توقيت القاهرة المحلي 10:55:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدستور فى زمن اللا توافق

  مصر اليوم -

الدستور فى زمن اللا توافق

فهمي هويدي

وقعت على ثلاث قراءات متباينة لمشروع الدستور يوم الخميس الماضى (12/12). صحيح أن ذلك التباين ظهر فى كتابات وحوارات عدة طالعناها فى الآونة الأخيرة، لكنها كانت فى أغلبها آراء لأفراد. وقد استوقفنى فيما تم نشره يوم الخميس أنه كان تعبيرا عن مواقف ثلاث مجموعات تبنت مواقف متناقضة على النحو التالى: • ظهر إعلان مدفوع الأجر على نصف صفحة فى أكثر من صحيفة صباحية، صادر عن «التحرك الشعبى لرفض الدستور»، مذيلا بإشارة تقول إنها حملة يرعاها الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى. والإعلان يصف الدستور بأنه يسعى «لتقسيم مصر» وتحت العنوان برزت بلون أحمر الهتافات التالية (التى لا أعرف لماذا كتبت بالعامية): يسقط الدستور اللى ما بيحميش العمال، يسقط الدستور إللى ما بيديش تأمين صحى لكل المصريين ــ يسقط الدستور اللى حايبيع التأمين الصحى ــ يسقط الدستور اللى بيقسم البلد ــ يسقط الدستور اللى مش عايزنا نعرف الحقيقة ــ يسقط الدستور اللى يخلينى تحت رحمة الشرطة ــ وفى ختامه هتاف آخر يقول: أنا غير موافق على الدستور اللى بيقسمنا. • فى نفس اليوم أبرزت صحيفة «الوطن» على الصفحة الأولى خبرا تحت العنوان التالى: السلفية الجهادية تصدر قائمة بـ20 مادة «كافرة» فى الدستور. وفى نص الخبر أن الجماعة المذكورة أصدرت قائمة تضمنت ما اعتبرته مواد «كفرية» فى الدستور. وقالت إن تلك المواد دفعتهم إلى اتخاذ قرار بمقاطعة الاستفتاء. وفى رأيها أن المواد العشرين تضيِّع الإسلام فى مصر وتكرس الدولة الكفرية. فالمادة التى كرست مبدأ السيادة للشعب وانه صاحب الحق الوحيد فى تأسيس السلطات يعد كفرا واضحا. كما ورد فى المواد: 5 و79 و101 و116. أضاف الخبر المنشور أن بيان الجماعة السلفية الجهادية تمسك بأن الشريعة هى مصدر جميع السلطات، واعتبر نص القسم الذى يردده، رئيس الجمهورية ونواب البرلمان، وكذلك نص المادة الثانية من الدستور بأنها من دلائل الشرك بالله، كما وصف المواد التى تحدثت عن المواطنة والمساواة بين الناس باعتبارها مخالفة صريحة لقوله تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين. بسبب تلك الملاحظات وأمثالها فإنهم أعلنوا مقاطعتهم للاستفتاء وحذروا من إقراره. «حتى لا يخرج من ملة الإسلام من يشترك فى وضع البذرة الأولى لدولة الكفر» ــ (للعلم فإن السلفية الجهادية تمثل شذوذا بين التيار السلفى). • فى الوقت نفسه، تلقيت على بريدى الإلكترونى بيانا خلا من التوقيع تحت عنوان: 44 كذبة عن الدستور تضمن قائمة بالمطاعن وأوجه النقد التى وجهت إليها والرد عليها. فى تقديمه أشارت الجهة التى أصدرته إلى أن بعض وسائل «الإعلام الفاسد» التى يملكها رجال أعمال تابعون للنظام السابق روجت لتلك الأكاذيب التى لا أصل ولا وجود لها فى المشروع. الكذبة الأولى أن الدستور إخوانى ويثبِّت أقدامهم فى السلطة، وقد تم الرد عليها بأنه لا توجد فى النص المعلن مادة واحدة لها علاقة بالإخوان من قريب أو بعيد. من الأكاذيب الأخرى الإدعاء بأن الدستور يؤسس لدولة دينية. وفى الرد عليه أن الدستور توجد به مواد تسعى لتطبيق مبادئ الشريعة فى إطار الدولة المدنية. منها أيضا الإدعاء بأن الدستور يظلم الأقباط. وفى الرد على ذلك ذكر البيان أنه يعطى المسيحيين لأول مرة فى تاريخ مصر حرية بناء دور العبادة بدون قيد أو شرط، كما أنه يعطى لهم الحق فى الاحتكام لشريعتهم فى الأحوال الشخصية واختيار قياداتهم الروحية. منها كذلك ان الدستور يسمح للرئيس بتغيير حدود البلاد أو التنازل عن أراضى الدولة لغير المصريين. وفى الرد أنه لا توجد مثل هذه المادة على الإطلاق. منها أيضا حكاية سماح الدستور بزواج القاصرات، التى ذكر أن النصوص لم تتعرض لها من قريب أو بعيد. على هذا المنوال رد البيان على الشائعات الأخرى التى أثيرت حول المرأة والحريات العامة وحرية الصحافة واستقلال القضاء ووضع الجيش والمحاكمات العسكرية وتمثيل العمال والفلاحين فى البرلمان...إلخ. لا أستطيع القول بأن هذه القراءات تمثل الرأى العام فى مصر، لكننى أزعم أنها قد تعبر عن بعض أوجه الاختلاف فى قراءته، وهو اختلاف أزعم أنه فى ظل الاستقطاب الراهن صار أعمق وأوسع بكثير مما نظن. الأمر الذى أقنعنى بتعذر إمكانية التوافق حول أى بديل له، حتى فى ظل انتخاب جمعية تأسيسية أخرى تبدأ الرحلة من الصفر. بل أذهب إلى أن تشكيل تلك الجمعية والمعايير اللازمة لذلك سوف يصطدم بعقبة انعدام التوافق، التى صارت عقدة لا حل مرئيا لها فى المناخ السائد. وربما كان المخرج الممكن من الأزمة، إذا وافقت الأغلبية فى الاستفتاء على المشروع. هو تجميع انتقادات العقلاء والخبراء التى قيل لنا إنها تنصب على نحو 15 مادة، ثم الالتزام بتعديلها من خلال البرلمان الذى سينتخب بعد ذلك. وهو المسعى الذى يبذله الآن نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكى. أما إذا لم توافق الأغلبية على المشروع فلن يكون أمامنا سوى أن نبدأ الرحلة من بدايتها. وأرجو أن يطول بنا العمر حتى نشهد نهايتها توافقا على تأسيسية أخرى تعد دستورا جديدا. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور فى زمن اللا توافق الدستور فى زمن اللا توافق



GMT 07:55 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

رائحة الديمقراطية!

GMT 07:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

نصرة.. ونعمة.. وصدفة

GMT 07:49 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

صراع النجوم.. ومن (يشيل الليلة)!!

GMT 07:46 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

من حكايا دفتر المحبة.. التى لا تسقط (٤)

GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon