توقيت القاهرة المحلي 10:41:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من فعل ماذا؟

  مصر اليوم -

من فعل ماذا

فهمي هويدي

  يثير الانتباه والدهشة معا أن الشرطة المصرية حققت نجاحات مشهودة فى تعقب قيادات الإخوان واعتقالهم، فى حين أنها لم توفق حتى الآن فى ضبط الجناة فى مذبحة مركز شرطة كرداسة أو إحراق الكنائس أو الهجوم على مراكز الشرطة وبعض المرافق العامة الأخرى، فضلا عن نهب متحف ملوى. ليس عندى رد على التساؤل التى تثيره المفارقة، ولكن لدى استنتاجان فى هذا الصدد، أحدهما يفترض البراءة والثانى لا يستبعد سوء النية. مقتضى التفسير البرئ أن تتبع الأفراد سهل بصورة نسبية، لأن الشخص معروف الهوية والوجه. ومن ثم فبوسع الأجهزة الأمنية أن ترصد معارفه واتصالاته وصورته حتى تلقى القبض عليه. فى حين أن الحوادث التى أشرت إليها ارتكبتها جموع أو أناس بين الجموع، وتحديد المعتدين بين تلك الجموع أمر من الصعوبة بمكان، لأنه يتطلب توفير صور وجمع أدلة الاشتباه وفرز المشتبهين الذين لا تعرف لهم أسماء أو عناوين، وهى مهمة تتطلب بذل جهد شاق وقد تستغرق وقتا طويلا. بخلاف الحاصل مع القيادات المحددة التى تطاردها الأجهزة الأمنية. وذلك ما يفسر قصر المدة فى الحالة الأولى وطولها النسبى فى الحالة الثانية. التفسير غير البرىء يرى أن الأمر ليس بهذه البساطة، وأن التراخى فى تحديد المسئولية عن تلك الجرائم مقصود وليس مصادفة، لأن ذلك يوفر فرصة أفضل لتوجيه التهمة لأى أحد، فى حين أن ضبط الجناة يحصرها فى طرف دون آخر، الأمر الذى يعنى اتهام ذلك الطرف وتبرئة الآخرين. وهو ما يتعارض مع حملة التعبئة المطلوبة التى تستهدف تقديم الجميع باعتبارها أشرارا. ناهيك عن أن الموقف يمكن أن يصبح حرجا إذا تبين أن الفاعلين من البلطجية أو اللصوص مثلا، وهؤلاء مواطنون صالحون فى خطاب المرحلة الراهنة، وليسوا من الفصائل الإسلامية المراد شيطنتها وإقناع الرأى العام بضرورة إقصائها واقتلاعها. والإخوان فى هذه الحالة يمثلون رأس القائمة. ما دفعنى إلى طرح الموضوع أمران، أولهما الإلحاح على التعرف على حقيقة الجناة الذين ارتكبوا تلك الجرائم، حتى لا نظلم بريئا أو نبرئ معتديا وظالما. بمعنى أن نعرف على وجه اليقين من فعل ماذا. وهو ما يقطع الطريق على سوء الظن الذى قد يراود البعض ممن يتصورون أن تمييع الاتهام مقصود لتوسيع دائرة الأشرار وتوريط الجميع فى التهمة لدمغهم بالإجرام. وهى البلبلة التى نشأت مثلا من جراء الغموض الذى لايزال يحيط بقتل الـ16 جنديا مصريا فى رفح خلال شهر رمضان قبل الأخير، فمن قائل إن حماس وراء الجريمة، وقائل إنها السلفية الجهادية فى سيناء. وقائل إنها عناصر أخرى لها ثأرها مع الجيش. وهناك تفسير رابع يدعى أن ما جرى كان جزءا من عملية عسكرية ضد العدو الإسرائيلى. وأخيرا سمعت من أحدهم أن الإخوان وراء العملية، رغم أنها تمت أثناء وجود الدكتور محمد مرسى فى السلطة. الأمر الثانى أننى طالعت تقريرا نشرته جريدة الأهرام يوم الأحد الماضى (الأول من سبتمبر) خبرا عن سقوط المتهم الرئيسى فى حرق الكنائس وأعمال التخريب بأسيوط. وهى العملية التى ظلت تنسب طول الوقت إلى المتظاهرين الإسلاميين والإخوان على رأسهم. وقد تبين أن ذلك المتهم الرئيسى أحد أرباب السوابق، وأنه سبق اتهامه فى 10 قضايا سرقة بالإكراه. ولم يتم ضبطه بناء على جهد بذلته الشرطة، ولكنه ألقى القبض عليه مصادفة ولسبب مختلف تماما، وكانت تهمته التى تسببت فى احتجازه هى خرقه لحظر التجول. وبسببها قدم إلى النيابة، إلا أنه عند اتخاذ إجراءات إخلاء سبيله اشتبه ضابط المباحث فى أنه رأى وجهه فى أحد أشرطة الفيديو التى كان نفر من الأهلى قد قاموا بتصويرها أثناء حرق بعض الكنائس. وحين طابق بين الصورة وبين الشخص المحتجز أدرك الضابط أنهما لشخص واحد، وبعد التحرى والمواجهة اعترف صاحبنا بدوره فى حرق الكنائس وصدر الأمر بحبسه 15 يوما. أدرى أن ثمة مزاجا عاما فى أوساط غير قليلة فى مصر أصبحت مقتنعة بفكرة الشيطنة ومصرة على أن الأصل فى المتظاهرين والمعتصمين هو الاتهام وليس البراءة. وأغلب الظن أن هؤلاء لن يغيروا من أفكارهم بسهولة، لكننى مع ذلك أراهن على وعى الكتلة الصامتة التى لم يتشوه وعيها بعد، ولا تريد تصفية حساب مع أى أحد، لكنها تريد أن تعيش فى أمان وسلام مع الجميع فى وطن يجمعهم وليس فى ساحة احتراب تصرعهم.   "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فعل ماذا من فعل ماذا



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon