توقيت القاهرة المحلي 02:49:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى اللا معقول السياسى

  مصر اليوم -

فى اللا معقول السياسى

فهمي هويدي

صدق أو لا تصدق: قال مسئولون أمنيون ودبلوماسيون مصريون إن مصر تخطط لدعم ثورة شعبية فى قطاع غزة للتخلص من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدعوى أنها تصدر الإرهاب إلى شبه جزيرة سيناء وبقية ربوع مصر. وسيتم ذلك بالتعاون مع حركة فتح ومن خلال دعم النشطاء المناهضين لحماس فى غزة. وثمة اتصالات جارية فى الوقت الراهن مع المسئولين فى حركة فتح لمناقشة كيفية مساعدتهم فى تفويض النظام القائم فى القطاع. وقد عقد فى القاهرة خلال شهر يناير الحالى اجتماع تنسيقى لهذا الغرض مع عناصر من حركة «تمرد» التى نشأت بالقطاع حضره نظراء لهم فى مصر وبعض المسئولين. ووفقا لمسئول مصرى فإن عملاء المخابرات المصرية وبمساعدة نشطاء وخصوم حماس يخططون لإفشال محاولتها تقديم الطعام والشراب، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى تمرد الأهالى وثورتهم. وفى الوقت ذاته تخطط القاهرة لدعم مظاهرات الجماهير فى غزة ماليا ولوجستيا لشل حركة حماس. وبحسب مسئول أمنى فإن مصر لن تتحرر من إرهاب الإخوان المسلمين بدون إنهائه فى غزة، وحين سئل مصدر مخابراتى لماذا لا تبدأ مصر الآن فى القضاء على حماس فإنه أجاب قائلا: يومهم قادم. وفى التعليق على ما قاله السيد إسماعيل هنية رئيس وزراء القطاع بأن الحركة تركز على مواجهة إسرائيل وليس لها دور أو وجود مسلح فى مصر، ذكر مسئول أمنى مصرى أننا لا نحدد موقفنا على ضوء كلام قيادات حماس، ولكننا نقدره فى ضوء معلوماتنا المخابراتية. هذا الكلام المذهل والموجع خلاصة لتقرير بثته وكالة رويترز للأنباء، وأبرزته صحيفة «الشروق» يوم الأربعاء الماضى 15/1 ــ الذى تصادف اليوم الثانى للاستفتاء على الدستور الجديد، ونشرته تحت عنوان على ثمانية أعمدة باللون الأحمر يقول: مسئولون لرويترز: مصر تخطط لإسقاط حماس. رغم علمى بأن الوكالة العريقة تدقق فى أخبارها، إلا أننى رفضت تصديق محتوى التقرير. ذلك أنه ما خطر ببالى يوما ما أن أقرأ فى صحيفة مصرية ــ ليست إسرائيلية ــ نصا من ذلك القبيل، يتضمن إعلانا شبه رسمى للحرب ضد حركة المقاومة فى غزة، وهى التى تدير القطاع منذ أكثر من ست سنوات، تعرضت خلالها لغارات واجتياحات الإسرائيليين الذين يعتبر قادتهم أن المقاومة الإسلامية هى عدوها الأول. وفى تلك المواجهات فإن حماس لم تصمد فقط وإنما لقنت الإسرائيليين درسا نادرا فى الثبات والتحدى، يفخر به كل فلسطينى وعربى حر. كان التقرير المشئوم قد صدر يوم الثلاثاء، وخلال الأيام الثلاثة اللاحقة صرت أفتش فى الصحف المصرية باحثا عن نفى أو حتى تصويب له، فلم أجده، وما ظننته كابوسا وحاولت أن أقنع نفسى بأنه مؤامرة خبيثة، تبين أنه حقيقة فاجعة. أدرى أن وسائل الإعلام المصرية لم تقصر فى تعبئة الناس ضد حماس وتعبئتهم بمشاعر البغض لها وللمقاومة وللفلسطينيين أجمعين فى بعض الأحيان. مع ذلك فقد ظللت طول الوقت أحتفظ أو أتوهم مسافة بين الموقف الرسمى وبين الأبواق الإعلامية ودعاياتها التى قد تقف وراءها أطراف مشبوهة تراهن على تلويث صفحة المقاومة وتصفية القضية. لكن التقرير المنشور بدد ذلك الوهم، وأقنعنى بأن ثمة تلاقيا بينا فى الموقف الأساسى على الأقل بين الخطابين الرسمى والإعلامى. يتضاعف الشعور بالحزن والخزى عندى حين لا أجد فارقا جوهريا بين عنوان: مصر تخطط لإسقاط حماس، وبين الأمنية التى عبر عنها يوما ما إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، حين قال إنه يتمنى أن يستيقظ ذات صباحا فيجد أن قطاع غزة اختفى من الوجود. ولأنه كان يتحدث عن غزة المقاومة والصامدة، فإننى وجدت أن ثمة تطابقا بين الموقف الداعى إلى إسقاط حماس المقاومة أو اختفاء غزة المقاومة. إن ما يقال عن تهديد حماس لأمن مصر هو ادعاء تحدثت به التقارير الأمنية والحملات الإعلامية، ولم يؤيده تحقيق نزيه ومحايد. وأعيد التذكير فى هذا الصدد بأن تقريرى تقصى حقائق فترة الثورة ومرحلة المجلس العسكرى (عامى 2011 و2012) لم يشيرا من قريب أو بعيد إلى دور حماس فى أحداث أى منهما، وأن الزج باسم الحركة فى تلك الأحداث أضافته المؤسسة الأمنية لكى تبرئ نفسها من الاتهامات والإشارات الصريحة إلى دورها فى الجرائم التى وقعت حينذاك، ولايزال مطلب التحقيق المحايد فيما جرى واردا، وليته يتم تحت إشراف الجامعة العربية أو أية جهة حقوقية أخرى ذات صلة، إقليمية كانت أم دولية. إن إعلان الحرب التى تستهدف إسقاط حماس فى يوم الاستفتاء على الدستور الجديد نذير شؤم يمثل إساءة بالغة للنظام الجديد تجعلنا لا نستبشر خيرا بموقفه إزاء القضية الفلسطينية. ذلك أنه ما عاد خافيا على أحد أن المقاومة المراد إسقاطها هى الأمل الوحيد المعول عليه فى الحفاظ على القضية من التصفية والاندثار بل والحفاظ على ما تبقى للأمة العربية من عزة وكبرياء، ناهيك عن أن تقرير «رويترز» يثير السؤال التالى: إذا ما تحقق هدف إسقاط حماس، ماذا سيكون موقف مصر «الثورة» من المقاومة الفلسطينية، وهل ستصف فى النهاية مع معسكر التنسيق الأمنى مع إسرائيل؟ من سخريات الأقدار ومفارقاتها أن ينشر الإعلان المخجل فى ذكرى ميلاد جمال عبدالناصر (15 يناير 1918). وتبلغ السخرية ذروتها حين نجد بعض المهللين يحاولون إيهامنا بأننا بصدد استعادة زمن الرجل ومشروعه. غير مدركين أنهم بذلك أهانوا اسم عبدالناصر الذى قاتل فى فلسطين وحمل قضيتها، فى حين أنهم يصفقون للمشروع المضاد الساعى إلى إسقاط المقاومة الفلسطينية، الذى لا يخفى على أحد من المستفيد الأول منه. وأنا أكتب هذا الكلام ظلت ترن فى أذنى طول الوقت كلمات الشاعر العراقى أحمد الصافى النجفى التى قال فيها: إنا لفى زمن لفرط شذوذه ــ من لا يجن به فليس بعاقل. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى اللا معقول السياسى فى اللا معقول السياسى



GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عيد تحرير سيناء!

GMT 21:25 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

للأحزان مواسم

GMT 20:15 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon