توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرجل الصحيح فى المكان الغلط

  مصر اليوم -

الرجل الصحيح فى المكان الغلط

فهمي هويدي

يستحق التقدير والحفاوة موقف محافظ الأقصر الجديد الذى امتنع عن تسلم منصبه بعد حلفه اليمين القانونية، إلا إذا توافقت القوى التى تمثل أهالى المحافظة على استقباله ومساندته فى مهمته. وكان الرجل ـ المهندس عادل الخياط ـ الذى انتمى إلى الجماعة الإسلامية فى سبعينيات القرن الماضى قد قوبل بأصوات عارضت تعيينه ممثلة فى بعض التيارات السياسية وأصحاب المصالح فى المدينة السياحية، حين احتشدت فى أحد الميادين «أبو الحجاج الأقصرى» للحيلولة دون وصوله إلى مكتبه الجديد، وقاد الجموعات المحتشدة ممثلون عن أحزاب الأحرار والوفد والناصرى والتجمع والمؤتمر الشعبى فى حين اعتصم هؤلاء ومعهم آخرون بالميدان، فإن مؤيدى المهندس الخياط من الإسلاميين ــ خصوصا أعضاء حزب البناء والتنمية ــ احتشدوا بدورهم لمناصرته وتمكينه من تسلم منصبه. وإذ بدا أن الصدام وارد بين الطرفين واحتمالات إسالة الدماء قائمة، حيث الحماس متأجج والسلاح بأيدى الجميع، فقد أصبح ضروريا تجنب تلك المواجهة، ومن ثم كان الحل العاقل أن يعود المحافظ الجديد إلى بيته فى محافظة سوهاج، وأن يمتنع عن تسلم منصبه لينزع فتيل الأزمة. ولهذه اللحظة الحاسمة قصة تستحق أن تروى وعبرة جديرة بالنظر والاعتبار. فحين طلبت الحكومة من الأحزاب غير المقاطعة لها التقدم بمرشحيها لحركة المحافظين الجدد، قدم حزب البناء والتنمية اسم المهندس عادل الخياط، الذى التحق بالجماعة فى سبعينيات القرن الماضى، قبل تخرجه فى هندسة أسيوط فى عام 1979. ولم يكن له أى سجل فى عمليات العنف ولا كانت له سابقة اعتقال أو اتهام، فضلا عن أنه شق طريقه الوظيفى والمهنى بنجاح أهَّله لكى يصبح مسئولا عن مشروعات الإسكان فى صعيد مصر إبان عهد الرئيس السابق. وهذا الذى بلغه فى السلم الوظيفى، ما كان له أن يحدث فى تلك المرحلة لو أن سجله السياسى شابته أية شائبة تتعلق بخلفيته السياسية والأمنية. قال لى الدكتور صفوت عبدالغنى رئيس المكتب السياسى لحزب البناء والتنمية إنهم رشحوا المهندس عادل للوظيفة ولم يكن لديهم علم بالمكان الذى سيعين فيه، وحين تسربت معلومات عن الاتجاه إلى تعيينه محافظا للأقصر فإنهم لم يرحبوا بذلك واعترضوا عليه على الفور، وكانت الحجة الرئيسية أن مجتمع الأقصر لم ينس المذبحة التى وقعت فى عام 1997 وكان ضحيتها 58 سائحا، ونسبت إلى مجموعة من المتطرفين الإسلاميين الذين قتلوا ولم تعرف هوياتهم. ورغم أن هؤلاء لم يكونوا من أعضاء الجماعة الإسلامية إلا أن التهمة ألصقت بالجماعة ومازالت ذكراها تلاحقهم هناك حتى الآن. المحافظة لم تكن مهيأة لاستقبال محافظ له جذوره فى الجماعة الإسلامية، أولا لطبيعتها السياحية، وثانيا لكونها أحد معاقل فلول النظام القديم، إضافة إلى ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفى بين مكوناتها. وتلك حيثيات لا يمكن تجاهلها قبل اتخاذ قرار تعيين المحافظ لها. وعلى حد تعبير الدكتور صفوت عبدالغنى فإن المحافظة لم تكن مستعدة لاحتمال محافظ إسلامى بالأساس، وحين يعين لها محافظ له علاقة بالجماعة الإسلامية فإن استياء أهلها وغضبهم من تعيينه لا بد أن يكون مضاعفا. حين تواترت الأخبار بخصوص احتمال تعيين المهندس عادل لمحافظة الأقصر، سارعت قيادة حزب البناء إلى إبلاغ الجهات المعنية باعتراضها. اتصلوا برئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل فنفى بشدة الخبر، واتصلوا بالدكتورة باكينام الشرقاوى مساعدة الرئيس فكان ردها أنها ستنقل الصورة إلى الرئيس. اتصلوا بالسيد أحمد عمران أحد مستشارى الرئيس فقال لهم إنه سيعين فى محافظة بنى سويف، وكان ذلك هو الخيار الوحيد الذى رحبوا به، أولا لأنه ليس الأقصر، وثانيا لأنهم اعتبروا أن عموم الأوضاع فى بنى سويف أكثر ملاءمة للتفاعل مع الرجل. فوجئ الحزب بأنه عين فى الأقصر، ولم يفاجأوا بردود الأفعال التى كادت تنذر بفتنة تهدد الاستقرار فى المحافظة، على النحو الذى سبق ذكره. فدعا المكتب السياسى إلى اجتماع لمناقشة الموضوع، وخلص إلى أن هناك مصلحة وطنية فى عدم تسلم المحافظ وظيفته فى هذه الظروف. واستقر رأيهم على أن تهدئة الأوضاع واستقرارها فى الأقصر هو أهم ما ينبغى الحفاظ عليه، حتى إذا اقتضى الأمر أن يعتذر المحافظ الجديد عن عدم تسلم منصبه الجديد. وكلفوا أحد القياديين بالجماعة الشيخ رفاعى طه بالذهاب إلى الأقصر ومخاطبة مؤيدى المحافظ لمطالبتهم بالتهدئة وفض الاحتشاد، وهو ما اعتبره موقفا ناضجا ومسئولا يستحق بدوره الحفاوة والتقدير. كانت تلك هى القصة أما العظة والعبرة ــ وهى الأهم ــ فلنا معها كلام آخر نستكمله غدا بإذن الله. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجل الصحيح فى المكان الغلط الرجل الصحيح فى المكان الغلط



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon