توقيت القاهرة المحلي 05:03:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخر الشامخين

  مصر اليوم -

آخر الشامخين

فهمي هويدي

الصدمة جعلتنى أقرأ خبر التحقيق مع كبار رجال القضاء فى مصر مرتين لكى أستوعبه، وأصدق ما وقعت عليه عيناى. أتحدث عن قرار قاضى التحقيق المنتدب من استئناف القاهرة باستدعاء مجموعة من أشرف وأنظف القضاة الوطنيين، الذين اتهموا بأنهم «قضاة من أجل مصر»، ولست أخفى أننى شعرت بالحزن حين رأيت صورهم منشورة إلى جانب خبر استدعائهم للتحقيق. ذلك أن ذاكرتى تحفظ صور تلك الوجوه على منصة مؤتمر العدالة الاول الذى عقد فى عام 1986 وارتفعت فيه اصوات القضاة مدافعة عن حرية الوطن وكرامة المواطن واستقلال القضاة وحصانتهم. وطوال الثلاثين سنة التى خلت ظلت صورهم تظهر وأصواتهم تسمع عالية فى كل مناسبة تذكر فيها قضية الحريات او يشار فيها الى سيادة القانون واستقلال القضاء ونزاهته، حتى عرف جيلنا مصطلح القضاء الشامخ مرتبطا باسمى المستشارين الراحلين يحيى الرفاعى وممتاز نصار، ورفاقهما وامتداداتهما وفى المقدمة منهم الاحد عشر قاضيا الذين استدعوا للتحقيق معهم. وهم الذين لا يزالون يمثلون فى وعينا ضمن آخر أجيال الشامخين. صباح يوم الاثنين الماضى 23/12 نشرت الصحف المصرية بعض صور أولئك الشامخين وسط تقرير يقول: كان مستشار التحقيق قد تلقى معلومات موثقة تفيد بأن المستشارين المذكورين اشتركوا فى تأسيس جماعة على خلاف القانون تسمى قضاه من أجل مصر. التى قامت بإذاعة البيانات المتعلقة بإعلان نتيجة جولة الإعادة فى انتخابات رئاسة الجمهورية، وإعلان نتيجتها من جانبهم قبل إعلانها رسميا من لجنة الانتخابات الرئاسية المشرفة على اجراء الانتخابات، وذلك تأييدا من جانبهم لذات النتيجة التى أعلنها حزب الحرية والعدالة بفوز مرشحهم عن الانتخابات محمد مرسى. لم أستطع ان أفترض البراءة فى الاسلوب الذى عرض به الموضوع، خصوصا حين أتيح لى أن اطلع على خطاب الاستدعاء الذى أرسل إلى الجميع، ومنهم المستشار أحمد مكى وزير العدل الاسبق الذى طلب منه الحضور إلى جلسة تحقيق يوم 29/12 الساعة الحادية عشرة صباحا بسراى محكمة القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس. بمبنى محكمة الاسرة ــ الدور الأول فوق الأرضى ــ وذلك بمناسبة التحقيقات التى يجريها (المقصود هو قاضى التحقيق) فى القضية رقم 10371 لسنة 2013 عرائض مكتب النائب العام. لقد وجدت أن الموضوع عرض بشكل غير لائق، خصوصا مع قامات قضائية لها مكانتها وتاريخها، ذلك ان التحقيق معهم إذا كان ضروريا فإن الاعراف المتبعة تقضى باجرائه بصورة سرية وفى جلسات مغلقة الأمر الذى جعل المسارعة إلى النشر فيه تصنف باعتبارها تشهيرا متجاوزا لحدود اللياقة، إلى جانب ذلك فإن احدا من الشخصيات التى تلقت الاستدعاء لم يعرف إذا كان التحقيق معه باعتباره شاهدا أو متهما، فضلا عن ان الاستدعاء المرسل لم يحدد ما هى القضية التى سوف يسأل فيها. من المفارقات المدهشة انه لا يوجد كيان او تجمع باسم قضاة من أجل مصر، وأن المصطلح اطلقته وسائل الإعلام على اللجنة التى شكلها نادى القضاة اثناء انتخابات عام 2005 لمتابعة وحماية القضاة الذين يشرفون على الانتخابات، بعدما تعرض أحدهم للاعتداء عليه من جانب ضابط شرطة فى الاسكندرية. وتلك شهادة المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاه السابق، وهو احد الذين تم استدعاؤهم للتحقيق معهم. لماذا فتح الملف الآن بحيث أضيف إلى قائمة شيوخ القضاء التحقيق مع عشرة آخرين من المستشارين، غير الـ75 قاضيا الذين اتهموا بالانحياز للإخوان، فيما بدا أنه تحضير لمذبحة جديدة؟ حين حاولت العثور على اجابة للسؤال وجدت ان الآراء تباينت فى صدره. وإن لاحظت ان ثمة اتفاقا على انه لا توجد قضية من الاساس. وأن التشهير بكبار القضاة من النتائج التى حققها النشر بالصورة التى تمت، فى تفسير ذلك تعددت الآراء، بين قائل إنها تصفية حسابات داخلية فى المحيط القضائى بعدما ارتفعت اسهم البعض فى ظل الوضع المستجد وبدا أن أسهم الآخرين انخفضت، وقائل إنها حملة لترهيب القضاة عن طريق تجريح أكبر الرءوس فى محيطهم، وذلك تحسبا لدورهم المفترض فى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وسمعت رأيا ثالثا يرجح أن المقصود بالحملة هو استهداف المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى يشكل شوكة فى حلق اطراف يخشى ان يفضحها استمراره فى منصبه الذى لا يجوز أن يعزل منه، طبقا لنص الدستور، ولا سبيل الى اقصائه إلا باستصدار حكم يدينه. إن تشويه صورة كبار القضاة ورموزهم النبيلة لا يسىء الى اشخاصهم فحسب، ولكنه يسىء ايضا الى مقام وهيبة مؤسسة القضاء ذاتها، لكن الاخطر من ذلك هو اقحام القضاء واستخدامه طرفا فى تصفية الحسابات السياسية. فى هذا الصدد يذكر شيوخ القضاة للرئيس الاسبق جمال عبدالناصر قوله فى سنة 1970 إن قادة الثورة أحجموا منذ عام 1952 عن التدخل فى شأن القضاء لكى لا يهدم احد الاعمدة الاساسية للبلد، ولذلك لجأوا لتشكيل محاكم خاصة للثورة وآثروا أن يتحملوا هم مسئولية احكامها وأن يكونوا هم قضاؤها. وكان ذلك هو السبب فى تشكيل محاكم الثورة والشعب والقدر التى حققت للثورة ما أرادته دون أن يكون القضاء العادى طرفا فيها، لكن ذلك الميزان اختل حتى فجعنا أخيرا بما صرنا إليه نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر الشامخين آخر الشامخين



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon