توقيت القاهرة المحلي 04:09:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين فى الوطنية المصرية

  مصر اليوم -

فلسطين فى الوطنية المصرية

فهمي هويدي

سُئلت فى عمـَّان: هل صحيح أن الطيران المصرى سيقوم بقصف قطاع غزة؟ فاجأنى السؤال فقلت لمحدثى بغير تفكير إننى اعترض على مبدأ طرحه، وما يشغلنى هذه اللحظة ليس الإجابة عليه ولكنه كيف يمكن أن يخطر احتمال كهذا على بال مثقف فلسطينى؟ رد صاحبنا قائلا، أرجو أن تسمعنى أولا وقد تعذرنى بعد ذلك. ذلك أن التساؤل شائع فى أوساط الفلسطينيين الذين يتحدثون عن انقلاب محزن فى المزاج المصرى  وعبرت عنه حملات مستمرة فى وسائل الإعلام استهدفت  شيطنة الفلسطينيين وإثارة الكراهية ضدهم. فضلا عن اتهامهم المستمر لفلسطينيى القطاع بأنهم يمثلون تهديدا لأمن مصر، وأنهم متآمرون عليها باستمرار، فى سيناء وفى بقية أنحاء البلاد. ولأن حركة حماس التى تدير القطاع لها علاقات تاريخية مع الإخوان. فإن الانقلاب على الأخيرين استتبع انقلابا مماثلا على حماس ذاتها وعلى كل أهالى القطاع. وهؤلاء أصبحوا يعانون الأمرين وهم يقفون على  أبواب مصر، سواء فى معبر رفح أو فى مطار القاهرة أو فى أى دائرة حكومية داخل البلد. (أشعرنى كلامه بالخزى لأنه ذكرنى برسالة تلقيتها على هاتفى من أحد الفلسطينيين بعث بها من مطار القاهرة قال فيها إنه فى سجن بئر سبع الذى قضى فيه تسع سنوات من عمره داخل إسرائيل كان أكثر حرية وإنسانية إذا قورن بالمذلة التى يعانى منها وهو محتجز فى مطار القاهرة). استطرد صاحبنا قائلا: منذ عهد مبارك الذى سار على درب السادات فى النفور من الفلسطينيين وإبداء التفهم والتعاطف مع الإسرائيليين توتر الموقف الرسمى مع فلسطينيى القطاع وظل الإعلام معبرا عن ذلك التوتر طوال الوقت، الأمر الذى كان له تأثيره السلبى على الرأى العام المصرى. وكان معبر رفح هو «الترمومتر» الذى يقاس به التوتر صعودا وهبوطا. وحين انتخب الرئيس محمد مرسى فإن مصر الرسمية تصالحت مع فلسطينيى القطاع بدرجة أو أخرى، إلا أن موقف المؤسسة الأمنية لم يتخلص من الحساسية والشكوك التى استمرت طوال الأربعين سنة السابقة. حدث ذلك أيضا  مع وسائل الإعلام التى تبنت موقفا مخاصما من الدكتور مرسى وازدادت حساسيتها إزاء القطاع بسبب العلاقة التاريخية بين حماس والإخوان. ولأن الرئيس السابق لم يستمر فى منصبه أكثر من عام فإن القيود والمعاملة المهينة للفلسطينيين فى المطارات وعند معبر رفح ربما اختلفت فى الدرجة لكنها لم تختلف فى النوع، ومن المحزن أنه فى حين أن الدخول أو الخروج إلى قطاع غزة من معبر رفح مذلا ومهينا ومكلفا (كل فلسطينى يدفع رسم مرور بقية 160 جنيها فى الذهاب ومثلها فى العودة) فإن الأمر يصبح ميسورا ومجانيا إذا كان الدخول إلى إسرائيل من معبر ارينز الذى تسيطر عليه. أعاد صاحبنا الاعتذار لى عن انزعاجى من سؤاله. ثم قال: إننى لا أريد أن أغضبك بالتساؤل عما يجرى للأنفاق التى أصبحت شريان الحياة لسكان القطاع، والتى كانت ومازالت حلا عبقريا لجأ إليه الفلسطينيون للتغلب على الحصار الخانق الذى فرضه عليهم الإسرائيليون عقابا للمقاومة وتأديبا لأهل القطاع الذين صوتوا لها. وهى الأنفاق التى غض الطرف عنها نظام مبارك، عن اقتناع بأنها لا تمثل خطرا أو تهديدا لمصر. إلا أن هدم الأنفاق وإحكام الحصار على الفلسطينيين أصبح سياسة متبعة فى الوقت الراهن. وربما كان ذلك مقبولا ومحتملا لو أن هدم الأنفاق اقترن بقرار فتح معبر رفح لتزويد القطاع باحتياجاته المعيشية، إلا أن ذلك لم يحدث للأسف، حيث تسارعت خطى الهدم واقترنت بالسعى إلى إقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة. الأمر الذى يحقق لإسرائيل وأعوانها هدفهم الأصلى فى خنق القطاع وتركيعه، فى حين أنه لا يحل أى مشكلة لمصر سواء فى سيناء أو فى أى مكان آخر، والسبب فى ذلك  أن حماس لم تكن لها علاقة بأية حوادث وقعت خارج حدود القطاع، على عكس ما تروج له الأبواق غير البريئة التى لا تكف عن التشهير بها فى الإعلام المصرى.  فى ختام كلامه قال محدثى: سامحنى إذا كنت قد سألت عن خيار قصف الطيران المصرى للقطاع، لكن هذه الفكرة أطلقها أحد الخبراء الاستراتيجيين على شاشة التليفزيون المصرى، فأحدثت دويا فى المحيط الفلسطينى، الذى كانت كوابيسه تحدثه عن القصف الإسرائيلى وأحلامه تتعلق بالاحتماء بالمظلة المصرية سياسيا وعسكريا. لكن قطاعا لا يستهان به من الفلسطينيين بدأ الآن يفكر فى خيارات الاحتماء من القصف المصرى. عذرت الرجل وقلت لا تحاكم الضمير المصرى بخطاب الأدعياء الذين طفوا على السطح فى زمن الالتباس والكراهية وانتكاسة الثورة خصوصا أغلب الخبراء الاستراتيجيين الذين يعبرون عن تلك الأجواء بأكثر مما يعبرون عن الوطنية المصرية. ومبلغ علمى أن الوفاء للقضية الفلسطينية والانحياز إلى المقاومة من ضرورات الدفاع عن الأمن القومى المصرى. لذلك فإنها تعد من المعايير التى تقاس بها تلك الوطنية. وهو ما التزم به المخلصون من زعماء مصر، من النحاس باشا إلى جمال عبدالناصر. وأرجو أن تعتبر ذلك إجابة على سؤالك. نقلاً عن جريدة الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين فى الوطنية المصرية فلسطين فى الوطنية المصرية



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon