توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين دور المجتمع؟

  مصر اليوم -

أين دور المجتمع

فهمي هويدي

كارثة قطار البدرشين أغرقتنا فى بحر من الحزن والأسى، إلا أن صدى الحادث فى بعض وسائل الإعلام المصرية بدا صادما ومثيرا للدهشة. ذلك أن نداء العقل والمسئولية يدعو كل ذى صلة بالموضوع إلى التفكير فى مواجهة الكارثة بعدما صارت القطارات والطرق البرية تحمل الناس إلى الآخرة بأكثر مما تحملهم إلى بيوتهم ومقاصدهم. إلا أن بعض الصحف الخاصة التى صدرت أمس لم تنشغل بموضوع الحدث ومآلاته. وإنما بدا أنها احتفت به بدرجة عالية من الحرارة، ووظفته فى حملتها ضد الرئيس محمد مرسى ورئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل. واعتبرت أن القضية ليست أن مرفقا حيويا تدهورت أوضاعه. وأصبح يحصد أرواح المصريين حينا بعد حين، ولكنها فى نظرهم شهادة تثبت الفشل وتعزز الدعوة إلى الخلاص من كل القائمين على الأمر فى مصر الآن. فمن قائل إن الفشل لمرسى والرحيل لقنديل، وأن حكومة الإخوان تواصل حصد الأرواح، وغامز فى أن مرسى تفادى الاحتجاجات والغضب بـ«هليكوبتر» وأن هتافات المواطنين طردت قنديل من موقع الحادث. وفى تعبير آخر عن التنديد والشماتة وصفت إحدى الصحف المرحلة التى تمر بها مصر باعتبارها «عصر الشهداء». إلى غير ذلك من المعالجات التى تتصاغر إلى جانبها أصداء غرق أكثر من ألف مصرى فى كارثة العبارة الشهيرة التى وقعت فى عام 2006، علما بأن الذين أطلقوا تلك الأوصاف على كارثة القطار كانوا فى مواقع المسئولية المهنية إبان غرق الباخرة، وكان لهم رأى مختلف فى الكارثة التى وقعت آنذاك. لا أريد أن أقف طويلا أمام المعالجة الإعلامية للحدث. كما أننى لا أريد أن أعفى رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء من المسئولية السياسية والمعنوية بدرجة أو أخرى، ولا أظن أن أحدا يمكن أن يزايد علىّ فى الموقف النقدى للرجلين فيما استحق النقد أو العتاب. كذلك أرجو ألا يخطر على بال أى أحد أننى أهوّن من شأن مقتل ١٩ مجندا وإصابة العشرات، لأننى أعتقد أن الغضب واجب لمقتل أى مواطن ظلما وعدوانا. فضلا عن أننا أبناء ثقافة تعتبر أن مقتل أى إنسان بغير حق هو عدوان جسيم على المجتمع وقتل للناس جميعا، على حد التعبير القرآنى (سورة المائدة الآية 32). لقد قلت أمس إن الكوارث التى خلفها النظام السابق تفرض على رئيس الوزراء أن يحدد سياسة واضحة وشفافة فى التعامل معها، سواء عن طريق ترتيب أولوياتها وتحديد جدول زمنى لإزالة آثارها، مع الإعلان عن الموارد اللازمة للإنجاز فيها. لكننى اليوم أنبه إلى أمر آخر هو أننا اعتدنا ــ وتربينا ــ على فكرة «الرعاية الأبوية» التى تباشرها السلطة بحق المواطنين، وبمقتضاها يعفى المجتمع من المسئولية ويظل متفرجا وتابعا. وهو الأمر الذى أزعم أنه تغير بعد الثورة مع عودة المجتمع إلى السياسة، وانتقاله من مرتبة التابع إلى موقع الشريك. ولذلك فمن المهم أن نتساءل أيضا عن الدور الذى يتعين على المجتمع أن يقوم به والمسئولية التى يجب أن يتحملها فى إزالة آثار العدوان الذى مورس علينا طوال العقود الثلاثة أو الأربعة التى خلت. بالتالى فإنه إذا كان رئيس الوزراء مطالبا بجهد معين يبذل فى ذلك الاتجاه، فإننا ينبغى أن نتساءل أيضا عن الدور الذى ينبغى أن يؤديه المجتمع فى هذا الصدد. أدرى أن تسونامى المطالبة بالحقوق يجتاح مصر منذ قامت ثورة 25 يناير. وذلك شىء جيد، رغم أية تحفظات يمكن أن تسجل على الأسلوب الذى اتبع فى تلك المطالبات، إلا أننا غضضنا الطرف عن الواجبات علما بأنها الوجه الآخر للتطور الذى حدث. ناهيك عن أن عبء التركة الثقيلة التى خلفها النظام السابق يتطلب تضافرا واحتشادا قويين من جانب السلطة والمجتمع فى ذات الوقت. ولست أشك فى أن مجالات الخدمات بوجه أخص هى الأشد حاجة إلى عون المجتمع ومشاركته، من خلال جمعياته الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات والأحزاب والأفراد، وكل من لديه طاقة قادرة على البناء والإضافة. وقد علمتنا الخبرة التاريخية ــ من نظام الأوقات مثلا ــ أن قدرة المجتمع على العطاء لا حدود لها، وأن الجماهير إذا انفتحت أمامها أبواب المشاركة يمكن أن تندفع إلى أبعد بكثير مما يخطر على البال. والدراسات التى أجريت على نظام الوقت أبرزت حقائق مثيرة فى هذا الصدد، لا تتعلق فقط بعطاء القادرين بل وأيضا بعطاءات غير القادرين وحماسهم للمشاركة فى تحقيق التكافل التماسا لعمارة الدنيا وثواب الآخرة. بعد كارثة مزلقان أسيوط التى وقعت فى شهر نوفمبر الماضى، وأسفرت عن قتل 50 من أطفال المدارس، اهتمت نقابة المهندسين بالموضوع وتقدمت بمشروع يسهم فى حل الإشكال، وفهمت من نقيب المهندسين الدكتور ماجد خلوصى أن رئيس الوزراء رحب به وتحمس له. ولا أعرف ما الذى تم فيه بعد ذلك. لكن الفكرة هى التى تهمنى، خصوصا أن هناك نماذج مشجعة للغاية جسدت قيمة المشاركة الأهلية التى يعد مركز الكلى فى مدينة المنصورة من تجلياتها الرائدة الجديرة بالاحتذاء فى مجالات الخدمات الأخرى. إن أحوال البلد سوف تنصلح لا ريب لو أن عشر معشار الجهد الذى يبذل للتنديد بالسلطة والتحريض عليها يوظف فى محاولة استنفار المجتمع وتحفيزه للبناء والإعمار، لكن البعض فيما يبدو يفضلون تعميم الإظلام وتثبيته على التفكير فى إضاءة الشموع. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين دور المجتمع أين دور المجتمع



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon