توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين الشرطة؟

  مصر اليوم -

أين الشرطة

فهمي هويدي

الخبر المنشور كالتالى: اعتدى عشرات من الملثمين على فندق شبرد، حيث رشقوه بالحجارة وحطموا واجهته الزجاجية. فتجمع المئات من عمال الفندق وموظفيه عند المدخل للحيلولة دون اقتحام الملثمين أبوابه، واستخدموا فى ذلك العصى الخشبية والشوم. وقال رئيس جهاز أمن الفندق إنهم استطاعوا إلقاء القبض على خمسة أشخاص من الذين قاموا بالاعتداء على الفندق. تلك كانت خلاصة ما نشرته صحيفة «الشروق» على الصفحة الأولى أمس (الأربعاء 13/2). وهذا الكلام إذا صح فإنه يثير على الفور السؤال التالى: أين الشرطة؟ فهذا فندق مقابل لواحد من أكبر وأهم فنادق القاهرة، وقد تعرض للاعتداء والنهب قبل عشرة أيام، الأمر الذى يفترض أن يبعث برسالة إلى كل من يهمه الأمر خلاصتها أن فنادق الدرجة الأولى التى فى قلب العاصمة على الأقل أصبحت مستهدفة من جانب أفراد العصابات والبلطجية الذين يندسون فى أوساط المتظاهرين لتحقيق مآربهم. يفترض أيضا أن يكون جهاز الشرطة أول من تلقى الرسالة. ومن ثم أعد العدة لتأمين تلك الفنادق، ولكن حين نقرأ فى الصحيفة أن موظفى وعمال الفندق تجمعوا عند مدخله ومعهم العصى والشوم لمنع اقتحامه فإن التساؤل عن غياب الشرطة يصبح مشروعا وملحا. وإذا أضفنا إلى ذلك ما نلحظه من غياب لشرطة المرور فى القاهرة فإن ذلك يثير علامة استفهام أخرى تسمح لنا بأن ننصت بجدية إلى الشائعات التى تتحدث عن أن الأمر ليس مصادفة، كما أنه ليس راجعا إلى قلة إمكانيات ونقص فى السيارات والإمدادات. وذلك ينطبق بالدرجة الأولى على شرطة المرور، الذين ليسوا بحاجة إلى أسلحة وذخيرة أو سيارات أو مدرعات. فى وقت سابق حين تم سحل المواطن حمادة صابر، وسارعت وزارة الداخلية إلى الاعتذار للرأى العام فى مصر عن الجريمة، فان طرفا آخر فى الداخلية ضغط على الرجل لكى يبرئ الشرطة ويتهم المتظاهرين بالمسئولية عما جرى له. وقد أثنيت على موقف الاعتذار فى حينه وقلت إن الجهد الذى بذله بعض ضباط الشرطة لدفع الرجال إلى اتهام المتظاهرين يعنى أن ثمة مدرستين فى الداخلية تتحدث كل منهما بلغة مختلفة عن الأخرى. وقصدت الإشارة إلى ذلك لكى أبين أن هناك مدرسة جديدة تريد أن تتصالح مع المجتمع فى حين أن المدرسة الأخرى تصر على الاستعلاء على المجتمع والاستمرار فى تحدِّيه. لا يقف الأمر عند حد شبهة الإهمال أو التقاعس من جانب جهاز الشرطة، ولكننا لا نستطيع أن نتجاهل وقائع التعذيب التى لايزال يتعرض لها المواطنون والناشطون من جانب عناصرها، الأمر الذى يعنى استمرار ثقافة وأساليب مرحلة الطوارئ التى استمرت عقودا أطلقت يد الشرطة خلالها فى الاعتداء على كرامات الناس اطمئنانا إلى أن رجالها فوق القانون. إننا إذا أردنا أن نتصارح أكثر، فلا مفر من الاعتراف بأن جهاز الشرطة بوجه أخص هو أحد أهم المتضررين من نجاح الثورة. ذلك أن النظام السابق كان يعتمد فى تأمينه على الشرطة بأكثر من اعتماده على الجيش. وخلال الثلاثين سنة التى استمر فيها نظام مبارك كانت وزارة الداخلية هى العصا التى تم بواسطتها القمع والتأديب والتزوير، حتى قيل أيضا إنه كان لها دورها فى ترتيب عملية توريث الحكم لابن الرئيس. بالتالى فحين يسقط النظام فقد كان طبيعيا ومفهوما ألا تستقبل العملية داخل وزارة الداخلية بأى ترحيب، ذلك أن تحولها من مؤسسة تخدم النظام ولا تخضع لرقابة أو قانون، إلى مؤسسة وطنية تخدم المجتمع وتخضع للقانون، أمر صعب للغاية. ليس فى مصر وحدها، ولكن فى كل بلد شهد تحولا من القمع إلى الديمقراطية. من إسبانيا إلى شيلى، مرورا بجنوب أفريقيا وإندونيسيا وجورجيا. لقد تتابع على وزارة الداخلية خمسة وزراء خلال السنتين اللتين أعقبتا قيام الثورة (طوال ثلاثين سنة هى عمر عهد نظام مبارك ثم تعيين سبعة)، ولست أشك فى ان بعض الوزراء قد بذلوا جهدا فى محاولة إصلاح الجهاز. كما ظهرت خلال تلك الفترة مجموعات من الضباط الإصلاحيين الذين بذلوا جهودا موازية (الائتلاف العام لضباط الشرطة ــ وضباط لكن شرفاء) لكننا نلاحظ أن الإصلاح المنشود ظل محدودا وشكليا، الأمر الذى يعنى أن الأمر بحاجة إلى جهد أكبر وأعمق، لا تتصدى قيادات الشرطة وحدها لأن الخبرة المدنية والسياسية يمكن أن تضيف إليه وتثريه وبالمناسبة فإن للدكتور عمر عاشور الأستاذ بجامعة اكستر البريطانية والباحث بمركز بروكنجز الدوحة دراسة قيمة حول إصلاح القطاع الأمنى فى مصر، يمكن الاستفادة منها ومن مثيلاتها فى هذا الصدد. طوال عهد مبارك كنا نخاف من الشرطة ونسأل أين الشعب، وقد حدث العكس بعد الثورة حيث انقلب الحال وأصبحت الشرطة تخاف من الناس، وأصبح أمثالنا يتساءلون قائلين: أين الشرطة؟ نقلاً عن جريدة  "الشروق " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين الشرطة أين الشرطة



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon