توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إذ يطل العنف برأسه

  مصر اليوم -

إذ يطل العنف برأسه

مصر اليوم

يصدمنا قتل أربعة من الشيعة فى إحدى قرى الجيزة. وتتضاعف الصدمة إذا أدركنا أن الجريمة التى وقعت يوم الأحد 23/6 هى إحدى حلقات مسلسل العنف الذى تشهده مصر فى الوقت الراهن. من مذبحة استاد بورسعيد إلى إحراق منازل البهائيين فى قرية الشورانية بسوهاج، إلى عنف المتظاهرين حول قصر الاتحادية بمصر الجديدة ومقر الإخوان بالمقطم، إلى وقوع 25 حالة سحل للخارجين على القانون خلال الأشهر الستة الأخيرة. إلى ظهور ما سمى بجماعة «بلاك بلوك» وشيوع استخدام قنابل المولوتوف فى المظاهرات العادية، وقتل أحد متظاهرى الإخوان فى الفيوم والهجوم على المحال التجارية لأعضاء الجماعة فى كفر الشيخ ومحاولة اقتحام وحرق مقر حزب النور فى المحلة الكبرى. إلى غير ذلك من القرائن التى سبقها اعتداء البعض على كنائس الأقباط. وكلها تشير إلى أن العنف بصدد أن يصبح ظاهرة جديدة بصدد التشكل فى المجتمع المصرى الذى تتعرض قيمه لاهتزازات عدة فى الوقت الراهن. قصة قتل الشيعة التى تحدث لأول مرة فى مصر نموذج يستحق الدراسة والتحليل. ذلك أن أحد الذين اعتنقوا المذهب من أبناء بلدة أبوالنمرس بمحافظة الجيزة ــ فرحات عمر خطاب، شهرته شحات وهو عامل بياض عمره 45 سنة ــ دعا إلى اجتماع فى بيته ضم 34 شخصا من المتشيعين، بينهم أحد قيادييهم (اسمه حسن شحاتة ــ 70 سنة). وسواء كان الهدف من الاجتماع هو الاحتفال بذكرى ميلاد إمام  الشيعة الغائب محمد حسن العسكرى أم لا، فالشاهد أن الأمر أثار حفيظة أهل القرية وبينهم عدد غير قليل من السلفيين، وحسب المعلومات الأمنية فإن نحو خمسة آلاف شخص من أهالى القرية هاجموا البيت واعتدوا بالضرب بصورة وحشية على المجتمعين انتهت بسحل سبعة أشخاص، قتل منهم أربعة. وحاول آخرون إحراق البيت بإلقاء قنابل المولوتوف عليه إلا أن الحريق جرى احتواؤه بسرعة. شريط الفيديو الذى سجل الاعتداء ظهرت فيه قسوة وفظاظة المعتدين، حيث بدا جليا أنهم يختزنون قدرا هائلا من المرارة والغضب إزاء المجموعة المحتجزة، ولا شك أن هذا الذى حدث فى بلدة أبوالنمرس ليس مقطوع الصلة بحملة التعبئة والكراهية واسعة النطاق التى شنها الدعاة السلفيون ضد الشيعة عبر مختلف المنابر والقنوات خلال الأسابيع التى خلت. وهم الدعاة الذين ادعوا أن عقائد أهل السنة المصريين مهددة بالاختراق الشيعى. وزعموا أن الشيعة أشد خطرا على الأمة من الإسرائيليين وروجوا لفكرة أن حزب الله حين أرسل قواته إلى القصير، فإنه كان يمثل احتشادا شيعيا علويا فى مواجهة أهل السنة فى سوريا، يتوازى مع عملية الاستقطاب الحاصلة فى العراق. والتى قسمت البلدين الشيعة والسنة والأكراد. عملية الشحن هذه عبأت قطاعات غير قليلة من عوام المصريين بمشاعر النفور والكراهية للشيعة. وقد ذهبت الأبواق السلفية فى ذلك إلى مدى بعيد، وكان للقنوات التليفزيونية التى تبث أحاديث شيوخها دورها المؤثر فى ذلك، ذلك أنها أسهمت بدور فعال فى إشاعة الكراهية. وقد سمعنا أن أحد مشاهيرهم فى المهرجان الذى حضره الرئيس مرسى فى الاستاد وهو يصف الشيعة بالروافض الأنجاس. وهو الوصف الذى شاع فى خطب بعض أئمة المساجد. حين يعبأ العوام على ذلك النحو، فإنهم عندما يهاجمون بيتا اجتمع فيه نفر من الشيعة فأغلب الظن أنهم يعتبرون فعلتهم خدمة للإسلام وتطهيرا لساحته من أولئك «الروافض الأنجاس». سنحتاج إلى وقت أطول ودراسة أوفى وأعمق لكى تقرر أن سلوك المصريين قد تغير وأن العنف صار ظاهرة متوطنة فى بلادهم. لكننا نستطيع أن نسجل عدة عوامل أرجح أنها أسهمت فى التأثير على السلوك الجمعى فى المرحلة الراهنة منها ما يلى: تراجع قيمة التسامح فى المجتمع ـ غياب لغة الحوار بين الفرقاء السياسيين وتقديمهم التقاطع على التواصل، ولجوءهم إلى استخدام العضلات والحناجر فى حسم خلافاتهم ــ غياب سلطة القانون وتراجع حضور الشرطة مع ارتفاع منسوب الجرأة فى المجتمع ــ تراجع هيبة الدولة فى ظل ضعف أداء وحضور الحكومة جراء الممارسات غير المنضبطة لقيم الحريات العامة ــ اختفاء المؤسسات والأوعية التى تمثل المجتمع وتسهم فى ترشيد سلوك المواطنين والتعبير عنهم. الأمر الذى دفع كثيرين إلى محاولة تحصيل حقوقهم أو تصفية حساباتهم بأنفسهم ــ بطء التقاضى بسبب الأثقال الهائلة التى يتحملها ذلك المرفق الذى يعمل به ما بين 16 و17 ألف قاض، مطلوب منهم الفصل فى نحو 16 مليون قضية.  يعرف أهل الاختصاص أن ثمة بيئة سياسية واجتماعية تستخلص من الناس أفضل ما فيهم، وأخرى مناقضة تستخرج منهم اسوأ ما فيهم. وأخشى أن يطول بقاؤنا فى تلك الحالة الأخيرة. وقد صادفنا ظروفا مواتية تحدثنا فيها وتحدث غيرنا عن فضائل المصريين، إلا أننا نحتاج إلى قدر  من الثقة والشجاعة يسمح لنا بنقد رذائلهم التى جعلت العنف يطل بوجهه القبيح فى جنبات «أم الدنيا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذ يطل العنف برأسه إذ يطل العنف برأسه



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon