توقيت القاهرة المحلي 11:02:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سؤال الساعة

  مصر اليوم -

سؤال الساعة

فهمي هويدي

تصر صحف المعارضة فى مصر على أن الإخوان هم الذين يطلقون الخرطوش فى المظاهرات (أمس تحدثت إحدى الصحف عما سمته «خرطوش الإخوان»).. بالمقابل يؤكد الإخوان أن عناصر بلاك بلوك والبلطجية هاجموهم فى مظاهرة الجمعة بالخرطوش والشوم. فى حين أن أخبارا أخرى تحدثت عن أن الخرطوش وجه صوب جنود الأمن المركزى. الأمر الذى أضاف صفحة أخرى إلى سجل الحيرة والبلبلة الحافل بالحوادث المماثلة، التى أقنعتنا بأن الغموض سيد الموقف، وأن باب معرفة الحقيقة مغلق حتى إشعار آخر. على شاشات التليفزيون رأينا بأعيننا من يطلق الرصاص من مسدس يحمله، ووراءه آخر يحمل خرطوشا موجها إلى الطرف الآخر. لم تكن تلك هى الصورة الأولى التى نراها بأعيننا لأناس وجوههم مكشوفة أو نصف مكشوفة، لأنها تكررت مرات عدة. وكان أول سؤال يخطر على البال هو: ألا توجد فى مصر جهة تستطيع أن تفحص تلك الصور وتحدد أصحابها لكى تحاسبهم وتعرف ما إذا كانوا مدفوعين أم أفرادا متحمسين ومنفعلين أم بلطجية تهمهم إشاعة الفوضى بأى ثمن؟ لا يحتاج الأمر إلى لجان لتقصى الحقائق، رغم أن المصطلح جرى ابتذاله بحيث سمعنا عن لجان حملت الاسم ولم تتعرف على شىء من الحقائق التى كلفت بتحريرها. بل إن غاية ما تتطلبه تلك المهمة أن يتوافر لها أناس لهم أعين يبصرون بها وضمائر حية تحثهم على إعلان الحقيقة بغير تردد أو مواربة. حين اهتزت أمريكا وخيم عليها الخوف بسبب تفجيرات بوسطن. استطاعت الشرطة تحديد المشتبه فيهم من خلال الصور التى تم التقاطها. وخلال ثلاثة أيام نجحت فى التعرف على الفاعلين وملاحقتهما، فقتل واحد وتم اعتقال الثانى، وهو ما بدد الخوف والقلق بسرعة وأعاد المدينة إلى حياتها الطبيعية. الشقيقان اللذان ارتكبا الحادث كانا وسط حشد من البشر، وقد غطى كل واحد منهما رأسه بقبعة أخفت نصف الوجه، ومع ذلك تم التعرف عليهما بسرعة. أما مطلقو الخرطوش وحملة السكاكين والشوم عندنا فإنهم يظهرون بكامل هيئتهم، وفى بعض الأحيان يخفون نصف وجوههم. ورغم أن صورهم رأيناها على شاشات التليفزيون، إلا أنهم كانوا بالنسبة لنا كائنات حية تتحرك، أما الأجهزة الأمنية فإنها ظلت تراهم أشباحا وعفاريت، تنشق عنهم الأرض فى لحظة ثم سرعان ما تبتلعهم بعد ذلك، فيختفون ويتبخرون ولا تكاد تعثر لهم على أثر. لابد أن يثير انتباهنا فى هذا الصدد أن أركان النظام السابق ورموزه قدموا إلى القضاء فى جرائم تافهة وتم حبسهم فى منتجع طرة فيما بدا وكأنه تأمين وحماية لهم، فى حين أطلق سراح بعضهم فعادوا إلى بيوتهم وكأنهم لم يرتكبوا جرما بحق مصر والمصريين. أما قتلة الثوار فإنهم لا يزالون مجهولين حتى هذه اللحظة، والعنف الذى شهدته المظاهرات وتخلله تعذيب وإطلاق للخرطوش لم يحاسب عليه أحد، واستوقفنا أن أحد القيادات الأمنية فى القاهرة اشتكى أمام مجلس الشورى من أن البلطجية الذين تم إلقاء القبض عليهم تطلق النيابة سراحهم بسرعة، الأمر الذى يشجعهم على العودة إلى الشارع فى اليوم التالى مباشرة. أما القضايا التى تتحرك وتحدد الجلسات لنظرها أو تلك التى تصدر فيها أحكام، فهى تلك التى ترفع ضد السلطة والنظام القائم. وهو ما رأيناه فى حكم حل مجلس النواب والطعن فى تعيين النائب العام وصولا إلى هروب نزلاء سجن وادى النطرون الذين كان الرئيس محمد مرسى أحدهم. بل إننا لا نكاد نجد خطوة خطتها الحكومة إلا وطعن فيها أمام القضاء الذى صار متفرغا لملاحقة السلطة بأكثر من انصرافه إلى تحصيل حقوق الناس. قيل لى مرة إن الشرطة لم تعد قادرة على مواجهة الانفلات الأمنى فى ظل الاضطراب السياسى الراهن. كما قيل إن الأجهزة الأمنية استجدت عليها أوضاع لم تمكنها من القيام بواجباتها على النحو المطلوب. وهى حقيقة يتعين الاعتراف بها بشرط واحد. هو ملاحظة أن ثمة عناصر فى تلك الأجهزة غير راغبة فى وقف التدهور فى الأوضاع الأمنية فى البلد. ما يمكن قوله بالنسبة للشرطة والأجهزة الأمنية يسرى بذات القدر على النيابة والقضاء. وهو القطاع الذى تأثر بالتسييس، حتى وجدناه فى بعض الأحيان طرفا فى الصراع وليس حكما بين المتصارعين. وهى خلفية إذا صحت فإنها تسوغ لنا أن نقول إن ثمة قطاعات فى المؤسسة المصرية لايزال لها موقفها السلبى من الثورة، الأمر الذى يشكل ملفا إضافيا يتعين على القوى الثورية تقدير أهميته، لكنها تتعامى عنه للأسف متصورة أن هذه الأوضاع تخدم هدف إسقاط النظام الذى تسعى إليه، فى حين أنها تستهدف الثورة بالأساس ـ إن بعضنا أصابه عمى البصر، والبعض الآخر استسلم لعمى البصيرة ـ والأمل معقود على الذين نجوا من الرذيلتين. حتى بات سؤال الساعة هو: أين هؤلاء؟ نقلاً عن جريدة " الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال الساعة سؤال الساعة



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon