توقيت القاهرة المحلي 20:19:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لم تتوقعه إسرائيل

  مصر اليوم -

ما لم تتوقعه إسرائيل

فهمي هويدي

حين تبعث إسرائيل برسائل إلى بعض الأصدقاء والوسطاء للتدخل لوقف إطلاق النار فى اليوم التالى لبدء حملة انقضاضها الراهن على قطاع غزة، فذلك مؤشر له أهميته ودلالته التى لا يمكن تجاهلها. ذلك أن أحدا لم يتوقع أن تبدأ هجومها الجوى بسيل الغارات التى أمطرت غزة بالقذائف الصاروخية، مستعرضة بذلك قوتها وعضلاتها، ثم تسارع فى اليوم التالى إلى طلب وقف إطلاق النار مخاطبة بذلك السلطات المصرية والحكومة الفرنسية، بل والحكومة التركية التى نقلت إليها الرغبة عبر طرف ثالث. ليس ذلك وحسب، وإنما دخل على الخط الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى حث الرئيس المصرى محمد مرسى على بذل جهده مع حركة حماس لإعلان وقف إطلاق النار أيضا. الطلب فاجأ قادة حماس، الذين لم ينسوا أنه حين قامت إسرائيل بمحاولة اجتياح غزة فى عام 2008، فإن الجميع أداروا ظهورهم لرجالها مع غيرهم من عناصر المقاومة الذين تتقدمهم حركة الجهاد الإسلامى، وطوال أسبوع كامل ظلت إسرائيل تدك القطاع وتعربد فى سمائه، دون أن يكلف أحد من الأطراف المعنية ــ ومصر على رأسها ـ- خاطره ويتحدث معهم. كأنما كانوا ينتظرون انهيار المقاومين فى القطاع، لكى يخاطبوهم بعد ذلك وهم منكسرون وراكعون. ولما لم يحدث ذلك، تلقت قيادة حماس اتصالا هاتفيا فى نهاية الأسبوع الأول من اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية وقتذاك، الذى كان مسئولا عن الملف الفلسطينى، وعرض عليهم عرضا مهينا لوقف إطلاق النار، مفترضا أن الضربة أضعفتهم وكسرت شوكتهم. وطبقا لما رواه لى مسئول قيادى كبير فى حركة حماس. فإن العرض كان يقضى بوقف إطلاق النار على أن تبقى القوات الإسرائيلية فى مواقعها التى تمركزت فيها داخل القطاع. وقد رفض فى حينه واستمر القتال الذى أدرك الإسرائيليون من خلاله أنهم يمكن أن يدمروا القطاع لكنهم لا يستطيعون كسر إرادة المقاومين. ما الذى تغير هذه المرة ودفع إسرائيل إلى التسرع فى طلب وقف إطلاق النار؟ ردّى على السؤال أنها أدركت أن ثمة متغيرات فى المشهد، بعضها لم تكن واثقة منها تماما، وبعضها فوجئت به تماما. وأزعم أن موقف القاهرة كان أحد المتغيرات التى لم يكن القادة الإسرائيليون مدركين لطبيعته. وأغلب الظن أن إعلان الرئيس مرسى أن مصر لن تترك غزة وحدها، وإيفاده لرئيس الوزراء إلى القطاع فى اليوم التالى للعدوان مباشرة لإعلان مساندة مصر لموقفه لم يكن متوقعا من جانبهم. وحين انضم رئيس الوزراء التركى إلى طاولة بحث الموضوع فى القاهرة، وقدم أمير قطر لكى يعرب عن تضامنه ومساندته، ثم حين أكد ذلك التضامن العاهل السعودى فى الاتصال الهاتفى الذى أجراه مع الرئيس مرسى، وصدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب قراره الذى دعا فيه إلى إعادة النظر فى المبادرات التى طرحت للتسوية السلمية مع إسرائيل، ثم زار القطاع بعض أولئك الوزراء. حين حدث ذلك كله فإن إسرائيل أدركت أن مصر تغيرت وأن الربيع العربى أحدث تطورا نوعيا فى الموقف من الاستعلاء والعربدة التى تمارسها إسرائيل. جدير بالذكر فى هذا الصدد أن الدور التركى كان فاعلا فى المشاورات التى جرت بخصوص العدوان، وأن وزير الخارجية الدكتور أحمد داود أوغلو ورئيس المخابرات التركية كانا ضمن الأطراف التى تعاملت مع المشهد. وكانت المخابرات المصرية تدير تلك المشاورات، علما بأن رئيسها كان فى زيارة لأنقرة حين وقع العدوان الإسرائيلى على القطاع. مما فوجئت به إسرائيل أن المقاومة الفلسطينية استطاعت إسقاط طائرة تجسس بغير طيار، وطائرة أخرى من طراز «إف 16». وأهم من ذلك أنها استخدمت فى الرد على الغارات الإسرائيلية صواريخ وصلت لأول مرة إلى تل أبيب والقدس. وحتى إذا لم تكن قد اسقطت ضحايا إلا أن المفاجأة أحدثت صدمة نفسية للإسرائيليين جعلتهم يعيدون النظر فى حسابات المعركة التى فتحوها. وقد تضاعفت الصدمة حين اكتشفوا أن تلك الصواريخ بعيدة المدى نسبيا كانت محلية الصنع، الأمر الذى يمكن أن يقلب المعادلة فى الصراع، من حيث أنه يعنى أن المقاومة أصبحت تتمتع بقدرات عالية تمكنها من الصمود أمام إسرائيل وتهديد عمقها. من المفاجآت أيضا أن إسرائيل اكتشفت أن القبة الحديدية. عند اختبارها. لا تشكل جدارا يحول دون وصول الصواريخ إليها. لأنه فى وجودها وصلت تلك الصواريخ إلى العمق الإسرائيلى، ولم تعترض  «القبة» إلا على 50٪ من الصواريخ الموجهة من القطاع. وكان قد أطلق منها خلال الأربعة أيام السابقة نحو ألف و80 صاروخا. وتلك فضيحة مزدوجة، لأنها فشلت فى صد كل الصواريخ التى اطلقت من القطاع من ناحية، ومن ناحية لأنها بعثت برسالة طمأنة إلى الإيرانيين كشفت عن محدودية فاعلية القبة الحديدية، التى قيل إنها نصبت أصلا للتصدى للصواريخ الإيرانية فى حالة الاشتباك العسكرى بين البلدين. من الأمور التى أحبطت الإسرائيليين أيضا أن الغارات التى شنوها فشلت فى تدمير منصات الصواريخ الفلسطينية، بدليل أنها واصلت الإطلاق ولم تتوقف حتى الآن. حتى قوات المقاومة الفاعلة ظلت بعيدا عن الاستهداف الإسرائيلى، بدليل أن نصف الضحايا كانوا من المدنيين وأكثرهم من النساء والأطفال. هذه الخلفية لا تجيب فقط على السؤال ما الذى تغير هذه المرة، لكنها تدعونا أيضا لأن نفتح أعيننا وننصت جيدا لأصداء تلك المتغيرات فى الداخل الإسرائيلى ــ شكرا للربيع العربى. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لم تتوقعه إسرائيل ما لم تتوقعه إسرائيل



GMT 19:52 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في حب العمدة صلاح السعدني

GMT 19:50 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

‎فيتو أمريكى ضد الدولة الفلسطينية.. لا جديد

GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon