية بأنهم سيظلون إرهابيين مهما فعلوا وليس أمامهم فرصة للنجاة من الاتهام إذا استقاموا. الأمر الذى يدفعهم إلى الارتماء فى أحضان الإرهاب لأنهم خاسرون فى كل الأحوال. أدرى أن هذا الكلام لن يرحب به المتشنجون من مشعلى الحرائق ودعاة الإبادة السياسية، لكننى أزعم أنهم قد يراجعون أنفسهم إذا ما حكَّموا مصلحة البلد فى نهاية المطاف وغلَّبوا محبة الوطن على كراهية الإخوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسئولية التصدى للإرهاب مسئولية التصدى للإرهاب



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عيد تحرير سيناء!

GMT 21:25 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

للأحزان مواسم

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon