توقيت القاهرة المحلي 12:24:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا

  مصر اليوم -

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا

فهمى هويدي

أبرزت بعض الصحف العربية خبر اعتذار إسرائيل لتركيا فى حين تجاهلت صحف أخرى خبر الاعتذار وركزت على العودة إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. وحتى إذا كان ذلك التفاوت من قبيل المصادفة، إلا أنه يعبر عن التباين القائم فى قراءة مفردات السياسة الخارجية التركية. وهذا التباين أكثر وضوحا فى التعليقات التى تناولت الموضوع فى الصحف العربية، والتى عمد بعضها إلى الانتقاص من قيمة الخبر والتشكيك فى خلفياته. من جانبى أقر بأننى لست سعيدا بعودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل (ولا بوجود أى علاقة من أى نوع بين مصر وإسرائيل). كما أنه لا يسرنى أن تبقى تركيا عضوا فى حلف الأطلنطى، مع ذلك فإننى أزعم أن الحكم على السياسة الخارجية التركية انطلاقات هذه المشاعر وحدها يعد تعسفا بجانب الصواب. ذلك أننا نعلم جيدا أن حكومة حزب العدالة والتنمية حين تسلمت السلطة وجدت البلاد تحت حكم العسكر الفعلى ولها ارتباطاتها الوثيقة والعميقة مع الحلف المذكور فضلا عن الولايات المتحدة وإسرائيل. وحالها فى ذلك لا يختلف كثيرا عن حال أى حكومة وطنية تتسلم السلطة فى مصر مثلا وتجد أنها مرتبطة بعلاقات وتعهدات كثيرة مع الولايات المتحدة، كما انها مكبلة بمعاهدة سلام مع إسرائيل وفى الوقت ذاته فان موازين القوة لا تمكنها من التحلل مما ورثته من تعهدات واتفاقات. الأمر الذى يضعها بإزاء ثلاثة خيارات. اما ان تسلم بالأمر الواقع وتسايره، واما أن ترفضه وتصطدم به. وإذا كان الاستسلام مرفوضا والصدام متعذرا فى الأجل المنظور فليس أمامها سوى ان تحاول ان تستخلص منه أفضل ما يمكن ان تنتزعه لصالح موقفها الوطنى والمستقل. لقد ورثت حكومة حزب العدالة ذلك الوضع المعقد الذى سبقت الإشارة إليه، وقد لا نبالغ إذا قلنا إن تركيا فى ذلك الحين (عام 2002) كانت مستسلمة للأحضان الأمريكية الإسرائيلية، ولم تكن معنية بالقضية الفلسطينية، ورغم أنها لم تغير كثيرا من طبيعة العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع البلدين، إلا أنه ينبغى أن يحسب لها أنها ردت الاعتبار للقضية الفلسطينية فى أجندتها السياسية، وجددت علاقة الأتراك بها، بعد طول هجران وانقطاع. يشهد بذلك الغضب العارم والمظاهرات الصاخبة المعادية لإسرائيل التى انطلقت فى أنحاء تركيا أثناء اجتياحها لقطاع غزة فى عام 2008. ولم يعد سرا ان الدفاع عن القضية الفلسطينية والتنديد بالاحتلال الإسرائيلى أصبحا أحد محاور الخطاب السياسى التركى فى مختلف المحافل الدولية، ولا ينسى أحد لأردوغان اشتباكه مع شمعون بيريز ومقاطعته لمؤتمر دافوس بسبب الملف الفلسطينى، وكانت إدانته الأخيرة للصهيونية واعتبارها جريمة ضد الإنسانية تعبيرا مجددا عن ذات الموقف. منذ ثلاث سنوات حين قتلت إسرائيل تسعة من الأتراك كانوا ضمن ركاب الباخرة التركية «مرمرة» التى سعت إلى كسر حصار غزة، طرد السفير الإسرائيلى من أنقرة وجمدت العلاقات بين البلدين، وأعلن أردوغان ان بلاده لن تعيد تلك العلاقات إلا إذا استجابت إسرائيل لثلاثة شروط هى الاعتذار عن الجريمة وتعويض الضحايا ورفع حصار غزة. وطوال السنوات الثلاث رفضت إسرائيل تلك المطالب، وأصرت أنقرة على موقفها، وظلت علاقات البلدين فى تدهور مستمر. إلى ان زارها الرئيس الأمريكى باراك أوباما المنطقة فى الأسبوع الماضى، وفوجئنا بالإعلان الرسمى عن قبول إسرائيل للشروط التركية وعلى رأسها الاعتذار الذى لم تقدمه لأى دولة من قبل باستثاء الولايات المتحدة (حين أغرقت إسرائيل سفينة التجسس الأمريكية أثناء حرب 67 مما أدى إلى قتل 31 جنديا أمريكيا). وحسب معلوماتى فان أردوغان اتصل هاتفيا بالرئيس محمد مرسى وأبلغه بالنبأ قبل إعلانه، كما اتصل بالسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس وتحدث إليه فى الموضوع. منذ ذلك الحين والجدل مثار فى إسرائيل حول تراجع نتنياهو عن كبريائه، والضرورات الاستراتيجية التى استدعت ذلك خصوصا ما تعلق منها بتداعيات الموقف فى سوريا وموقف دول المنطقة منها. فى التعليق على ما جرى قال أردوغان ان بلاده ستراقب تصرفات إسرائيل على الطبيعة لكى ترى كيف سيكون موقفها من حصار غزة. وحسب معلوماتى فان الاتصالات بدأت لترتيب زيارة له للقطاع للتعرف على الموقف هناك خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. إلا ان الدوائر السياسية التركية تعتبر انه بات من العسير للغاية ان تعود العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى سابق عهدها، لأن الحاجز النفسى الذى تشكل لدى الأتراك خلال السنوات التى خلت بات من الصعب تجاوزه. عامدا تجنبت الحديث عن رد فعل القاهرة حين قتل الإسرائيليون ستة من رجال الشرطة المصريين فى شهر أغسطس عام 2011، واكتفى وزير الدفاع الإسرائيلى ايهود باراك بالإعراب للمجلس العسكرى الحاكم آنذاك عن الأسف لما جرى، ووعد بأن تحقيقا سيجرى حول الموضوع، ثم نسى الأمر بعد ذلك ولم يعد له ذكر. فقد وجدت ان المقارنة محرجة، إلا أننى أدركت ان الإشارة السريعة إلى الواقعة تساعدنا على فهم الموقف التركى وتقديره، لاننى لا استطيع أن اكتم خجلا من القول بأنه أكثر تقدما من مواقف بعض الدول العربية. إن الفهم والتقدير هو ما أدعو إليه، لاننا لا نستطيع ان نقبل بالحد الأدنى من بعض الدول العربية ثم نطالب تركيا بالحد الأقصى تقلاً عن جريدة الشروق .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا حين اعتذرت إسرائيل لتركيا



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon