توقيت القاهرة المحلي 11:09:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة الصدمة والدهشة

  مصر اليوم -

رسالة الصدمة والدهشة

فهمي هويدي

صورة تلميذات المدارس الثانوية اللاتى حكم على كل واحدة منهن بالسجن مدة 11 سنة لأنهن شاركن فى إحدى المظاهرات الاحتجاجية، كانت أهم رسالة خرجت من مصر إلى عواصم العالم يوم الأربعاء (28/11). إذ نشرتها مختلف الصحف واحتل خبرها صدارة نشرات الأخبار، حيث لم يصدق أحد، ولم يتصور، أن تقوم فى مصر ثورة ضد استبداد مبارك ونظامه القمعى فى عام 2011، ثم يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى بحيث تصدر أمثال تلك الأحكام المفرطة فى القسوة ضد 14 فتاة أعمارهن بين 15 و22 سنة، فى حين يتم إيداع سبع من زملائهن إلى مركز رعاية الأحداث لمدة غير معلومة. كل ذلك لأنهن خرجن ذات صباح إلى شارع الكورنيش فى الإسكندرية فى مظاهرة ضد الحكومة. لم تكن قسوة الحكم وحدها ما صدمنا وأثار دهشتنا، لأن الصدمة كانت مضاعفة لدى عدد من الأصدقاء العرب الذين سجلوا آراءهم وأعربوا عن دهشتهم إزاء حدوث ذلك فى مصر الثورة من ناحية، ومن خلال قضائها «الشامخ» من ناحية ثانية. وهو ما يسوغ لى أن أقول إن الحكم بذلك الأداء أساء إلى سمعة مصر وإلى ثورتها، كما أنه شوه صورة القضاء المصرى. لا أقول ذلك من باب التخمين لأن أصداء الحكم التى تسارعت على شبكة التواصل الاجتماعى شهدت بذلك وبما هو أكثر منه. وحين قمت بتجميع تلك الشهادات فى تجربة سريعة لتحليل الخطاب وجدت أن كلمتى «العار» و«الفضيحة» ترددتا فى أكثرها، وأن غضب المستهجنين له انصب على الفريق السيسى والداخلية والقضاء الشامخ، ولاحظت أن المصطلح الأخير بات يتردد من قبيل الغمز والسخرية، كذلك ترددت وتواترت فى الكثير من التعليقات المقارنة بين الحكم الذى يسجن طالبات الثانوى 11 عاما، وبين معاقبة قتلة خالد سعيد بالسجن سبع سنوات، أما الضابط قناص العيون فقد حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات فقط. وأضاف أكثر من واحد أن الضابط الذى اتهم بقتل 37 شابا أخلى سبيله. وهى مقارنة فاضحة وفادحة. وهو ما دفع الأستاذ جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان إلى تذكيرنا بأن الذين قتلوا خلال 18 يوما من الثورة كانوا 841 شخصا وأن 215 شهيدا قتلوا فى فترة حكم المجلس العسكرى وأن 154 شهيدا سقطوا أثناء حكم الدكتور مرسى، فى حين أن 740 شخصا قتلوا فى يوم واحد جراء فض اعتصام رابعة. لقد شاءت المقادير أن يتزامن صدور الأحكام على فتيات الإسكندرية مع صدمة اعتقال نائب رئيس النقض السابق المستشار محمود الخضيرى ومع التظاهرات التى خرجت فى القاهرة ومدن أخرى رفضا لقانون التظاهر الجديد. وهى التى قمعتها قوات الشرطة التى اعتقلت بعضا من المشاركين فيها وعرضت المشاركات لصور مختلفة من الترويع والإهانة، الأمر الذى كان له صداه السريع على شبكة التواصل الاجتماعى التى نقلت أصوات الاحتجاج والنقمة وفتحت ملف المعتقلين وما يلقونه من عنت وفظاظة فى أقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزى. وزاد الطين بلة أن مقدمى البرامج التليفزيونية وضيوفهم من أركان النظام القائم ومؤيديه شنوا حملة تنديد موازية بالمتظاهرين. وقد رد أنصارهم ومؤيدوهم بسرعة على الحملة بما تستحقه وانهالوا بالسب والتجريح لمقدمى البرامج وضيوفهم. الخلاصة أن ما جرى يستدعى مجموعة من الملاحظات هى: إن حكم القضاء وأسلوب تعامل الشرطة مع المتظاهرين أعاد إلى الأذهان سجل الممارسات المذلة والمهينة التى تمنى كثيرون تجاوزها وطى صفحتها بعد الثورة، بل إنها كانت أحد الأسباب التى دفعت المصريين إلى الثورة. إن صدمة الحكم على فتيات الإسكندرية والقمع الذى مورس ضد المتظاهرين والإهانات التى وجهت إلى المتظاهرات هزت من صورة النظام القائم على نحو كان له تأثيره على المزاج العام الذى ظهرت فيه بوادر النقمة على الشرطة وحكم العسكر. وقد عبرت عنه هتافات المتظاهرين وتغريدات المعلقين. ومن هؤلاء زميلنا الأستاذ أسامة غريب الذى عاتب فى تغريدته من خرج فى ٢٦ يوليو قائلا: فوّضت يا فالح! إن النقمة لم توجه ضد الشرطة وحكم العسكر فحسب، ولكنها شملت أيضا المثقفين والإعلاميين الذين أيدوا سياسات السلطة وحاولوا الدفاع عنها وتبريرها. الملاحظة الأخيرة والأهم أن الصدمات التى تلقاها المجتمع خلال الأسبوع الأخير وسّعت من دائرة الاشتباك فى الساحة المصرية. إذ إنه فى حين ظل طرفا الاشتباك طوال الأشهر الأربعة الماضية هما السلطة والإخوان، فإن التصعيد الأخير أدخل أطرافا أخرى من خارج الإخوان فى دائرة الاشتباك، وقد عبر عن ذلك أحد النشطاء عبر تويتر حين ذكر أن مصر قبل الحكم على فتيات الإسكندرية ستكون مختلفة عن مصر بعدها. ما جرى ذكرنا بقصة الدبة التى أرادت أن تهش الذباب عن وجه صاحبها فألقت عليه حجرا قتل الرجل. فإذا كنت قد عرفت الدبة وخمنت من هم الذباب فلا تسألنى عن الرجل! نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة الصدمة والدهشة رسالة الصدمة والدهشة



GMT 23:33 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الجولة السادسة

GMT 23:32 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ابن حسن الصباح

GMT 23:28 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

فى كتاب الكرة المصرية «فصل كرواتيا»!

GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon